الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن حدّد ذلك بمسافة قصر أو إقليم فقوله مخالف للعقل والشرع.
* ومن لم يبلغه إلا بعد الأداء، وهو مما لا يقضي كالعيد المفعول والنسك فهذا لا تأثير له، وعليه الإجماع الذي حكاه ابن عبد البر.
* وأما إذا بلغه في أثناء المدة: فهل يؤثر في وجوب القضاء؟ وفي بناء الفطر عليه، والقضاء يظهر لي أنه لا يجب وفي بناء الفطر عليه نظر. فهذا متوسط في المسألة.
* والقول بشمول كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة يقول فيه الألباني: "أخذ بعموم الحديث الصحيح، وبخاصة أنه مذهب الجمهور، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (المجلد 25) والشوكاني في "نيل الأوطار" وصديق حسن خان في "الروضة الندية" (1/224-225) وغيره، فهو الحق الذي لا يصح سواه، ولا يعارضه حديث ابن عباس لأمور ذكرها الشوكاني رحمه الله، ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين، أو يروا هلالهم.
وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره على عمومه؛ يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلاً كما قال ابن تيمية في "الفتاوى"(25/107) وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هو معلوم، ولكنه يتطلب شيئاً من اهتمام الدول حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى. وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك، فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها، تقدمت في صيامها أو تأخرت، لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد، كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين والله المستعان" (1) .
إذا رأى القمر نهاراً
اختلفوا إذا رأى القمر نهاراً:
(1)"تمام المنة في التعليق على فقه السنة"(ص398) الطبعة الثالثة- المكتبة الإسلامية.
* فذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لليلة المقبلة وهو رواية عن أحمد.
* وقال أحمد وأبو يوسف والثوري وابن حبيب المالكي: إذا رآه قبل الزوال فهو للماضية، وإذا رآه بعده فهو للمقبلة.
وسبب الخلاف:
أولاً: أنه ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك.
والثاني: أنه ورد أثران في ذلك عن عمر، أحدهما عام والآخر خاص، فأما العام فما رواه أبو وائل شقيق بن سلمة قال:"أتانا كتاب عمر ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى يشهد رجلان أنهما رأياه بالأمس" رواه الدارقطني والبيهقي إسناد صحيح وبه أخذ الجمهور.
وأما الخاص فهو ما رواه الثوري عنه أنه بلغ عمر أن قوماً رأوا الهلال بعد الزوال فأفطروا فكتب إليهم يلومهم وقال: "إذا رأيتم الهلال نهاراً قبل الزوال فأفطروا، وإذا رأيتموه بعد الزوال فلا تفطروا". وبه أخذ من فرّق بين الرؤية في أول النهار وفي آخره والله أعلم.
قال ابن حجر في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروا الهلال"(4/145) : "ظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلاً أو نهاراً لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل، وبعض العلماء فرّق بين ما قبل الزوال أو بعد وخالف الشيعة الإجماع فأوجبوه مطلقاً، وهو ظاهر في النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال".
فرع:
قال النووي في "المجموع"(6/292) : "لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان ولم ير الناس الهلال، فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا المنام لا لصاحب المنام ولا لغيره، ذكره القاضي حسين في الفتاوى وآخرون من أصحابنا. ونقل القاضي عياض الإجماع عليه، لأن شرط الراوي والمخبر والشاهد أن يكون متيقظاً حال التحمل، وهذا مجمع عليه ومعلوم أن النوم لا تيقظ فيه، ولا ضبط،