الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في وداع رمضان
إخوتاه:
إذا أكمل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفوا ما عليهم من العمل وبقى ما لهم من الأجر وهو المغفرة.
من وفّى ما عليه من العمل كاملاً وفّى له الأجر كاملاً، ومن سلم ما عليه موفرا تسلم ماله نقدًا لا مؤخرًا.
ما بعتكم مهجتي إلا بوصلكم
…
ولا أسلمها إلا يدًا بيد
فإن وفيتهم بما قلتم وفيت أنا
…
وإن أبيتم يكون الرهن تحت يدي
ومن نقص من العمل الذي عليه، نقص من الأجر بحسب نقصه فلا يلم إلا نفسه.
قال سلمان: الصلاة مكيال فمن وُفى وفيّ له ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين. فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال من وفّاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين، أما يستحيي من يستوفى مكيال شهواته ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.
غدًا توفى النفوس ما كسبت
…
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم وإن أساؤا فبئس ما صنعوا
كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكمال، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده وهؤلاء الذين (يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) .
كانوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منهم بالعمل، وقد سمعوا قول الله عز وجل:(إِنما يتقبل الله من المتقين) .
عن فضالة بن عبيد قال: لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إليّ من الدنيا وما فيها لأن الله يقول: (إِنما يتقبل الله من المتقين) .
* وقال مالك بن دينار، الخوف على العمل أن لا يتقبل أشد من العمل.
* وقال عبد العزيز بن أبي داود: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهمّ أيقبل منهم أم لا؟
* وخرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد الفطر فقال في خطبته: "أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يومًا وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم".
كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم، ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً فلا أدري أيقبله مني أم لا، ورأى وهيب بن الورد قومًا يضحكون في يوم عيد فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين!!
* وعن الحسن قال: إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.
لعلك غضبان وقلبي غافل
…
سلام على الدارين إن كنت راضيًا
فياليت شعري من هذا المقبول فنهنّيه، ومن هذا المحروم فنعزيه.
ماذا فات من فاته خير رمضان، وأي شيء أدرك من أدركه فيه الحرمان، كم بين من حظه فيه القبول والغفران، ومن كان حظه فيه الخيبة والخسران.
متى يغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟ من يقبل من رد في ليلة القدر.
متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟!
إذا الروض أمسى مجدبًا في ربيعه
…
ففي أي حين يستنير ويُخصِبُ
كل ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يقطع، ثم يوقد في النار.
* من فرط في الزرع في وقت البدار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسران.
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرما
…
واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرًا
…
مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما
…
تراه يحصد إلا الهمّ والندما
* يا إخوتاه شهر رمضان يفاض على المتقين في أوله خلع الرحمة والرضوان، ويعامل أهل الإحسان بالفضل والإحسان، وأما أوسط الشهر فالأغلب عليه المغفرة، وأما آخر الشهر فيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار واستوجب النار بالذنوب الكبار، وإنما كان يوم الفطر من رمضان عيد لجميع الأمة لأنه تعتق فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.
* رُؤى بعض العارفين ليلة عيد يبكي على نفسه وينشد:
بحرمة غربتي كم ذا الصدود
…
ألا تعطف عليّ ألا تجودُ
سرور العيد قد عمّ النواحي
…
وحزني في ازدياد لا يبيد
فإن كنت اقترفت خلال سوء
…
فعذري في الهوى أن لا أعود
فيا أرباب الذنوب العظيمة: الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فما منها عوض ولا لها قيمة فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة، والمنحة الجسيمة.
يا من أعتقه مولاه من النار: إياك أن تعود بعد أن صرت حرا إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك من النار وتتقرب منها، وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها.
وإن امرءًا ينجو من النار بعدما
…
تزوّد من أعمالها لسعيدُ
إن كانت الرحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة للمتقين فالظالم غير محجوب عنها.
