الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يريد لأمر يرجع إلى نفس لفظ الجواب؛ فإن قوله عليه السلام: (فلا إذن ....) لو نطق به وحده لم يفهم منه السامع شيئًا أصلًا.
وقوله: (لا آكل) جملة مستقلة؛ لحسن السكون عليها، ويستقل العقل بفهم معناها، وإنما جاء عدم الاستقلال من جهة العادة أن مثل هذا الكلام، إذا قيل عقيب قول القائل:(كل عندي) إنما يفهم منه تعلقه بما تقدم، أما لو لم يتقدمه هذا السؤال، استقل بنفسه، ولم يضم إليه غيره، عادة، ولا لغة.
(فائدة)
لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب، هل ينقص، إذا جف
؟ لأنه كان لا يعلم ذلك، بل كان يعلمه، وإنما قصد بهذا السؤال تنبيههم على علة المنع، وسبب السؤال والجواب، ومحاولة اللفظ، تتقرر العلة في أذهانهم، ويتضح الحكم إيضاحًا قويا، فهذا هو حكمة السؤال، لا يحصل العلم بالمسئول عنه.؟
قوله: (إن كان أعم فيما سئل عنه):
قلنا: هذه العبارة غير وافية بالمقصود، بل ينبغي أن يقول:(أعم مما سئل عنه) حتى يكون أزيد أفرادًا من السؤال.
أما قوله: (فيما سئل عنه يقتضي أن عمومه لا يتعداه، فجعل السؤال ظرفًا له، والمظروف لا يتعدي الظرف؛ لأن لفظة (في) تقتضي الظرفية.
(فائدة)
لم يقض رسول الله صلى الله عليه وسلم على بئر (بضاعة) بشيء، لا بطهارة، ولا بنجاسة، بل ذكر ضابطًا عاما للماء
، فكأنه قال: اعرضوا بئر (بضاعة) على هذا الضابط، فإن كان لم يتغير، فهو طهور، وإلا فنجس.
وقد فهم جماعة من أئمة الحديث وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم في بئر (بضاعة) بالطهورية، حتى قال بعضهم:(دخلت إلى البستان الذي فيه البئر بالمدينة، فوجدته صغيرًا): ذكر مساحته، ثم قال: قيل: هذه المساحة لا يضرها التغير؛ لأنه- عليه السلام حكم له بالطهورية مع قولهم: (إنه يلقي فيه الجيف والنتن) ذكره أبو داود، وهذا غير متجه لمن تأمل وجه الصواب.
قوله: (أعم من غير ما سئل عنه، لقوله- عليه السلام لما سئل عن البحر: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته):
تقريره: أنه ليس هاهنا لفظ مفرد هو أعم من ماء البحر، بل مجموع اللفظين الماء، والميتة هو الأعم من السؤال، فالجواب أعم من السؤال.
قوله: (لو صرح الشارع بحمل اللفظ على عمومه، لجاز):
قلنا: لا نزاع في الجواز، بل في الطهور؛ فالخصم يدعي أن اللفظ ظاهر في القصر على السبب؛ كظهور اللفظ في الحقيقة دون المجاز، مع أن التصريح بالمجاز جائز إجماعًا، بل المفيد أن يقولوا: لو صرح بحمل اللفظ على عمومه، لم يكن ذلك مخالفة للظاهر، فهذا هو محل النزاع.
قوله: (حملوا آية السرقة وغيرها على العموم، ولم يقل أحد: إن ذلك خلاف الأصل):
قلنا: إن ادعيتم أن أحدًا لم يعتقد ظهور اللفظ في اختصاصه بسببه، فهذا مصادرة، فالمسألة ليس فيها إجماع، لا في السلف، ولا في الخلف، فدعوى الإجماع باطلة قطعًا، وإن ادعيتم أنه لم يقل أحد: إن ذلك خلاف القرائن المرشدة لحمل تلك العمومات على عمومها فمسلم، ولكن لا نزاع عند قيام القرائن، إنما النزاع عند التجرد عن القرائن؛ فإن الأصل يراد به الظاهر الراجح، وقد يكون الرجحان للقرائن، وقد لا يكون لاقتضاء السبب، والسؤال المتقدم كذلك.