الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه"(1) ، وفي رواية "وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر".
فيكون "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده" خبراً عن النداء الأول ليكون موافقاً لحديث ابن عمر وعائشة، قال البيهقي: وعلى هذا تتفق الأحاديث: وقال البيهقي: هذا محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادى قبل طلوع الفجر.
الركن الثاني: وهو الإمساك
أجمعت الأمة على تحريم الطعام والشراب والجماع على الصائم، وممن نقل الإجماع ابنُ المنذر.
قال تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) .
* واختلفوا من ذلك في مسائل:
(أ) منها ما هو مسكوت عنه.
(ب) ومنها ما هو منطوق به (الحجامة والقيء) .
المسكوت عنه:
فهو ما يرد الجوف من غير المغذيات، وما يرده من المغذيات من غير طريق الطعام والشراب كالحقنة، وما يرد داخل الأعضاء دون الجوف كالدماغ مثلاً فإن ما يدخل من الأذنين يصل إليه ولا يصل إلى الجوف.
* فذهب الشافعي وأبو حنيفة وأحمد إلى إفطار كل ما وصل إلى الجوف سواءً وصله من طريق الغذاء أم لا، وكذلك كل ما وصل إلى الدماغ للتداوي للجائفة والمأمومة وما يدخل الأذنين.
(1) صحيح: رواه أحمد والحاكم وأبو داود عن أبي هريرة، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (613) .
* وذهب مالك إلى أن المفطر كل ما وصل الحلق من أي منفذ كان مغذ أو غير مغذ، وما لم يصل إليه ليس بمفطر كالتداوي للجائفة والمأمومة واختلف عنه في الحقنة فمرة رُوي عنه أنها تفطر؛ لأنها تصل إلى الجوف مباشرة ومرة قال: لا؛ لأنا لا تصل إلى الحلق. ونفصّل:
(1)
إذا ابتلع الصائم ما لا يؤكل في العادة كدرهم ودينار أو تراب أو حصاة أو حشيشاً أو ناراً أو حديداً أو خيطاً أو غير ذلك أفطر.
وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف وخلاف ذلك عن أبي طلحة والحسن بن صالح وبعض أصحاب مالك.
(2)
إذا بقي في خلل أسنانه طعام فينبغي أن يخلّله في الليل وينقي فمه، فإن أصبح صائماً وفي خلل أسنانه شيء فابتلعه عمداً أفطر عند الشافعي ومالك وأحمد وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة: لا يفطر.
(3)
إذا جرى ريقه ولم يقدرعلى دفعه ومجه لا يفطر، ويفطر إذا قدر فلم يفعل وابتلعه. وفيها تفصيل:
ابتلاع الريق لا يفطر بالإجماع إذا كان على العادة لأنه يعسر الاحتراز منه. وإنما يفطر بثلاثة شروط:
الأول: أن يتمحض الريق فلو اختلط بغيره وتغير لونه أفطر بابتلاعه.
الثاني: أن يبتلعه من معدته، فلو خرج من فيه ثم رده بلسانه أوغير لسانه وابتلعه أفطر.
الثالث: أن يبتلعه. على العادة فلو جمعه قصداً ثم ابتلعه فيها وجهان أصحهما: لا يفطر.
ولو اجتمع ريق كثير بغير قصد بأن كثر كلامه أوغير ذلك بغير قصد فابتلعه لم يفطر بلا خلاف.
(4)
غبار الطريق وما يشق الاحتراز منه لا يفطر.
(5)
لو ابتلع شيئاً يسيراً كحبة السمسم أفطر عند جمهور العلماء.
(6)
اتفق العلماء على أنه إذا ابتلع ريق غيره أفطر.
(7)
الحقنة الشرجية: مفطرة عند الشافعي ونقله ابن المنذر عن عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. وقال الحسن بن صالح وداود وشيخ الأسلام ابن تيمية: لا.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(25/233-234) : "وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة والجائفة فهذا مما تنازع فيه أهل العلم، فمنهم من لم يفطّر بشيء من ذلك، ومنهم من فطّر الجميع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل ولا بالتقطير ويفطر بما سوى ذلك.
والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد بها الصوم لكان هذا مما يجب على الرسول صلى الله عليه وسلم بيانه، ولو ذكر لعلمه الصحابة وبلّغوه للأمة.
(8)
السعوط: إذا وصل إلى الدماغ يفطر عند الشافعي وحكاه ابن المنذر عن الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة ومالك وإسحاق وأبي ثور، وقال داود لا يفطر.
(9)
الطعام الباقي بين أسنانه إذا ابتلعه: "قال ابنُ المنذر: أجمع العلماء على أنه لا شىِء على الصائم فيما يبلعه مما يجري مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على رده، قال: فإن قدر على رده فابتلعه عمداً، قال أبو حنيفة: لا يفطر، وقال سائر العلماء: يفطر وبه أقول"(1) .
مذاهب العلماء في الاكتحال:
قال النووي: "جائز عندنا ولا يكره ولا يفطر به، سواء وجد طعمه في حلقه أم لا.
وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي ثور.
وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى الصحابيين، وبه قال داود.
(1)"المجموع"(6/347) .
* وقال سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى: يبطل صومه.
* وقال قتادة: يجوز بالأثمد ويكره بالصبر.
* وقال مالك وأحمد: يكره، وإن وصل إلى الحلق أفطر" (1) .
فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية:
سُئل عمن أفطر في رمضان؟
فأجاب: إن أفطر في رمضان مستحلاً لذلك، وهو عالم بتحريمه استحلالاً له، وجب قتله. وإن كان فاسقاً عُوقب عن فطره في رمضان بحسب ما يراه الإمام، وأخذ منه حد الزنا، وإن كان جاهلاً عرف بذلك، وأخذ منه حد الزنا، ويرجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام والله أعلم (2) .
من أكل أو شرب ناسياً:
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل أو شرب ناسياً فلا يفطر، فإنما هو رزقٌ رزقه الله"(3) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة"(4) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نسي فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"(5) .
وعند البخاري: "من أكل ناسياً وهو صائم فإنما أطعمه الله وسقاه".
مذاهبُ العلماءِ في الأكل وغيره ناسياً:
مذهب الشافعية: لا يُفطر بشيء ناسياً الصوم (6) ، وبه قال الحسن البصري ومجاهد
(1)"المجموع"(6/387-388) .
(2)
"مجموع فتاوى"(25/265) .
(3)
صحيح.
(4)
رواه الدارقطني، وقال النووي: إسناده صحيح أو حسن.
(5)
رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخارى.
(6)
سواء كان الصوم صوم تطوع أم فريضة وهو الأصح والراجح.