إن كان لا يرجوك إلا محسن
…
فمن الذي يرجو ويدعو المذنب
فيا أيها العاصي وكلنا ذلك لا تقنط من رحمة الله بسوء أعمالك، فكم يعتق من النار في هذه الأيام من أمثالك، فأحسن الظن بمولاك وتب إليه فإنه لا يهلك على الله هالك
إذا أوجعتك الذنوب فداوها
…
برفع يد بالليل والليل مظلمُ
ولا تقنطن من رحمة الله إنما
…
قنوطك منها من ذنوبك أعظمُ
فرحمته للمحسنين كرامة
…
ورحمته للمذنببن تكرمُ
كان بعض السلف إذا صلى استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم ارحموا مَنْ حسناتهُ كلها سيئات وطاعاته كلها غفلات.
أستغفر الله من صيامي
…
طول زماني ومن صلاتي
يوم يرى كله خروق
…
وصلاته أيّما صلاة
مستيقظ في الدجى ولكن
…
أحسن من يقظتي سباتي
من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود" (1) .
"كان حسان بن أبي سنان يصوم الدهر ويفطر على قرص ويتسحر بآخر، فنحل وسقم جسمه حتى صار كهيئة الخيال، فلما مات وأدخل مغتسلة ليغسل كشف الثوب عنه فذا هو كالخيط الأسود قال: وأصحابه يبكون حوله.
قال حُريث: فحدثني يحيى البكاء وإبراهيم بن محمد العُرنيّ قالا: لما نظرنا إلى حسان على مغتسله وما قد أبلاه الدءوب استدمع أهل البيت وعلت أصواتهم فسمعنا قائلاً يقول من ناحية البيت:
(1)"لطائف المعارف".
تجوع للإله لكي يراه
…
نحيل الجسم من طول الصيام
فوالله ما رأينا في البيت إلا باكيًا ونظرنا فلم نجد أحدًا.
قال حريث بن طرفة: فكانوا يرون أن بعض الجن قد بكاه" (1) .
* أين من كان إذا صام صان الصيام، وإذا قام استقام في القيام، أحسنوا الإسلام ثم رحلوا بسلام، فما بقى إلا من إذا صام افتخر بصيامه وصال، وإذا قام عجب بقيامه وقال: كم بين خليّ وشجيّ، وواجد وفاقد، وكاتم ومبدي.
"عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومنْ فَرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان
…
على خير شهر قد مضى وزمانِ
سلام على شهر الصيام فإنه
…
أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة
…
فما الحزن من قلبي عليك بفان" (2)
"شهر رمضان، وأين هو شهر رمضان؟ ألم يكن منذ لحظات بين أيدينا، ألم يكن ملء أسماعنا وملء أبصارنا؟ ألم يكن هو حديث منابرنا، زينة منائرنا، وبضاعة أسواقنا، ومادة موائدنا، وسمر أنديتنا، وحياة مساجدنا فأين هو الآن!! "(3) .
* أي شهر رمضان، أي سلطان الشهور وجامع البشر والسرور جمع
(1)"لطائف المعارف".
(2)
"التبصرة" لابن الجوزي (1/199) .
(3)
"وداع رمضان" لمحمد عبد الله دراز.
البستان للزهور، أي شهر رمضان باث الأنس والحبور بث البدور للنور.
* أي شهرنا الكريم، وموسم خيرنا الوسيم، أي شهر المكرمات والكرامات، انجابت فيك الظلمات والظلامات، وتضاعفت فيك الحسنات، وفتحت أبواب السموات، لو لم يكن لك من الفضل إلا ليلة القدر، وتردد الملائكة حتى مطلع الفجر لكان كفاية في تفضيلك ونهاية في تبجيلك.
* أي شهر الأرواح، تهتز فيك وترتاح، وتطير بغير جناح.
* أي شهر النعيم ووددنا أن لو كان شهرك حجة (1) ويا ليتك فينا ما تزال مقيمًا.
* أي شهرنا الذي هيم نفوسنا، أي شهرنا المعظم قدره، المشرف ذكره.
"لقد ذهبت أيامه وما أطعتم، وكتبت عليكم فيه آثامه وما أضعتم، وكأنكم بالمشمرين فيه وقد وصلوا وانقطعتم، أترى ما هذا التوبيخ لكم أو ما سمعتم".
ما ضاع من أيامنا هل يغرمُ
…
هيهات والأزمان كيف تقوّمُ
يوم بأرواح تباع وتشترى
…
وأخوه ليس يسام فيه درهم
قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحنُّ ومن ألم فراقه تئن.
