الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلى إنها تعفو الكلوم، وإنما
…
نوكّل بالأدنى، وإن جلّ ما يمضي «1»
أفلا تراه لمّا أكذب نفسه، وتدارك ما كان أفرط فيه لفظه- أطال الإقامة على قوله (بلى)، رجوعا إلى الحق عنده، وانتكاثا عما كان عقد عليه يمينه؟
فأين قوله هنا: (فو الله) وقوله (بلى) منهما في قوله: لا والله، وبلى والله؟» «2»
-
التفريق بين المعاني عند فقد القرينة:
- قال ابن جني: «وعلى ذكر طول الأصوات وقصرها لقوة المعاني المعبّر بها عنها وضعفها ما يحكى أن رجلا ضرب ابنا له، فقالت له أمه: لا تضربه، ليس هو ابنك.
فرافعها إلى القاضي فقال: هذا ابني عندي، وهذه أمه تذكر أنه ليس مني.
فقالت المرأة: ليس الأمر على ما ذكره، وإنما أخذ يضرب ابنه فقلت له:
لا تضربه، ليس هو ابنك؟ ومدت فتحة النون جدا. فقال الرجل: والله ما كان فيه هذا الطويل الطويل!» «3» .
د- أسباب اضطرارية:
- وهو التذكّر، ويراد به: مدّ الصوت بالصائت الأخير ريثما يتذكر المتكلم ما نسيه من كلام فينطق به، فإن لم يكن صائتا حرّك تحريكه لالتقاء الساكنين ومطلت تلك الحركة.
(1) تعفو: تبرأ. الكلوم: جمع كلم، وهو الجرح. نوكل بالأدنى: يقول: إنما نحن نحزن على الأقرب فالأقرب، ومن مضى ننساه وإن عظم.
(2)
المحتسب: 2/ 208 - 209.
(3)
المحتسب: 2/ 210.
قال ابن جني: «وحكى صاحب الكتاب «1» أن بعضهم قال في الوقف: قالا، وهو يريد: قال. وحكى أيضا: هذا سيفني، كأنه استذكر بعد التنوين، فاضطر إلى حركته فكسره، فأحدث بعده ياء.» «2»
وقال أيضا: «ومن ذلك ما روي عن أبي عمرو: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا [الأعراف 38]، وروي عنه أيضا: حَتَّى إِذا يقف ثم يقول: تداركوا
…
قال أبو الفتح: قطع أبي عمرو همزة ادَّارَكُوا في الوصل مشكل، وذلك أنه لا مانع من حذف الهمزة، إذ ليست مبتدأة كقراءته الأخرى مع الجماعة.
وأمثل ما يصرف إليه هذا أن يكون وقف على ألف (إذا) مميّلا بين هذه القراءة وقراءته الأخرى التي هي (تداركوا)، فلما اطمأن على الألف لذلك القدر من التمييل بين القراءتين لزمه الابتداء بأول الحرف، فأثبت همزة الوصل مكسورة على ما يجب من ذلك في ابتدائها. فجرى هذا التمييل في التلوّم عليه وتطاول الصوت به مجرى وقفة التذكر في نحو قولك: قالوا- وأنت تتذكر- الآن من قول الله سبحانه: قالُوا الْآنَ [البقرة 71]، فتثبت الواو من (قالوا) لتلوّمك عليها للاستذكار ثم تثبت همزة (الآن)، وأعني همزة لام التعريف.
ومثله اشترووا إذا وقفت مستذكرا ل الضَّلالَةَ [البقرة 16]، فتضم الواو من (اشتروا) على ما كانت عليه من الضم لالتقاء الساكنين، ثم تشبع الضمة لإطالة صوت وقفة الاستذكار، فيحدث هناك واوا تنشأ عن ضمة واو الضمير، ثم تبتدئ فتقول:(الضلالة)، فتقطع همزة الوصل لابتدائك بها، فهذا أمثل ما يقال في هذا.» «3»
(1) انظر الكتاب: 4/ 216.
(2)
المحتسب: 1/ 55.
(3)
المحتسب: 1/ 247، وانظر الخصائص: 3/ 125، 128 - 133؛ وسر الصناعة: 2/ 650، 720، 775.