المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - دلالة الأصوات: - الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات

[عبد البديع النيرباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد الاحتجاج للقراءات القرآنية

- ‌1 - معنى الاحتجاج:

- ‌2 - تسميات أخرى:

- ‌3 - دوافع التأليف في الاحتجاج:

- ‌4 - تاريخ التأليف في الاحتجاج:

- ‌5 - من كتب الاحتجاج:

- ‌6 - أنماط كتب الاحتجاج:

- ‌7 - أنواع الاحتجاج:

- ‌آ- القراءات الشاذة:

- ‌ب- رسم المصحف:

- ‌ج- القرآن الكريم:

- ‌د- اتفاق جماعة القراء:

- ‌هـ- التفسير:

- ‌ز- أسباب النزول:

- ‌الفصل الأول الجوانب النطقية

- ‌1 - الحروف (عدّتها وأنواعها):

- ‌2 - أعضاء النطق:

- ‌ الصدر

- ‌ الحلق:

- ‌ الفم:

- ‌ اللهاة:

- ‌ الحنك:

- ‌ اللسان

- ‌ الأسنان:

- ‌ الشفة:

- ‌ الخياشيم:

- ‌3 - مخارج الحروف:

- ‌4 - ألقاب الحروف ونسبتها إلى مخارجها:

- ‌5 - صفات الحروف:

- ‌آ- الصفات المتضادة:

- ‌ الهمس والجهر

- ‌ الشدة والرخاوة:

- ‌ الإطباق والانفتاح:

- ‌ الاستعلاء والاستفال (أو الانخفاض):

- ‌ الذلاقة والإصمات:

- ‌ب- الصفات المفردة:

- ‌ القلقلة:

- ‌ الصفير:

- ‌ التفشي:

- ‌ الانحراف:

- ‌ الغنة:

- ‌ التكرير:

- ‌ الهتّ:

- ‌ الخفاء:

- ‌ الهويّ:

- ‌6 - القوة والضعف في الصفات:

- ‌7 - العلاقة الكمية بين حروف المدّ والحركات:

- ‌8 - مكان الحركات من الحروف:

- ‌9 - دلالة الأصوات:

- ‌الفصل الثاني الجوانب التشكيلية (1) أشكال التغيرات الصوتية

- ‌الإدغام

- ‌المبحث الأول. التغيرات الصوتية في الصوامت:

- ‌أولا- التغيرات العامة:

- ‌1 - توطئة:

- ‌2 - معنى الإدغام:

- ‌3 - علة الإدغام:

- ‌4 - الإدغام والإظهار:

- ‌5 - أصول الإدغام:

- ‌آ- يكون الإدغام لتقارب الحروف في المخارج

- ‌ب- يقوى الإدغام بانتقال المدغم من ضعف إلى قوة، ويضعف بخلافه:

- ‌ج- الانفصال أبدا يقوى معه الإظهار، والاتصال أبدا يقوى معه الإدغام:

- ‌د- يكون الإدغام إذا تحققت المجاورة بين المدغم والمدغم فيه، بأن سكن المدغم أو صحّ إسكانه:

- ‌هـ- أحيانا قد يدغم من الحروف ما لا يدغم في غيرها، لكثرة الاستعمال:

- ‌ الإبدال

- ‌1 - ضروب من الإبدال:

- ‌آ- إبدال السين قبل حروف الاستعلاء صادا:

- ‌ب- خلط الصاد الساكنة قبل الدال بالزاي:

- ‌ج- إبدال الواو همزة:

- ‌د- إبدال أحد حرفي التضعيف حرف علة:

- ‌2 - أثر المجاورة في الإبدال:

- ‌3 - غايتا الإبدال:

- ‌ا: المماثلة

- ‌ب- المخالفة

- ‌4 - شرط الإبدال:

- ‌5 - الأصل والفرع في الإبدال:

- ‌ القلب المكاني

- ‌1 - توطئة:

- ‌2 - ما قيل فيه بالقلب:

- ‌ بين النقص والصحة:

- ‌ في أسماء لم تستعمل أصولها:

- ‌ في أسماء مركبة:

- ‌ في غير ما مضى:

- ‌3 - في فقه القلب:

- ‌ الحذف

- ‌1 - المضعّف:

- ‌2 - إحدى التاءين المبدوء بهما المضارع:

- ‌3 - التنوين:

- ‌ثانيا- التغيرات الخاصة:

- ‌ الهمزة

- ‌1 - التحقيق:

- ‌2 - التخفيف:

- ‌ التخفيف القياسي:

- ‌ النقل:

