الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طائر البطريق ومدرسة الحضانة:
في الأقاليم الباردة الجنوبية يعيش نوع من الحيوان يسمى (البنجوين) أو (طائر البطريق) وأشهر مواطنه (رأس هورن) بجنوبي أمريكا وجزائر (فرلكلاند) ورأس الرجاء الصالح و (نيوزيلاندة) واستراليا.. وجزر المحيط المتجمد الجنوبي، وبالرغم من أنه يعتبر من الطيور فهو لا يستطيع الطيران، لأن جناحيه لا يقويان على حمله وهي أشبه بزعنفتين كبيرتين، وقد يستعين بهما وبقدميه العريضتين ذات الأغشية الممتدة بين الأصابع، على السباحة في الماء.
ومن دأبه أنه يقف منتصبًا على قدميه ويمشي على هذه الصورة
…
وإذا حاول السير بسرعة اختل توازنه وهوى على الأرض
…
وهو إذا غضب ضرب بمنقاره وبجناحيه القويين الثقيلين
…
وغذاؤه مقصور على الأسماك وهو يستطيع صيدها بسهولة لأن له قدرة عجيبة على السباحة والغوص في الماء.
وبما أنه يعيش في أشد بقاع العالم برودة فقد وهبه الله -سبحانه- وقاء يحميه من البرد القارس، فتحت كسائه الخارجي من الريش طبقة سميكة من الدهن، كما غطى ريشه بغشاء زيتي يحول دون وصول المطر إلى جلده.
وهو يقضي أيامه ولياليه في البحر بين الثلوج والأمواج المتلاطمة، ولا يقيم على البر إلا عندما يضطر لوضع البيض وتربية الصغار وفي الغالب يكون هذا في أوائل صيف المنطقة المتجمدة الجنوبية
…
وتضع الأنثى بيضتين في وكر من الحصى، وتحتضنهما بالتناوب مع زوجها
…
وبعض مضي خمسة أسابيع يخرج منهما فرخان كبيران شرهان.
يغذيهما والداهما من الأسماك والحيوانات المائية الرخوة التي يحملانها إليهما من البحر، وينمو جسدهما إلى عشرة أمثاله في أسبوعين
…
ومثل هذا النمو السريع يستلزم كميات وافرة من الغذاء
…
ولذا يصرف الوالدان معظم وقتهما بين البحر والوكر منهمكين في صيد كميات كبيرة من الأسماك
…
وفي غيبتهما قد يتعرض الفرخان لخطر كبير، فقد تخطفهما بعض الطيور الجارحة،
وقد يتحركان خارج الوكر ويضلان السبيل فلا يستطيعان العودة إليه ويموتان جوعا لندرة وجود الغذاء على الصخور والثلوج وقد تدوسهما أقدام الطيور الكبيرة.
ولدفع هذه الأخطار يلجأ طيور (البنجوين) إلى حيلة غريبة تصون بها صغارها التي بدأ النشاط يدب فيها.. فتجمعها في مكان خاص، ويتعهد فريق من كبار الوالدين بحراساتها والدفاع عنها مع السماح لها بالتحرك واللعب، داخل نطاق محدود.. بينما يتعهد فريق آخر بشئون التغذية، وقد يكون بين الفريق الأول متطوعون ليس لهم أبناء.. وقد يقوم أفراد من الفريق الثاني بتغذية صغار لا تجمعها به صلة.. مثل هذه الطريقة في الحراسة والتغذية لا تبعد كثيرًا عن النظم المتبعة في مدارس الحضانة عند الإنسان فسبحان الله (الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى) .
وعندما يكتمل نمو الأفراخ تصوم عن الأكل وتذهب إلى شاطئ البحر
…
وتبقى هناك حتى تسقط عنها آخر خصلة من الزغب، ويصبح جسمها مغطى بالريش، وعندئذ تثب في الماء والثلوج، وترحل عن البر مبتعدة عنه مئات الأميال، وتعيش على الأسماك التي تلتقطها من البحر.. وبعد مضي سنتين تدفعها الغريزة نحو البر، لوضع البيض وتنشئة الصغار.. وإذ ذاك تصوم عن الأكل شهرًا كاملاً حتى تظهر الأفراخ.. وبعد أن يهجرها أبناؤها إلى البحر يسقط عنها ريشها وينمو غيره، وأثناء هذه الفترة من التغيير الجثماني تنقطع عن الغذاء.. فهذا الطيور تصوم قبل أن تلقى عليها مسئولية الأبوة.. وتصوم قبل أن تستقل بالجهاد في حياتها.. وتصوم بعد أن يتركها أبناؤها.
ولا شك أن الصيام ضروري لها كما هو ضروري لبعض المخلوقات، ومنها الإنسان.
الصحة والجمال والرشاقة:
ذكر المؤرخ الاجتماعي المشهور (عبد الرحمن بن خلدون) في مقدمة تاريخه المعروفة فضلاً كاملاً ذكر فيه (أثر الجوع في صلاح البشر وأخلاقهم)