الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* وعند ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(25/114-115) : "يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس وهذا أظهر الأقوال.
* وفي "الفروع" لابن مفلح (3/17) : "وإن صاموا ثمانية وعشرين، ثم رأوا هلال شوال قضوا يوماً فقط نقله ابن حنبل واحتج بقول علي رضي الله عنه ولبُعد الغلط بيومين".
وإن صمنا بشاهدين ثلاثين يوماً فلم نر الهلال بعد الثلاثين نفطر على الصحيح من قول الشافعي وإن صمنا بشاهد عدل فلم نر الهلال بعد الثلاثين نفطر، نص عليه في "الأم".
في الرؤية بالحس: اتفقوا على أن من رأى شهر رمضان وجب عليه الصوم إلا ما روي عن عطاء أنه قال: لا يصح إلا بشهادة غيره.
واختلفوا إذا رأى شوالاً وحده هل يفطر أم لا؟ فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد: لا يفطر، وقال الشافعي: يفطر، وبه قال أبو ثور لقوله صلى الله عليه وسلم:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" والجمهور إنما فرقوا بين الصوم والفطر سدًّا للذريعة لأن الصوم ثقيل على النفوس لا يتهم أحد عليه، وأما الفطر فالعادة أنه تتوق إليه النفوس الضعيفة ولو ترك لهم المجال لادّعى كل ضعيف النفس رؤيته وينتهك حرمة رمضان، وأن الصوم عبادة، والفطر فضيلة ولا يسوى بينهما (1) .
قال النووي في "المجموع"(6/295) : "ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنه لا تقبل شهادة النساء في هلال رمضان، وحكاه ابن المنذر عن الليث واختاره ابن الماجشون المالكي، ولم يحك عن أحد قبولها".
مذاهب العلماء فيما إذا رأى الهلال أهل بلد دون غيرهم:
عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إِلى معاوية بالشام قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهلّ على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت
(1)"إرشاد المسترشد"(ص310) لمحمد ولي بن المنذر الأنصاري.
المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أو لا تكتفي رؤية معاوية وصيامه فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم والترمذي وأبو داود.
* بوّب النووي في شرح صحيح مسلم "باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم" وقال (3/141) : فيه حديث كريب عن ابن عباس، وهو ظاهر الدلالة للترجمة، والصحيح عند أصحابنا أن الرؤية لا تعم الناس، بل تختص بمن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة. وقال بعض أصحابنا: تعم الرؤية في موضع جميع أهل الأرض، فعلى هذا نقول: إنما لم يعمل ابن عباس بخبر كريب؛ لأنه شهادة فلا تثبت بواحد، لكن ظاهر حديثه أنه لم يردّه لهذا وإنما ردّه لأن الرؤية لم يثبت حكمها في حق البعيد.
* قال ابن حجر: اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:
أحدها: لأهل كل بلد رؤيتهم، وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس ما يشهد له، وحكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه، وحكاه الماوردي وجهاً للشافعية.
ثانيها: مقابله إذا رؤي ببلدة لزم أهل البلاد كلها.
قال النووي في "المجموع": عن الليث والشافعي وأحمد يلزم الجميع، قال: ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي يعني مالكاً وأبا حنيفة (6/282) .
قال ابن حجر: -وهو المشهور عند المالكية-، لكن حكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه، وقال: أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلاد كخراسان والأندلس.
قال القرطبي: قد قال شيوخنا إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع ثم نقل إلى غيرهم بشهادة اثنين لزمهم الصوم.
وقال ابن الماجشون: لا يلزمهم الشهادة إلا لأهل البلد الذي ثبتت فيه الشهادة إلا أن يثبت عند الأمام الأعظم فيلزم الناس كلهم لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع.
وقال بعض الشافعية: أن تقاربت البلاد كان الحكم واحداً وإن تباعدت فوجهان: لا يجب عند الأكثر، وبه قال النووي.
واختار أبو الطيب وطائفة الوجوب وحكاه البغوي عن الشافعي.
وفي ضبط البعد أوجه: أحدهما: اختلاف المطالع قطع به العراقيون والصيدلاني وصححه النووي في "الروضة" و"شرح المهذب". ثانيها: مسافة القصر قطع به الإمام والبغوي وصححه الرافعي في "الصغير" والنووي في "شرح مسلم" ا. هـ بتصرف.
