الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
الخفاء:
- الحروف الخفية هي: حروف المدّ واللين ولا سيما الألف «1» ، والهاء «2» ، والنون الساكنة إذا تقدّمت أحد حروف الفم «3» .
ومعنى الخفاء في هذه الحروف أنها لا تحتاج إلى كبير جهد في النطق، قال ابن جني:
«ولم يسكن أبو عمرو يَأْمُرُهُمْ [الأعراف 157] كما أسكن يَأْمُرُكُمْ [البقرة 67]، وذلك لخفاء الهاء وخفتها، فجاء الرفع على واجبه.
وليست الكاف في (يأمركم) بخفية ولا خفيفة خفة الهاء ولا خفاءها، فثقل النطق بها فحذف ضمتها.» «4»
وقال مكي: «والألف أخفى هذه الحروف، لأنها لا علاج على اللسان فيها عند النطق بها
…
» «5»
حروف المدّ واللين:- ذكر المهدوي أن علة مدّ هذه الأحرف إذا جاء بعدها همزة خفاؤها وبعد مخرج الهمزة، قال: «وأما مدّها بسبب مجاورة الهمزة، فإنما كان ذلك لخفاء
كل واحد من حروف المدّ واللين وبعد مخرج الهمزة. فإذا جاور الهمزة حرف مدّ ولين خفي معها لضعفه وبعد مخرجها، فقصد القراء بالمدّ بيان الحرف وإخراج الهمزة من مخرجها مع المدّ.» «6»
(1) انظر الكتاب: 4/ 436.
(2)
انظر الكتاب: 2/ 421.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 454.
(4)
المحتسب: 1/ 257.
(5)
الرعاية: 103، وانظر الكتاب: 4/ 335 - 336.
(6)
الهداية: 1/ 30، وانظر الكشف: 1/ 46.
- ونصّ ابن أبي مريم على أن الألف «حرف في غاية الخفاء» «1» ، وكان أبو علي أوضح وجه الخفاء في الألف عند احتجاجه لقراءة الكسائي بإمالة الألف المتطرفة من تراءى [الشعراء 61] وقفا بقوله:
«وفي الألف خفاء شديد من حيث لم تعتمد في إخراجها على موضع، فصارت لذلك بمنزلة النفس من أنه لا يعتمد له على موضع، فبيّنها بأن نحا بها نحو الياء وقرّبها منها.
ويدلك على حسن هذا أن قوما يبدلون منها الياء المحضة في الوقف، فيقولون: أفعي، وحبلي «2» ؛ وآخرون يبدلون منها الهمزة، فيقولون: هذه حبلأ، ورأيت رجلأ «3» . فكذلك نحا بالألف بإمالتها نحو الياء ليكون أبين لها
…
» «4»
الهاء:- يدلّ على خفاء الهاء:
1 -
أن هاء الكناية لمّا كانت اسما على حرف واحد، قوّوها بزيادة واو، فقالوا: ضربهو زيد، لتخرجها هذه الواو من الخفاء إلى الإبانة «5» «6» .
2 -
وأنهم لم يعتدّوا بها حاجزا حصينا في مواضع منها:
آ- أنها إذا جاءت بعد كسرة أو ياء، قلبت الواو بعدها ياء، نحو: به وعليه، كرهوا الخروج من كسر إلى ضم، ولم يعتدّوا بالهاء لخفائها «7» «8» .
(1) الموضح: 2/ 943.
(2)
انظر الكتاب: 4/ 181 - 182.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 176 - 177.
(4)
الحجة (ع): 5/ 364 - 365، وانظر المصدر نفسه: 5/ 112.
(5)
انظر المعاني: 1/ 126؛ وإعراب السبع: 1/ 72؛ والحجة (خ): 71؛ والحجة (ع):
1/ 203 - 204؛ والكشف: 1/ 42؛ والهداية: 1/ 19، 26؛ وإعراب الشواذ: 1/ 101.
(6)
انظر الكتاب: 4/ 189، والمقتضب: 1/ 399.
(7)
انظر الحجة (ع): 1/ 61، 207؛ والكشف: 1/ 42؛ والهداية: 1/ 18، 27.
(8)
انظر الكتاب: 4/ 195.