- ‌ التسهيل بين بين:

- ‌ التخفيف السماعي:

- ‌ رأي بعض المحدثين في تخفيف الهمز:

- ‌ ما جاء عندهم في الإبدال:

- ‌ ما جاء عندهم في النقل:

- ‌ ما جاء عندهم في التسهيل بين بين:

- ‌ التاءات

- ‌ الراءات

- ‌ تنبيهان:

- ‌ اللامات

- ‌ النون الساكنة والتنوين

- ‌1 - الإظهار:

- ‌2 - الإدغام:

- ‌آ- إدغام بلا غنة:

- ‌ب- إدغام بغنة:

- ‌3 - القلب:

- ‌4 - الإخفاء:

- ‌المبحث الثاني. التغيرات الصوتية في الصوائت:

- ‌أولا- نوع الصوائت:

- ‌ الإشمام

- ‌ الإمالة

- ‌ أسباب الإمالة:

- ‌ علل الإمالة:

- ‌ موانع الإمالة:

- ‌ الإمالة في رءوس الآي:

- ‌ الوقف على الممال:

- ‌ تنبيهات:

- ‌ إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث في الوقف:

- ‌ إمالة الفتحة نحو الضمة

- ‌ إمالة الضمة نحو الكسرة

- ‌ الاختلاس

- ‌ الرّوم

- ‌ الإشمام

- ‌ثانيا- مدّ الصوائت:

- ‌1 - حروف المدّ:

- ‌2 - درجة المدّ:

- ‌3 - أسباب المدّ:

- ‌آ- أسباب لفظية:

- ‌ الهمزة

- ‌ السكون:

- ‌ب- أسباب موسيقية:

- ‌ج- أسباب دلالية:

- ‌ الدلالة على الحذف:

- ‌ الدلالة على التوكيد:

- ‌ التفريق بين المعاني عند فقد القرينة:

- ‌د- أسباب اضطرارية:

- ‌ثالثا- إضافة الصوائت:

- ‌رابعا- حذف الصوائت:

- ‌1 - حذف الصوائت القصيرة:

- ‌2 - حذف الصوائت الطويلة:

- ‌خامسا- قلب الصوائت:

- ‌ تنبيهات:

- ‌الفصل الثالث الجوانب التشكيلية (2) القوانين الصوتية

- ‌ توطئة:

- ‌ المماثلة

- ‌الضرب الأول. تقريب صامت من صامت:

- ‌الضرب الثاني- تقريب صائت من صائت:

- ‌الضرب الثالث. تقريب صائت من صامت:

- ‌ المخالفة

- ‌ السهولة والتخفيف

- ‌ كثرة الاستعمال

- ‌ أمن اللبس

- ‌ طرد الباب

- ‌ التعويض

- ‌ ضعف الطّرف

- ‌خاتمة في التقويم والنقد

- ‌أولا- المناهج:

- ‌1 - التنظير والتطبيق:

- ‌2 - الاستدلال:

- ‌آ- التجربة الذاتية:

- ‌ب- استثمار علم العروض:

- ‌3 - التعليل:

- ‌4 - الخلاف:

- ‌5 - المصطلحات:

- ‌ثانيا- المصادر:

- ‌1 - النصوص اللغوية:

- ‌آ- القرآن الكريم وقراءاته:

- ‌ب- الحديث الشريف:

- ‌ج- الشعر:

- ‌د- كلام العرب:

- ‌هـ- الأمثال:

- ‌2 - الآراء العلمية:

- ‌ثالثا- السمات:

- ‌1 - غلبة الجوانب التشكيلية على الجوانب النطقية:

- ‌2 - غلبة التحليل على التركيب:

- ‌3 - الوضوح والبعد عن التعقيد:

- ‌[الملحقات]

- ‌الملحق الأول القراء العشرة ورواتهم

- ‌الملحق الثاني تراجم أصحاب كتب الاحتجاج للقراءات

- ‌الملحق الثالث الجهر والهمس في أصوات العربية

- ‌[الفهارس]

- ‌1 - فهرس الآيات الكريمة

- ‌2 - فهرس الأحاديث الشريفة

- ‌3 - فهرس الأشعار والأرجاز

- ‌4 - فهرس المصادر والمراجع

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌9 - دلالة الأصوات:

«فإن قال قائل: لم أجمعوا على ترقيق الراء الساكنة إذا انكسر ما قبلها نحو: (فرعون) و (شرعة)، ولم يرققوها إذا انكسر ما بعدها نحو:(مرجع)؟

فالجواب عن ذلك: هو ما قدمناه من أن الحركات مقدرة بعد الحروف، فكسرة الفاء من (فرعون) مقدرة بين الفاء والراء، فقربت من الراء فكأنها عليها، وكسرة الجيم من (مرجع) مقدرة بعد الجيم، فالجيم في التقدير حائلة بين الراء والكسرة.

