الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل من الصيام الإسلامي والتجويع، وأن نبين الفروق الجوهرية بينهما.
وظائف الأعضاء في الصيام الإسلامي
تتراوح الفترة الزمنية التي يمتنع فيها المسلم عن تناول الطعام والشراب من 12-16 ساعة، وتقابل هذه الفترة في علم وظائف الأعضاء بمرحلتين في تمثيل الغذاء داخل الجسم:
1-
مرحلة امتصاص الغذاء وتتراوح من 3-5 ساعات تبعًا لكمية ومحتويات الوجبة الغذائية المتناولة في السحور.
2-
مرحلة ما بعد الامتصاص: والتي تبدأ بعد امتصاص جميع المواد الغذائية في وجبة السحور من الأمعاء الدقيقة.
يتكون التمثيل الغذائي من مرحلتين: مرحلة بناء، ومرحلة هدم، وأثناء مرحلة البناء تستخدم المواد الغذائية في البناء، وتقابل مرحلة امتصاص الغذاء، وأثناء مرحلة الهدم تكسر المواد الغذائية بواسطة عمليات الأكسدة لإنتاج الطاقة، في صورة حرارة أو عمل أو طاقة مختزنة، وتقابل مرحلة ما بعد الامتصاص.
1-
مرحلة امتصاص الغذاء: وهي مرحلة البناء
بعد تناول الطعام في وجبة السحور، يرتفع مستوى الجلوكوز والدهون والأحماض الأمينية في الدم، وتبدأ مرحلة البناء والترميم كالتالي:
أولاً: امتصاص الكربوهيدرات:
تمتص الكربوهيدرات في صورة جلوكوز بصورة رئيسية، وتمر أولاً إلى الكبد عبر الدورة البابية.
يزيل الكبد حوالي 60-80% من الكربوهيدرات، وتخزن بعضها في صورة جليكوجين، عن طريق تشجيع عملية تكون الجليكوجين الكبدي (Glycogenesis) ، ويحول الباقي إلى أحماض دهنية وثلاثي الجليسرول، حيث تخزن الأحماض الدهنية تباعًا في النسيج الشحمي، ويدخل باقي الجلوكوز (من 20-40%) إلى الأنسجة الطرفية، حيث يختزن كجليكوجين في العضلات، أو
يؤكسد ليعطي مسافة كيمائية في صرة مركب (أدينوزين ثلاثي الفوسفات) وأشباهه.
وتحفظ الكربوهيدرات معدل جلوكوز الدم ثابتًا، ولو هبط عن معدله لتأثرت جميع الأنسجة التي تعتمد عليه كمصدر أساسي للطاقة، مثل المخ والجهاز العصبي، ويحدث لها حالة مثل التي تحدث لمرضى السكري غير المتحكم فيه.
ينبه ارتفاع الجلوكوز في الدم إفراز الأنسولين، ويقلل من إفراز هرمون الجلوكاجون، والذي يقل بوضوح شديد بعد وجبة غنية بالكربوهيدات.
تتحول الكربوهيدرات إلى دهون، تختزن في العضلات المخططة والكبد والنسيج الشحمي، كما تتحول إلى أحماض أمينية غير أساسية، عندما لا تتوفر هذه الأحماض في الغذاء.
ثانيًا: امتصاص الدهون:
أما الدهون من وجبة السحور، فتمتص وتصل إلى الدورة الدموية عن طريق القناة السليمفاوية الصدرية، لتختزن في خلايا الأنسجة الشحمية، على هيئة ثلاثي الجليسرول (Triacylgiycerol) ، تحت الجلد، وفي العضلات، وفي الأحشاء، وهذا الخلايا تكبر ثم تنكمش، حينما تحدث تغيرات تخزينية لمستوى الدهن فيها، ويعتبر الدهن مخزنا للطاقة ومادة عازلة في الجسم.
ثالثًا: امتصاص الأحماض الأمينية (البروتينات) :
تتحول البروتينات إلى مكوناتها من الأحماض الأمينية، بفعل العصارات الهضمية في المعدة والأمعاء، ثم تمتص هذه الأحماض ولا تختزن كما هي، ولكن تستخدم في تكوين البروتين الذي يزداد نتيجة لتثبيط عملية تصنيع جلوكوز جديد (Gluconeogenesis) في الكبد فور تناول الوجبة؛ كما يؤكسد الكبد مزيدًا منها.
تتحلل الأحماض الأمينية الزائدة إلى جزء آزوتي، يتحول إلى بولينا تخرج معه البول، وإلى جزء غير آزوتي قد يتحول إلى جليكوجين يخزن في
الكبد، أو يتحول إلى دهن، يخزن في الجسم لوقت الحاجة.
