الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه التكلف في تعليل أبي علي هذا: قوله بالقلب المكاني دون أن يكون في اللفظ ما يدعو إليه، وأقرب منه تعليل ابن خالويه هذا الهمز بأن العرب قد تهمز بعض ما لا يهمز تشبيها بما يهمز «1» ، وهو مما سمّاه د. رمضان عبد التواب حذلقة في اللغة «2» .
4 - الخلاف:
- وجد خلاف النحويين سبيله إلى كتب الاحتجاج، على أنه في الجوانب الصوتية فيها كان يسيرا، ولعل ما حال دون أن يتفشى فيها تفشّيه في سائر أبواب العربية ما تقدّم الحديث عنه في (التعليل) من أن النظر في الجوانب الصوتية كان ماديا يحيل على الحسّ وقوامه حديث الاستخفاف والاستثقال، وهو أمر لا تختلف فيه الآراء اختلافا كثيرا.
وهذا الخلاف إما أن يكون بين النحويين أنفسهم من بصريين وكوفيين، وإما أن يكون بين النحاة والقراء.
فمن الأول قول ابن خالويه: «قوله تعالى: تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء 1]: قرأ حمزة والكسائي وعاصم: (تساءلون به) مخففة، وكان أبو عمرو يخيّر في التشديد والتخفيف، وقرأ الباقون مشددا.
والأصل في القراءتين: (تتساءلون) بتاءين، فمن خفف أسقط تاء، ومن شدد أدغم التاء في السين، فالتاء الأولى للاستقبال، والثانية هي التي كانت مع الماضي.
قال سيبويه رضي الله عنه: المحذوفة الثانية «3» ، وقال هشام «4»: الأولى،
(1) انظر إعراب السبع: 1/ 262، 264.
(2)
انظر التطور اللغوي: 117 - 118.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 476.
(4)
تقدمت ترجمته في ص 144 من هذا البحث.
وقال الفراء: لا نبالي «1» أيّهما حذفت.» «2»
ومن الآخر قول المهدوي في احتجاجه لمن حقق الهمزتين من كلمة أَئِمَّةَ [التوبة 12] ومن خفف الثانية بقلبها ياء:
«فمن حقق الهمزتين فإنه جاء به على الأصل، ومن خفف الثانية فقلبها ياء فعلى ما قدمناه في باب الهمزتين من استثقال العرب الجمع بين الهمزتين في كلمة، وقد استثقلوا الجمع بينهما في كلمتين، نحو: جاءَ أَحَدَهُمُ [المؤمنون 99].
وقد عاب سيبويه والخليل «3» تحقيق الهمزتين، وجعلا ذلك من الشذوذ الذي لا يعوّل عليه.
والقراء أحذق بنقل هذه الأشياء من النحويين وأعلم بالآثار، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن تحقيق الهمزتين في لغة العرب شاذ قليل «4» ، لأن لغة العرب أوسع من أن يحيط بها قائل هذا القول، وقد اجتمع على تحقيق الهمزتين أكثر القراء، وهم: أهل الكوفة، وأهل الشام، وجماعة من أهل البصرة؛ وببعضهم تقوم الحجة.» «5» «6»
(1) في المطبوع: لا تبالي.
(2)
إعراب السبع: 1/ 127، وانظر الإنصاف: المسألة (93)، 2/ 648 - 650.
(3)
انظر الكتاب: 3/ 548 - 549؛ على أن ابن أبي إسحاق أجازه، انظر المقتضب: 1/ 296.
(4)
انظر الخصائص: 3/ 143.
(5)
الهداية: 2/ 326 - 327.
(6)
انظر فيما وقع في كتب الاحتجاج من خلاف في الجوانب الصوتية المعاني: 1/ 124، 126، 143، 241 - 242؛ وإعراب السبع: 1/ 134 - 135، 226 - 227، 321 - 322، 2/ 67، 271؛ والحجة (خ): 84، 206 - 207؛ والحجة (ع): 2/ 423، 3/ 14، 440 - 441، 4/ 445 - 446؛ والمحتسب: 1/ 84 - 85، 2/ 42؛ والحجة (ز): 92، 625؛ والكشف: 1/ 250 - 251؛ والهداية: 1/ 165 - 166، 173؛ والمفاتيح: 102 - 103؛ والموضح: 1/ 219 - 220، 2/ 743؛ وإعراب الشواذ: 1/ 160.