وهذا مذهب مشهور قد نصّ عليه سيبويه وغيره من النحويين «1» ، أعني:

تقدير الحركات بعد الحروف

» «2»

‌9 - دلالة الأصوات:

- ليس عجيبا أن يتفرّد ابن جني بهذا الباب دون سائر أصحاب الاحتجاج «3» ، فعنايته به أشهر من أن تخفى على أحد.

- من ذلك أنه في احتجاجه لقراءة أبي عمرو: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل 20] بإسكان الياء، وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي [يس 22] بتحريكها- نسب إلى الإسكان معنى جواز الوقف، وإلى التحريك معنى وجوب الوصل. قال:

«ومما يتلقّاه عامة من يسأل عنه بأنه أخذ باللغتين، وسعة باختلاف اللفظين: قراءة أبي عمرو: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ بسكون الياء من (لي)، وقراءته أيضا:

وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي

بتحريك الياء.

(1) ذكر ابن جني أن مذهب سيبويه أن الحركة تحدث بعد الحرف. انظر الخصائص: 2/ 321.

وأما نصّ سيبويه على ذلك من الكتاب فلعله قوله: «وزعم الخليل أن الفتحة والكسرة والضمة زوائد، وهن يلحقن الحرف ليوصل إلى التكلم به. والبناء هو الساكن الذي لا زيادة فيه.» الكتاب: 4/ 241 - 242.

(2)

الهداية: 1/ 136.

(3)

خلا بعض الإشارات العابرة لدى بعضهم.

ص: 92

وعلة ذلك ليس الجمع بين اللغتين كما يفتي به جميع من تسأله عنه، لكنه لمّا جاز الوقف على قوله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ، وأن يستأنف فيقول: لا أَرَى الْهُدْهُدَ- سكّن الياء من (لي)، أمارة لجواز الوقوف عليها.

ولمّا لم يحسن الابتداء بقوله: لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي، حرّك الياء من (لي) قبلها، أمارة لإدراج الكلام ووصله، وذاك أن الحركة من أعراض الوصل، والسكون من أعراض الوقف.

فهل يحسن مع وجود هذا الفرق الواضح الكريم، أن يخلد دونه إلى التعذّر بما يخلد إليه الموهون المضيم «1» ؟» «2»

- ومنه أن ما جاء على (فعلان) من الصفات والمصادر فيه معنى الحركة والخفة والإسراع، قال: «أكثر ما جاء فعلان في الأوصاف والمصادر.

فالأوصاف كقولهم: رجل شقذان للخفيف، وقالوا: أكذب من الأخيذ الصّبحان بفتح الباء كما ترى، وقد روي الصّبحان بتسكينها «3» ؛ ويوم صخدان ولهبان لشدة الحرّ، وعير فلتان «4» ، ورجل صميان: ماض منجرد.

وأما المصادر فنحو: الوهجان، والنّزوان، والغليان، والغثيان، والقفزان، والنّقران.

(1) أي: المظلوم.

(2)

المحتسب: 1/ 146 - 147، وانظر إعراب السبع: 2/ 144 - 145، والحجة (ز):524.

(3)

الأخيذ: الأسير. وأصل المثل: أن رجلا خرج من حيّه وقد اصطبح، فلقيه جيش يريدون قومه، فسألوه عنهم، فقال: لا عهد لي بهم، ثم غلبه البول، فعلموا أنه مصطبح، فطعنوه في بطنه فبدره اللبن، فعلموا أن الحيّ قريب، فقصدوهم فظفروا بهم. جمهرة الأمثال: أبو هلال العسكري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش، دار الجيل، بيروت، ط 2، 1988 م، ص 2/ 172؛ وانظر اللسان: مادة (ص ب ح)، 7/ 272.

(4)

أي: نشيط.