دهاك الفراق فما تصنعُ
…
أتصبر للبين أم تجزع
إذا كنت تبكي وهم جيرة
…
فكيف تكون إذا ودّعوا
* كيف لا تجرى للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يدري هل بقى له في عمره إليه رجوع.
تذكرت أيامًا مضت ولياليا
…
خلتْ فجرتْ من ذرهنّ دموعُ
ألا هل لها يوماً من الدهر عودة
…
وهل لي إلى يوم الوصال رجوعُ
وهل بعد إعراض الحبيب تواصل
…
وهل لبدور قد أفلن طلوعُ
(1) سنة.
* أين حرق المجتهدين في نهاره، أين قلق المتهجدين في أسحاره، كيف حال من خسر في أيامه ولياليه، ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه، وقد عظمت فيه مصيبتُ وجَل عزاؤه. كم نصح المسكين فما قبل النصح، كما دُعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح، كم يشاهد الواصلين فيه وهو متباعد، كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاق به الوقت، وخاف المقت، ندم على التفريط حين لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في وقت العدم.
أتترك من تحب وأنت جار
…
وتطلبهم وقدْ بعد المزار
وتبكي بعد نأيهم اشتياقا
…
وتسأل في المنازل أين ساروا
تركت سؤالهم وهم حضور
…
وترجو أن تخبرك الديارُ
فنفسك لُمْ ولا تلم المطايا
…
ومتْ كمدا فليس لك اعتذارُ
* يا شهر رمضان تَدَققْ، دموع المحيين تَدفَّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّقْ. عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام ما تخرّق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يُعتق.
عسى وعسى من قبل وقت التفرقِ
…
إلى كلّ ما يرجو من الخير تلتقي
فيجبر مكسور ويقبل تائب
…
ويعتق خطّاء ويسعد من شقى (1)
***
(1)"لطائف المعارف" لابن رجب.
مواعظ
موعظة
…
أخي: من صام عن الطعام والشراب فصومه عادة.
ومن صام عن الربا والحرام وأفطر على الحلال من الطعام فصومه عدة وعبادة.
ومن صام عن الذنوب والعصيان وأفطر على طاعة الرحمن فإنه صائم رضي.
ومن صام عن القبائح وأفطر على التوبة لعلام الغيوب فهو صائم تقى.
ومن صام عن الغيبة والبهتان وأفطر على تلاوة القرآن فهو صائم رشيد.
ومن صام عن المنكر والأغيار وأفطر على الفكرة والاعتبار فهو صائم سعيد.
ومن صام عن الرياء والانتقاص وأفطر على التواضع والإخلاص فهو سالم.
ومن صام عن خلاف النفس والهوى وأفطر على الشكر والرضا فهو صائم غانم.
ومن صام عن قبيح أفعاله وأفطر على تقصير آماله فهو صائم مشاهد.
ومن صام عن طول أمله وأفطر على تقريب أجله فهو صائمٌ زاهد.
قال ابن القيم: الصوم لجام المتقين وجنة المحاربين ورياضة الأبرار والمقربين وهو لرب العالمين.
***
يا قادمًا بالتقى في عينك الحبّ
…
طال اشتياقي فكم يهفو لكم قلبُ
صبرت عامًا أمني قرب عودتكم
…
نفسي فهل يدنو لكم سرب
قل هل طيفكمو فاخضر عامرنُا
…
والله أكرمنا إذ جاءنا الخصبُ
ففيكموا يرتقي الأبرار منزلةً
…
والخاملون كسالى زرعهم جدب (1)
يقول الشاعر:
للعناق الألاّق قم اطلق
…
الروح
…
تُلقَّاهُ بكرة وعشيا
بانجذاب الأشواق رُح باشر
…
الإقبال تَحسُو الأنوارَ.. طلقًا ظميا
وتزود بخير زاد -هي التقوى-
…
اتخذ بُرْدَها المباركَ زيًا
عبْرَ روضاته الفسيحات فاسبح
…
تقطف الهدى منه شهدًا جنيا
عند أعتاب بابه فتمسح
…
تبلغ الروح منك سقف الثريا
واعمل الصالحات فيه فإن الأجر
…
يربُو.. فاغنمه ربحا رضيا
وانصب الوجه للعلي تعالى
…
(إنه كان وعده مأتيا)
وعلى عشرة الأواخر فانكبَّ دءوبًا
…
وانهض بهن حفيا
شمر الساعدين.. أسرج قوى الإيمان
…
تطوى بها السويعات طيا (2)
قال صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يخلف قوم يحبون السَّمانة، يشهدون قبل أن يُستشهدوا"(3) .