والخلاصة أن التأثير الكلي لوجبة الغذاء - (في السحور) ، بناء على ما سبق-، هو تقديم مخزون للجسم من الكربوهيدرات في الكبد، والعضلات، ومخزون من الدن (ثلاثي الجليسرول) في النسيج الشحمي، والكبد، واستخدام الأحماض الأمينية في تصنيع البروتين في كل أنسجة الجسم، وخاصة الكبد، وتقديم الأحماض الدهنية الأساسية والفيتامينات والمعادن، والتي لا يمكن للجسم أن يصنعها بداخله، وتتوقف عليها عمليات الاستقلاب الأساسية.
2-
فترة ما بعد الامتصاص: وهي مرحلة الهدم:
تبدأ هذه المرحلة بعد تناول وجبة السحور بحوالي 4-6 ساعات بعدما تمتص جميع محتويات الأمعاء الدقيقة، وتتراوح فترة ما بعد الامتصاص من (6-12) ساعة من امتصاص الطعام، وقد تمتد حتى 40 ساعة، وبما أن الصيام الإسلامي يبدأ من بداية مرحلة الامتصاص، وعلى اعتبار أن الصوم في المناطق المدارية حوالي 15 ساعة، فإن عدد ساعات الصيام الإسلامي لن تتعدى غالبًا فترة ما بعد الامتصاص.
ويمكن تلخيص أهم الأحداث في هذه المرحلة فيما يلي:
1-
تتوقف جميع المواد الغذائية التي تصل الجسم من خلال الأمعاء خلال هذه الفترة، ويعتمد الجسم البشري على المخزون من الغذاء للحصول منه على الطاقة، ويحرك هذا المخزون هبوط تركيز جلوكوز الدم، وفي بداية هذه المرحلة يكون مصدر الجلوكوز في الدم ناتج من تحلل الجليكوجين الكبدي، وتأخذ جميع أنسجة الجسم الطاقة منه.
2-
يهبط مستوى الجلوكوز في الدم، فيؤدي إلى نقص إفراز الإنسولين (الذي كان مرتفعًا في فترة الامتصاص) ، وهذا يعمل كمنبه لإفراز هرمون الجلو-كاجون، وهذه التغيرات الهرمونية تؤدي إلى ازدياد تحلل الجليكوجين الكبدي، وتثبيط تكونه، وازدياد تصنيع جلوكوز جديد في الكبد، لأن تحلل الجليكوجين بمفرده لا يكون قادرًا على إنتاج الجلوكوز الكافي، خصوصًا كلما
اتجهنا لنهاية هذه المرحلة، فيصنع جلوكوز إضافي من الأحماض الأمينية في الكبد، وخصوصًا من حمض الألانين لذلك فالكبد يقدم خلال هذه المرحلة كل جولكوز الجسم، (75% منه من تحلل الجليكوجين، 25% من عملية تصنيع جلوكوز جديد) ، وبالتالي فالأنسجة التي تعتمد اعتمادًا أساسيًا على الجلوكوز مثل المخ، وكرات الدم الحمراء، تستهلك الجلوكوز، ولا تتأثر بتاتًا بأي نقص فيه في مرحلتي الامتصاص وما بعد الامتصاص، وهما يمثلان فترة الصيام الإسلامي.
3-
ينقص تكون الدهن (ثلاثي الجليسرول) وتخزينه، ويزداد تحلله، بسبب ارتفاع هرمون الجلوكاجون، وهبوط الإنسولين والجلوكوز في الدم، مما يؤدي إلى تنشيط إطلاق الأحماض الدهنية الحرة من النسيج الشحمي، والتي تؤكسد لتمد معظم الأنسجة باحتياجاتها من الطاقة، مثل العضلات والقلب، وتحفظ بهذا معظم الجلوكوز للأنسجة الأخرى، وفي نهاية هذه المرحلة يعتمد الجسم أساسًا على أكسدة هذه الدهون.
4-
معدل تحلل الدهون وهبوط الإنسولين في الدورة البابية خلال هذه الفترة، لا يكون بالقدر الذي يشجع الكبد لتحويل الأحماض الدهنية الحرة إلى أجسام كيتونية، ولا يزال المخ في هذه الفترة يستخدم الجلوكوز فقط.
5-
تبدأ الأحماض البروتينية في الانطلاق تحت تأثير هبوط الإنسولين، كنتيجة للنقص الشديد في تصنيع بروتين العضلات، وخصوصًا حمضي الجلوتامين والألانين، حيث يشاركان في عملية تصنيع الجلوكوز الجديد في الكبد، الذي يعزز الجلوكوز المنتج بواسطة تحلل الجليكوجين) ، والنتيجة النهائية للتغيرات في تركيز هرموني (الإنسولين والجلوكاجون، هو توفير الجلوكوز، وإطلاق الأحماض الدهنية الحرة من النسيج الشحمي، فتستهلك العضلات الطرفية والنسيج الشحمي، جلوكوزًا أقل في نهاية هذه المرحلة، وتعتمد أكثر على الأحماض الدهنية كمصدر رئيسي للطاقة.
هناك علاقة بين نسبة أكسدة الأحماض الدهنية واستهلاك الجلوكوز بواسطة