الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نعم، ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين. واتفقوا على تحريم النذر في المعصية، واختلافهم إنما هو في وجوب الكفارة.
صوم الكفارات
سبق ذكره في "الصوم على أربعين وجها":
قال تعالى: (لا يُؤَاخِذُكمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقدتُّمُ الأَيمَانَ فَكَفَّارَتُة إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكمْ أَوْ كِسْوَتُمْ أَوْ تحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّم يَجِدْ فَصِيَام ثَلاثةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفارَة أَيْمَانِكُم إِذَا حَلَفتُمْ وَاحْفَظوا أَيْمَانَكمْ كذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُم آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ)[المائدة: 89] .
وقال تعالى: (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) .
قال مجاهد: كل شيء في القرآن "أوْ" نحو قوله: (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فهو فيه مخير، وما كان (فمن لم يجد) فهو على الولاء أي على الترتيب. رواه الطبراني بسند صحيح.
وقال عطاء: ما كان في القرآن (أو أو) فلصاحبه أن يختار أيها شاء.
سنده صحيح.
وقال عكرمة: كل شيء في القرآن "أو أو" فليتخير أي الكفارات شيء، فإذا كان (فمن لم يجد) فالأول الأول.
قال ابن بطال: هذا متفق عليه بين العلماء.
مسألة [اختلافهم في اشتراط تتابع الأيام
الثلاثة في صوم الكفارة]
ذهب مالك والشافعي إلى عدم اشتراط التتابع ويجزئه التفريق وإن كانا استحباه ودليلهم أن التتابع صفة، تجب إلا بنص أو قياس على منصوص وقد عدما.
* وذهب أبو حنيفة والثوري والمزني وأحد قولي الشافعي إلى وجوب التتابع وسبب اختلافهم في ذلك شيئان: أحدها: هل يجوز العمل بالقراءة التي
ليست في المصحف؟ وذلك أن في قراءة عبد الله بن مسعود (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) والسبب الثاني: اختلافهم هل يحمل الأمر بمطلق الصوم على التتابع أم ليس يحمل إذا كان الأصل في الصيام الواجب بالشرع إنما هو التتابع.
مسألة: "قال أبو حنيفة في الرجل يقول: هو يهودي أو نصراني أو برئ من الإسلام أو من النبي أو من القرآن إنها يمين تلزم فيها الكفارة، ولا تلزم فيها، إذا قال: واليهودية والنصرانية والنبي والكعبة إن كانت على صيغة الإيمان"(1) .
* عن كعب بن عجرة قال: أتيته - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - فقال: ادن فدنوت، فقال:"أيؤذيك هوامك؟ " قلت: نعم. قال: "فدية من صيام أو صدقة أو نسك" رواه البخاري.
***
(1) القرطبي (4/2268) .
ما يباح للصائم فعله
من رحمه الله بعباده ورفعًا للحرج عن أمة حبيبه صلى الله عليه وسلم، أباح الشارع للصائم فعل أشياء:
(1)
الصائم يصبح جنبًا:
من أدركه الفجر وهو جنب من أهله، فيغتسل بعد الفجر ويصوم.
وكذلك الحائض والنفساء إذا انقطع الدم من الليل جاز لهما تأخير الغسل إلى الصبح وأصبحتا صائمتين.
عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم"(1) .
(2)
السواك للصائم:
قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء"(2) .
قال ابن حجر في "الفتح"(4/188) : "يقتضي إباحته في كل وقت وعلى كل حال".
قال ابن عمر يستاك أول النهار وآخره.
وقال ابن سيرين: لا بأس بالسواك الرطب. قيل له طعم. قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به.
قال ابن حجر في "تلخيص الحبير"(2/202) : "روى الطبراني بإسناد جيد عن عبد الرحمن بن غنم. قال: سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم؟ قال: نعم. قلت: أي النهار؟ قال: غدوة أو عشية. قلت: إن الناس يكرهونه عشية ويقولون إن رسول صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" قال: "سبحان الله لقد أمرهم بالسواك، وما كان بالذي يأمرهم أن ييبسوا بأفواهم عمدًا، ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر".
(1) أخرجه البخاري ومسلم ومالك.
(2)
أخرجه البخاري.
فالسواك عام قبل الزوال وبعده.
(3)
المضمضة والاستنشاق:
إلا أنه تكره المبالغة فيهما. عن لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" (1) .
قال ابن قدامة: "وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلي حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عليه".
قال عطاء: إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس إن لم يملك.
(4)
المباشرة والقبلة للصائم:
عن عائشة- رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه"(2) .
(5)
تحليل الدم وضرب الإبر والحقن التي في العضل أو الوريد:
ليست من المفطرات "لأنها ليست منصوصًا عليها ولا بمعنى المنصوص ولكن الاحتياط أن الإنسان لا يستعمل مثل هذه الإبرة وهو صائم إلا في حال مرض يبيح له الفطر وحينئذ يفطر ويستعملها". كما قال الشيخ ابن عثيمين.
(6)
الحجامة:
وهو أخذ الدم من الرأس أو من عرق من العروق، وكذا القصد. فقد كانت من جملة المفطرات ثم نسخت، وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما:" أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم"(3) .
(1) صحيح: أخرجه أصحاب السنن والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي والألباني وصححه الألباني في "إرواء الغليل": رقم (90) - (935) وفي "حقيقة الصيام"(ص 20) .
(2)
أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي. انظر: "إرواء الغليل"(4/80-85) .
(3)
أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي.
(7)
الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين:
هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده لأن العين ليست بمنفذ للجوف، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" وفي رسالته "حقيقة الصيام" وتلميذه ابن القيم في "زاد المعاد".
قال البخاري في "صحيحه": "لم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسًا".
(8)
صب الماء البارد على الرأس والاغتسال:
بوّب البخاري في صحيحه: "باب اغتسال الصائم، وبلّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوبًا فألقاه عليه وهو صائم" ودخل الشعبي الحمام وهو صائم.
وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم" (1) .
وكان صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر" (2) .
(9)
ذوق الطعام: وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق.
عن عطاء عن ابن عباس قال: "لا بأس أن يذوق الخل والشيء يريد شراءه"(3) .
وعن ابن عباس قال: "لا بأس أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه يمجه"(4) .
(1) صححها الحافظ ابن حجر في "الفتح"(4/182- 183) .
(2)
صحيح: أخرجه أبو داود وأحمد. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" و"صحيح سنن أبي داود".
(3)
حسن: رواه أحمد والبخاري معلقًا ووصله ابن أبي شيبه وحسن الألباني إسناده في "إرواء الغليل" رقم (973) .
(4)
رواه البيهقي وسكت عنه الحافظ في "الفتح"، وحسن سنده الألباني في "إرواء الغليل"(4/86) .
(10)
السلف للصائم الترفه والتجمل بالترجل والإدهان كما قال ابن حجر. وأيضاً التطيب.
عن ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا كان صوم أحدكم فليصبح دهينًا مترجلاً"(1) .
(11)
ما لا يمكن الاحتراز منه كبلع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والنخامة ونحو ذلك.
(12)
العلك: كل ما يمُضغ ويبقى في الفم كالمصطكي واللبان قال ابن حجر في "الفتح"(4/190) : "رخص في مضغ العلك أكثر العلماء إن كان لا يتحلب منه شيء فمان تحلب منه شيء فازدرده فالجمهور على- أنه يفطر.
(13)
قال ابن المنذر: "أجمعوا على أنه لا شيء على الصائم فيما يبتلعه مما جرى مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على إخراجه"(2) .
***
(1) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم.
(2)
"فتح الباري"(4/190) .