الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«من قرأ: (العالمين) فهم الإنس والجن، جمع عالم، ومن قرأ (العالمين) فهو جمع العالم، خصّ أهل العلم بها.
والقراءة بفتح اللام لتتابع القراء عليه.» «1»
ونحو قوله تعالى: حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران 179] قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف: (يميّز) بالتشديد، وقرأ الباقون:(يميز) بالتخفيف. قال أبو علي:
«ولقولهم: (ماز) من المزية أن أكثر القراء عليها، وكثرة القراءة بها تدل على أنها أكثر في استعمالهم.» «2»
ونحو قوله تعالى: لَعَلَّكَ تَرْضى [طه 130]، قال مكي:
«قرأ الكسائي وأبو بكر بضم التاء، على ما لم يسمّ فاعله، والذي قام مقام الفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم، والفاعل هو الله جل ذكره، تقديره: لعل الله يرضيك بما يعطيك يوم القيامة، و (لعل) من الله واجبة.
وقرأ الباقون بفتح التاء، جعلوا الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: لعلك ترضى بما يعطيك الله، ودليله قوله: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى 5]، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه.» «3»
هـ- التفسير:
- نحو قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة 37]، قرأ ابن كثير:(آدم من ربه كلمات) بنصب (آدم) ورفع (كلمات)، وقرأ الباقون (آدم من ربه كلمات) برفع (آدم) ونصب (كلمات).
قال ابن زنجلة: «وحجتهم ما روي في التفسير في تأويل قوله:
(1) المعاني: 2/ 264.
(2)
الحجة (ع): 3/ 113.
(3)
الكشف: 2/ 107.
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ أي: قبلها، فإذا كان آدم القابل، فالكلمات مقبولة.» «1»
ونحو قوله تعالى: وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ [البقرة 81]، قال ابن زنجلة:
«قرأ نافع: (وأحاطت به خطيئاته) بالألف، وحجته أن الإحاطة لا تكون للشيء المنفرد، إنما تكون لأشياء
…
وحجة أخرى: جاء في التفسير: قوله: (بلى من كسب سيئة
وأحاطت به خطيئاته) أي: الكبائر، أي: أحاطت به كبائر ذنوبه.» «2»
ونحو قوله تعالى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [ص 58]، قرأ أبو عمرو ويعقوب:(وأخر) جمعا، وقرأ الباقون:(وآخر) مفردا.
قال أبو علي: «روي عن ابن مسعود وقتادة أنهما قالا: الزمهرير، فتفسيرهما يقوي قراءة من قرأ:(وآخر) بالتوحيد، كأنه: ويعذب به آخر، لأن الزمهرير واحد.
ويجوز على تفسيرهما الجمع: (وأخر) على أن يجعل أجناسا يزيد برد بعضه على بعض على حسب استحقاق المعذّبين ورتبهم في العذاب، فيكون ذلك كقولهم: جمالان، وتمران، ونحو ذلك من الجموع التي تجمع وتثنى إذا اختلفت، وإن لم تختلف عندي
…
» «3»
والآثار:
- وهذه الآثار على ضربين:
الأول: آثار تنعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة بعض أصحابه واختياره رضوان الله عليهم.
والآخر: آثار يرد فيها ما يتخذ حجة لترجيح لفظ أو معنى.
- فمن الأول قوله تعالى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس
(1) الحجة (ز): 95.
(2)
الحجة (ز): 102.
(3)
الحجة (ع): 6/ 79، وانظر الحجة (ز):615.
58]، قال ابن زنجلة: «قرأ يعقوب في رواية رويس: (فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون) بالتاء فيهما
…
وحجته أنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي بن كعب قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقرأ عليك)، قال: قلت: وقد سماني ربك؟
قال: (نعم) قال: فقرأ عليّ- يعني النبي صلى الله عليه وسلم: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون) بالتاء
…
«1» » «2»
ومنه قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً [الروم 54]، قال مكي:«قوله: (ضعف) قرأه أبو بكر وحمزة بفتح الضاد، في ثلاثة مواضع في هذه السورة، وقد ذكر عن حفص أنه رواه عن عاصم، واختار الضم لرواية قويت عنده، وهو ما رواه ابن عمر قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ضعف) يعني بالفتح، قال: فردّ عليّ النبي صلى الله عليه وسلم (من ضعف) يعني بالضم، في الثلاثة «3» .
وروي عنه أنه قال: ما خالفت عاصما في شيء مما قرأت به عليه إلا في ضم هذه الثلاث كلمات «4» .
(1) المسند: أحمد بن محمد بن حنبل، تحقيق: حمزة أحمد الزين، دار الحديث، القاهرة، ط 1، 1995 م، كتاب مسند الأنصار، باب حديث عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بن كعب، برقم (21036)، ص 15/ 424 - 425؛ وسنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت، كتاب الحروف والقراءات، برقم (3980، 3981)، ص 4/ 33.
(2)
الحجة (ز): 333.