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(14/358) : "إلى القول الأول أذهب؛ لأن فيه أثراً مرفوعاً وهو حديث حسن تلزم به الحجة، وهو قول صاحب كبير لا مخالف له من الصحابة، وقول جماعة من فقهاء التابعين، ومع هذا، إن النظر يدل عليه عندي؛ لأن الناس لا يكلفون علم ما غاب عنهم في غير بلدهم، ولو كلفوا ذلك لضاق عليهم. أرأيت لو رؤي بمكة أو بخراسان هلال رمضان أعواماً بغير ما كان بالأندلس ثم ثبت ذلك وبزمان عند أهل الأندلس أو عند بعضهم، أو عند رجل واحد منهم، أكان يجب عليه قضاء ذلك وهو قد صام برؤية وأفطر برؤية أو بكمال ثلاثين يوماً كما أمر، ومن عمل بما يجب عليه مما أمر به فقد قضى الله عنه، وقول ابن عباس عندي صحيح في هذا الباب والله الموفق للصواب.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(25/105، 107) : "فالصواب في هذا والله أعلم ما دلّ عليه قوله "صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون"، فإذا شهد شاهد ليلة الثلاثين من شعبان أنه رآه بمكان من الأمكنة قريب أو بعيد وجب الصوم. وكذلك إذا شهد بالرؤية نهار تلك الليلة فعليهم إمساك ما بقي سواء كان من إقليم أو إقليمين.
وقال ابن تيمية (25/104) : الذين قالوا لا تكون رؤية لجميعها، كأكثر أصحاب
الشافعي منهم من حدد ذلك بما تختلف فيه المطالع: كالحجاز مع الشام، والعراق مع خراسان، وكلاهما ضعيف، فإن مسافة النصر لا تعلق لها بالهلال.
وأيضاً فإن هلال الحج ما زال المسلمون يتسكعون فيه برؤية الحجاج القادمين، وإن كان فوق مسافة القصر.
وأيضاً إذا اعتبرناها كمسافة القصر، أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم فعليه أن يصوم ويفطر وينسك وآخر بينه غلوة سهم لا يفعل شيئاً من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين.
ثم يقول "والاعتبار ببلوغ الرؤية في وقت يفيد. الأشبه أنه إن رؤي بمكان قريب وهو ما يمكن أن يبلغهم خبره في اليوم الأول فهو كما لو رؤي في بلدهم، ولم يبلغهم، وأما إذا رؤي بمكان لا يمكن وصول خبره إليهم إلا بعد مضي الأول فلا قضاء عليهم".
وقال (ص107)"فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ لقوله "صوموا لرؤيته" فمن بلغه أنه رؤي ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً، وهذا يطابق ما ذكره ابن عبد البر في أن طرفي المعمورة لا يبلغ الخبر فيهما إلا بعد شهر فلا فائدة فيه، بخلاف الأماكن الذي يصل الخبر فيها قبل انسلاخ الشهر فإنها محل الاعتبار.
ويقول ابن تيمية في (ص108) : وهذا الذي ذكرته هو الذي ذكره أصحابنا، إلا وجوب القضاء إذا لم يكن مما يمكنهم فيه بلوغ الخبر.
والحجة فيه أنا نعلم بيقين أنه ما زال في عهد الصحابة والتابعين يرى الهلال في بعض أمصار المسلمين، بعد بعض، فإن هذا من الأمور المعتادة التي لا تبديل لها، ولابد أن يبلغهم الخبر في أثناء الشهر، فلو كانوا يجب عليهم القضاء لكانت هممهم تتوفر على البحث عن رؤيته في سائر بلدان الإسلام، كتوفرها على البحث عن رؤيته في بلده، ولكان القضاء يكثر في أكثر الرمضانات، ومثل هذا لو كان لنقل، ولما لم ينقل دل على أنه لا أصل له، وحديث ابن عباس يدل على هذا فتلخص: أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدي بتلك الرؤية الصوم أو الفطر أو النسك وجب اعتبار ذلك بلا شك، والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك.