الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل)
ذكر الإمام في (البرهان) من هذه المسائل التي فرع البحث فيها عددًا، وسماه (كتاب التأويل) وكذلك ذكره جماعة من الأصوليين، وسموه بهذا الاسم، وذكروا هذه المسائل، فينبغي ذكره هاهنا؛ تحصيلاً لتلك الفوائد، وتوفية بما اشترطته في هذا الشرح أنى لا أجد فائدة إلا ذكرتها.
قال الإمام: التأويل بمجرده ليس مسموعًا، بل لابد من دليل عاضد، وذلك الدليل ينقسم إلى مقبول، وغير مقبول:
قال: فأذكر مسائل اضطرب فيها نظر العلماء؛ يظهر فيها المقبول من غير المقبول:
(مسألة)
استدل القاضي في اشتراط الولي بقوله عليه السلام: (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل) الحديث
. قال الحنفية: يحمل على الصغيرة.
أجيبوا بأنها لا تسمى امرأة، كما لا يسمى الصبي رجلاً، ثم إن الصغيرة عندهم، لو عقدت على نفسها كان العقد موقوفًا على إجازة الولي.
قالوا: معناه: يؤول للبطلان عند رد الولي، كما في قوله تعالى:{إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 30].
أجيبوا بأن النكاح له عاقبتان: الجواز، إن أمضى، والرد، إن رد فلا يتعين أحدهما للتعيين؛ بخلاف الموت، قالوا: يحمل على الأمة. أجيبوا بأن نكاحها صحيح موقوف، وبأنه عليه السلام قال:(فإن مسها فلها المهر) ومهر الأمة لسيدها.
قال متأخروهم: إرادة التحقيق تحمل على المكاتبة؛ لأنها تستحق المهر.
قال: فأكثر أصحابنا قبل هذا التأويل، ورده القاضي والشافعي؛ لأن أدوات الشرط غاية، فتخصيصها بغير دليل لا يصح، لا سيما في ابتداء تأسيس القواعد منه صلى الله عليه وسلم.
قال المازري في (شرح البرهان): إذا تأكد العموم، يمتنع تخصيصه، وهاهنا قد أكد بقوله:(باطل باطل باطل) ثلاث مرات، ورد عليه أن التأكيد لا يمنع المجاز، ولا التخصيص؛ لأن قوله تعالى:{وكلم الله موسى تكليمًا} [النساء: 164] مؤكد بالمصدر، وهو مجاز خلافًا للأكثرين؛ لأن تكليم الله - تعالى - خلق علمًا ضروريًا في نفس موسى عليه السلام أو غيره تكون نسبته إلى ما قام بذات الله - تعالى - كنسبة السماع للأصوات، وخلق العلم في اللغة لا يسمى تكليمًا في اللغة حقيقة، بل مجازًا؛ من مجاز التشبيه من جهة استواء النسبة.
وكذلك قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33] مصدر مؤكد، ومع ذلك فالتطهير هاهنا ليس إزالة النجاسة حقيقة، إنما هي معنوية، فهو مجاز مع التأكيد، والمجاز أبعد من التخصيص، فجواز التخصيص أولى.
وكقوله تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعًا} [الزمر: 53] مع أنه مخصوص بالكفر إجماعًا، وبأحاديث الشفاعة، فإنها دلت على دخول جماعة النار، ولا مغفرة مع العذاب.
وأكثر المتقدمين يشيرون إلى أن التأكيد يمنع المجاز، فأردت أن أعرف أن الواقع خلافه، ويقولون: التكليم في الآية يجب أن يكون حقيقة؛ لأنه أكد بالمصدر، والأمر كما ترى.