(1) المجلة الحربية رمضان (1414هـ) .
(2)
المجلة الحربية رمضان (1411هـ) - للشاعر فريد قرني.
(3)
رواه مسلم عن أبي هريرة.
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: كنا نغازي ومعنا عطاء الخرساني وكان يحيي الليل صلاة فإذا كان في جوف الليل نادى من فسطاطه يا يزيد ين جابر يا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يا هشام بن الغاز قوموا فتوضئوا فصلوا، قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أهون من مقطعات الحديد ولباس القطران الوحاء ثم الوحاء ثم الوحاء، النجاء ثم النجاء ثم يقبل على صلاته" (1) .
عن الهيثم بن جماذ قال: دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال لي: أدخل تعالى نبكي على الماء البارد في اليوم الحار.
عن مالك قال: بلغني أن حسين بن رستم الأيلي دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر فقال: إني وعدت الله وعدا، وأنا أكره أن أُخلف الله ما وعدته.
* قالوا: الصوم لذة الحرمان.
* وقالوا: الصوم رجولة مستعلنة وإرادة مستعلية (2) .
* قالوا: رمضان شهر الحرية عما سوى الله، "وفي الحرية تمام العبودية، وفي تحقيق العبودية تمام الحرية" كما يقول أحمد بن خضرويه.
* قالوا: رمضان شهر القوة فليس الشديد بالصرعة إما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
"والصيام الذي فرضه الله على المسلمين فيه الجمع بين القوتين المعنوية والمادية جمعا رائعًا منسجمًا يعطي أحسن الثمار".
وهو من الناحية المعنوية يعطي المسلم ثلاث قوى معنوية لها أكبر الأثر في سعادة الأفراد والجماعات:
(1)"شعب الإيمان".
(2)
"أحكام الصيام وفلسفته في ضوء القرآن والسنة" للدكتور مصطفى السباعي المكتب الإسلامي.
أولاهما- الصبر: وما أدراك ما الصبر وخاصة في ميدان المعركة.
ثاثيهما: الطاعة: امتثالاً لأمر الله وطاعة لرسوله.
"وهل كان خالد بن الوليد يصل إلى المثل الأعلى في القائد الذي يعزل وهو في قلب المعركة فيسلم القيادة إلى غيره، ثم ينخرط جنديًّا يقاتل بنفس الروح العالية التي كان يقاتل بها وهو قائد، ثم يقول قولتة المشهورة: "إنما أحارب لرب عمر لا لعمر".
ثالثها: النظام: فالمسلم في رمضان يأكل بنظام، وينام بنظام، ويستيقظ بنظام، والمجتمع الإسلامي في رمضان مجتمع يتجلّى فيه النظام بأروع مظاهره.
هذه هي الأخلاق التي يغرسها الصيام في نفس المسلم: الصبر والطاعة والنظام.
أترون أمة من الأمم تتحلى بهذه القوى المعنوية، ثم تجد سبيلها إلى الانهيار.
أترون جيشًا يتحلى أفراده بهذه الأخلاق القوية، ثم يجد نفسه على عتبة الهزيمة.
فلا تنس وأنت تصوم رمضان أن الله يريد أن يجعلك بالصيام مثال "القوي الأمين فحذار أن ينسلخ عنك رمضان وأنت "الضعيف الخائن" (1) .
وأنشد بعضهم:
الصوم جنة أقوام من النار
…
والصوم حصن لمن يخشى من النار
والصوم ستر لأهل الخير كلهم
…
الخائفين من الأوزار والعار
والشهر شهر آله العرش من به
…
رب رحيم لثقل الوزر ستار
فصام فيه رجالٌ يربحون به
…
ثوابهم من عظيم الشأن غفار
فأصبحوا في جنان الخلد قد نزلوا
…
من بين حور وأشجار وأنهار
(1) بتصرف من كلام الدكتور مصطفى السباعي في كتابه "أحكام الصيام وفلسفته".