الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التاسع عشر
الصوم علاج رباني
(وإذا مرضت فهو يشفين)
"لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب"
حديث حسن
الصموم علاج رباني
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ آدمى وعاء شرًا من بطنه بحسب ابن آدم أُكُلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"(1)
وفي رواية "لقيمات" وهو جمع قلة أقل من عشرة.
وقبل أن نتكلم عن أثر الصوم في علاج الأمراض نقول بداية إن الصوم عبادة نفعلها تعبدًا لله تعالى واستسلامًا لأمره، لا نعللها بأغراض مادية ولا نجعل من هذه غاية التشريع ومقصد المشرع فالعبادة أسمى من هذا بكثير.
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر في كتابه "من توجيهات الإسلام": "من الخير للمؤمنين أن ينظروا إلى ما طلبه الله منهم نظرة غير هذه النظرة، نظرة أسمى منها وأجل ذلك أنهم عباد لله خاضعون، وأنهم مربوبون لرب العالمين، فمن شانه أن يأمر بما شاء أمرًا مطلقًا لا تقييد فيه بما يفهمه الناس أو لا يفهمونه، بل لا تقيد فيه بما يشتمل في ذاته على فائدة للناس أو لا يشتمل.
هذا هو سبيل العبادة كما يريدها الله: إخلاص في التقبل، وإخلاص في الامتثال والتنفيذ وثقة واطمئنان ورضا بحكم الله كما أمر به الله".
فمن قصد بالوضوء النظافة فهجرته إلى غير الله، ومن قصد بالصوم العلاج الصحي فهجرته إلى غير الله.
وليس معنى ما ذكرته لكم أيضاً عن العبادات أنه لا يترتب عليها شيء من الآثار النافعة المفيدة، كلا فإن لها آثارًا نشهدها ونراها وندركها بعقولنا، لا أريد أن أتكلم عنِ الآثار الصحية، فإن ذلك شأن الأطباء وهم أهل الاختصاص فيه
(وَمَا أَرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إِلَاّ رِجَالاً نّوحِي إليهم فَاسْأَلُوا أهْلَ الذكرِ إِن كُنتُمْ لا تعْلمُونَ)[النحل: 43] .
(1) صحيح: رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن المقدام بن معد يكرب، ورواه أيضاً ابن المبارك وابن سعد وابن عساكر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (5674) .
ولهذا فنحن في هذه الورقات القليلة نحاول إيجاز ما كتبه الأطباء عن الصوم وإن كان ذلك يحتاج إلى مجلدات: "قيل للحارث بن كلدة طبيب العرب: ما أفضل الدواء؟ قال: الأزم. يريد قلة الأكل"(1) .
* لقد أقيمت للصوم مشاف ومصحات خاصة في معظم الدول الأوربية والأمريكية فيما يعرف "بالصوم الطبي" لقد كانت النتائج مذهلة حقا بينما المعالجات الكيماوية لا تخلو من أضرار جانبية، والصوم الطبي كالعمليات الجراحية ولكنه بدون مشرط فلابد فيه من الإشراف الطبي.
والصوم الطبي معناه "الامتناع عن تناول كل غذاء ما عدا الماء".
* "لقد كان ابن سينا وهو من عمالقة الأطباء يفرض صوم ثلاثة أسابيع في كثير من الحالات المرضية التي كانت تعرض له".
مع أشهر أطباء العالم:
* يقول الطبيب العالمي الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب والجراحة في كتابه "الإنسان ذلك المجهول" وهذا الكتاب حجة عند الأطباء: "إن كثرة وجبات الطعام، وانتظامها، ووفرتا تعطل وظيفة أدت دورًا عظيمًا في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم في بعض الحالات".
ويقول: "إن الأديان كافة لا تفتأ تدعو إلى وجوب الصوم والحرمان من الطعام، إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، ويحدث أحيانًا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بَيْد أنه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك، ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد، وبروتينات العضل والغدد، وخلايا الكبد، وتضحى جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب، وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا".
* كتب الدكتور روبرت بارتولو وهو طبيب أمريكي من أنصار العلاج
(1)"التداوي بالصيام"(ص56) لمحمد إبراهيم سليم. مكتبة ابن سينا.