(3)
الجامع الصحيح (سنن الترمذي)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، كتاب القراءات، باب: ومن سورة الروم، برقم (2936)، ص 5/ 174؛ وسنن أبي داود، كتاب الحروف والقراءات، برقم (3978، 3979)، ص 4/ 32؛ ومسند أحمد، تحقيق: أحمد محمد شاكر، كتاب مسند المكثرين من الصحابة، باب مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب، برقم (5227)، ص 4/ 549.
(4)
كذا، وصوابه: الكلمات الثلاث، أو الثلاث الكلمات.
وقرأ الباقون فيهن بالضم، وهما لغتان كالفقر والفقر.» «1»
ومنه قوله تعالى: تُساقِطْ عَلَيْكِ [مريم 25]، قراءة يعقوب:(يسّاقط) بياء مفتوحة وسين مشددة. قال الأزهري: «قوّى قراءة يعقوب ما حدثنا محمد بن إسحاق عن الصغاني عن أبي عبيد عن يزيد عن هارون عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقرأ: (يسّاقط). وروي عن مسروق مثله.» «2»
ومنه قوله تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ [الأحقاف 25]، قال ابن خالويه: «قرأ عاصم وحمزة: (لا يرى إلا مساكنهم) بالياء على ما لم يسم فاعله، و (مساكنهم) بالرفع على تقدير: لا يرى شيء إلا مساكنهم. وقرأ الباقون:
(لا ترى) بالتاء على خطاب النبي عليه السلام، (إلا مساكنهم) بالنصب مفعول بها، أي: قد هلكوا فلا يحسّ لهم أثر خلا المنازل والمساكن. واحتج أصحاب هذه القراءة بما حدثني ابن مجاهد عن السّمّري عن الفراء قال: حدثني محمد بن الفضل الخراساني عن عطاء عن أبي عبد الرحمن قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقرأ: (لا ترى إلا مساكنهم).» «3»
ومنه قوله تعالى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ [البقرة 48]، قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب:(ولا تقبل) بالتاء، وقرأ الباقون:(ولا يقبل) بالياء.
قال مكي في الاحتجاج للقراءة بالياء: «وذكر أبو عبيد عن ابن مسعود أنه قال: ذكّروا القرآن، وإذا اختلفتم في الياء والتاء فاجعلوها ياء.» «4»
- ومن الآخر قوله تعالى: وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ [البقرة 164]، قرأ حمزة والكسائي وخلف:(الريح) بالإفراد، وقرأ الباقون:(الرياح) بالجمع.
(1) الكشف: 2/ 186، وانظر المعاني: 2/ 267، وإعراب السبع: 1/ 233، والموضح: 2/ 585.
(2)
المعاني: 2/ 134.
(3)
إعراب السبع: 2/ 319 - 320.
(4)
الكشف: 1/ 238، وانظر إعراب السبع: 1/ 342، والحجة (خ): 76، والحجة (ع):
2/ 53 (وفيه نقد لهذه المقولة)، والكشف: 1/ 354، 2/ 37.
قال مكي: «ووجه القراءة بالجمع في (تصريف الرياح) هو إتيانها من كل جانب، وذلك معنى يدل على اختلاف هبوبها، فهي رياح لا ريح
…
وأيضا فإن هذه المواضع أكثرها لغير العذاب، وقد قال النبي عليه السلام حين رأى ريحا هبت:
(اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا)«1» ، فعلم أن الريح بالتوحيد أكثر ما تقع في العذاب والعقوبات، وليست هذه المواضع في ذلك، واعلم «2» أن الرياح بالجمع تأتي في الرحمة، فواجب من الحديث أن يقرأ بالجمع إذ ليست للعقوبات.
ووجه القراءة بالتوحيد أن الواحد يدل على الجمع، لأنه اسم للجنس، فهو أخف في الاستعمال، مع ثبات معنى الجمع فيه.
والاختيار الجمع، لأن عليه الأكثر من القراء، ولأنه أبين في المعنى، لأنه موافق للحديث.» «3»
ومنه قوله تعالى: فَنِعِمَّا هِيَ [البقرة 271]، قال ابن خالويه:
«وقرأ أبو عمرو ونافع في سائر الروايات وعاصم في رواية أبي بكر: (نعمّا هي) بكسر النون وإسكان العين.
وزعم بعض النحويين أنه أردأ القراءات، لأنه قد جمع بين ساكنين: الميم والعين، وليس أحدهما حرف لين، والاختيار إسكان العين، لأن هذه اللفظة رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: (نعمّا بالمال
(1) جزء من حديث في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: نور الدين الهيثمي، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش، دار الفكر، بيروت، 1994 م، كتاب الأذكار، باب ما يقول إذا هاجت الريح، برقم (17126)، ص 10/ 195؛ قال: «وفيه حسين بن قيس
…
المقلب بحنش، وهو متروك».
(2)
كذا، ولعل الصواب: وعلم.
(3)
الكشف: 1/ 271، وانظر الحجة (خ): 91، والحجة (ع): 2/ 257، 4/ 34 - 35، والحجة (ز): 119، والهداية: 1/ 186، والموضح: 1/ 307.