ب- وأن أكثر القراء على حذف صلة الهاء إذا جاءت بعد ساكن، نحو: منه وفيه، كرهوا الجمع بين ساكنين ليس بينهما حاجز إلا الهاء، وهي حرف خفي لا يعتدّ به «1» «2» .
ج- وأنهم أمالوا الألف للكسرة قبلها، وقد حال بينهما حرفان أحدهما الهاء، نحو: يريد أن ينزعها، ويريد أن يضربها، فكأنهم قالوا: ينزعا، ويضربا؛ ولم يعتدوا بالهاء لخفائها «3» «4» .
د- وأن من أتبع الحركة في (ردّ) فقال: ردّ يا هذا، لم يقل إلا: ردّها بالفتح، كأنه قال: ردّا، ولم يعتد بالهاء لخفائها «5» «6» .
3 -
وأن من العرب من يقول في الوقف: منه وعنه، نقلوا حركة الهاء إلى الحرف الذي قبلها ليبينوها بذلك في الوقف، فإذا وصلوا تحركت الهاء فزال بعض الخفاء الذي فيها «7» «8» .
- وزاد ابن أبي مريم على خفاء الهاء بأن جعلها هوائية، قال في الاحتجاج لعدم إبدال تاء الجمع في الوقف هاء: «وإنما لم تبدل من التاء في الجمع الهاء، لئلا يلتبس الجمع بالواحد في: بنات وحصاة، وأيضا فإن الهاء حرف هوائي قريب من الألف فيثقل وقوعها بعد الألف؛ ألا ترى أنك تقلب الهاء همزة في
(1) انظر إعراب السبع: 1/ 72؛ والحجة (خ): 71؛ والحجة (ع): 1/ 76، 209، 4/ 60، 293؛ والحجة (ز): 83، 290؛ والكشف: 1/ 42 - 43؛ والهداية: 1/ 27؛ والموضح:
2/ 543.
(2)
انظر الكتاب: 4/ 190.
(3)
انظر الحجة (ع): 1/ 75 - 76، 5/ 343؛ والكشف: 1/ 173؛ والهداية: 1/ 151، 19 - 152.
(4)
انظر الكتاب: 4/ 123.
(5)
انظر الحجة (ع): 1/ 76، 209، 4/ 60 - 61، 293، 5/ 343؛ والهداية: 1/ 19.
(6)
انظر الكتاب: 3/ 532، 4/ 124.
(7)
انظر الحجة (ع): 1/ 64 - 65، والهداية: 1/ 19.
(8)
انظر الكتاب: 4/ 179 - 181.
نحو: شاء وماء، لمّا وقعت بعد الألف، فلهذا لم تقلب التاء هاء في الجمع حالة الوقف.» «1»
والهوائية كما سيأتي بعد هي ألّا يكون للحرف حيّز يعتمد عليه في خروجه، وهي صفة لحروف المدّ واللين.
على أن من المحدثين من ذكر أن الهاء صامت ضعيف، وهو أشبه شيء بالصوائت المهموسة وأنصافها «2» .
النون الساكنة:- معنى خفاء النون هنا أنها إذا كانت ساكنة فلها مخرجان: مخرج لها من الفم، ومخرج لغنتها من الخياشيم. فإذا جاء بعدها أحد حروف الفم، استعملوا ألسنتهم فيها من مخرج غنتها فقط، وكان ذلك أخف. قال مكي:
«
…
ولذلك قال سيبويه «3» في تعليل خفائها قال: وذلك لأنها من حروف الفم، وأصل الإدغام لحروف الفم، لأنها أكثر الحروف. فلما وصلوا إلى أن يكون لها مخرج من غير الفم- يعني من الخياشيم- كان أخف عليهم ألّا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة. يريد: أنهم لو أتوا بالنون مظهرة للزمهم استعمال ألسنتهم بالنون من مخرج الساكنة ومن مخرج غنتها.
فكان استعمالهم لها من مخرج غنتها أسهل، مع كثرتها في الكلام، فاستعملوها خفية بنفسها ظاهرة بغنتها، وكان ذلك أخف، إذ لا لبس فيه.» «4»
(1) الموضح: 1/ 220.
(2)
انظر في التطور اللغوي: د. عبد الصبور شاهين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1985 م، ص 35؛ ومبادئ اللسانيات:80.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 454.
(4)
الكشف: 1/ 166 - 167.