ص: 93

والمعنى في الوصف والمصدر جميعا من هذا المثال: الحركة والخفة والإسراع

» «1» «2»

- ومنه أن الزيادة في الصوت تكون لزيادة في المعنى، فذكر «

أن الأصوات تابعة للمعاني، فمتى قويت قويت، ومتى ضعفت ضعفت، ويكفيك من ذلك قولهم: قطع وقطّع، كسر وكسّر، زادوا في الصوت لزيادة المعنى، واقتصدوا فيه لاقتصادهم فيه.» «3»

وقال في قراءة من قرأ: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ [المائدة 3] بغير ألف:

«كأن متجنفا أبلغ وأقوى معنى من متجانف، وذلك لتشديد العين، وموضوعها لقوة المعنى بها، نحو: تصوّن هو أبلغ من تصاون، لأن تصوّن أوغل في ذلك، فصحّ له وعرف به، وأما تصاون فكأنه أظهر من ذلك، وقد يكون عليه، وكثيرا ما لا يكون عليه

» «4»

- ومنه تقارب الألفاظ لتقارب المعاني، قال:

«اعلم أن العرب تقارب بين الألفاظ والمعاني إذ كانت عليها أدلة، وبها محيطة. فمن ذلك ما نحن عليه، وهو نحت ينحت، والتاء أخت الطاء، وقد قالوا: نحط ينحط، إذا زفر في بكائه، فكأن ذلك الضغط الذي يصحب الصوت ينال من آلة النفس، ويحتّها ويسفنها، فيكون كالنحت لما ينحت، لأنه تحيّف له وأخذ منه.» «5»

وقال في الدلالة على أن (الأمر) بمعنى الكثرة: «ومن بعد فالأمر من

(1) المحتسب: 1/ 138، وانظر الحجة (ع): 3/ 202، 212.

(2)

انظر الكتاب: 4/ 14 - 15، والخصائص: 2/ 152.

(3)

المحتسب: 2/ 210، وانظر الخصائص: 2/ 155.

(4)

المحتسب: 1/ 207، وانظر المصدر نفسه: 1/ 319، 2/ 134.

(5)

المحتسب: 2/ 6.

ص: 94

(أم ر)، وهي محادّة للفظ (ع م ر) ومساوقة لمعناها، لأن الكثرة أقرب شيء إلى العمارة.

وما أكثر وما أظهر هذا المذهب في هذه اللغة! ومن تنبّه عليه حظي بأطرف الطريف وأظرف الظريف.» «1»

- ومن تقارب الألفاظ لتقارب المعاني أن يختصّ كل معنى بما يشاكله من اللفظ «2» ، قال في الاحتجاج لقراءة من قرأ: فقبصت قبصة [طه 96] بالصاد فيهما:

«القبض بالضاد معجمة باليد كلّها، وبالصاد غير معجمة بأطراف الأصابع.

وهذا مما قدمت إليك في نحوه تقارب الألفاظ لتقارب المعاني، وذلك أن الضاد لتفشيها واستطالة مخرجها ما «3» جعلت عبارة عن الأكثر، والصاد لصفائها وانحصار مخرجها وضيق محلّها ما «4» جعلت عبارة عن الأقل.» «5»

وقال: «وينبغي أن يعلم أن (غ ش ي) يلتقي معناها مع (غ ش و)، وذلك أن الغشاوة على العين كالغشي على القلب، كل منهما يركب صاحبه ويتجلّله، غير أنهم خصّوا ما على العين بالواو، وما على القلب بالياء، من حيث كانت الواو أقوى لفظا من الياء، وما يبدو للناظر من الغشاوة على العين أبدى للحسّ مما يخامر القلب، لأن ذلك غائب عن العين، وإنما استدلّ عليه بشواهده لا بشاهده ومعاينه

» «6»

(1) المحتسب: 2/ 17، وانظر المصدر نفسه: 1/ 208، 275 - 276، 322، 2/ 149، 167؛ والحجة (ع): 4/ 229.

(2)

سماه في الخصائص إمساس الألفاظ أشباه المعاني، انظر الخصائص: 2/ 152.

(3)

ما: زائدة.

(4)

ما: زائدة.

(5)

المحتسب: 2/ 55.

(6)

المحتسب: 2/ 204 - 205، وانظر المصدر نفسه: 2/ 18 - 19، 140.

ص: 95

- ومنه الاشتقاق الأكبر، وهو أن يجمع تقاليب المادة الواحدة معنى واحد «1» .

قال في قراءة من قرأ: حرث حرج [الأنعام 138] وقراءة الناس: (حجر):

«قد قدّمنا في كتابنا الخصائص صدرا صالحا من تقلّب الأصل الواحد والمادة الواحدة إلى صور مختلفة يخطمها كلّها معنى واحد ووسمناه بباب الاشتقاق الأكبر «2» ، نحو: ك ل م، ك م ل، م ل ك، م ك ل، ل ك م، ل م ك «3» .

وإنها مع التأمل لها ولين معطف الفكر إليها آئلة إلى موضع واحد ومترامية نحو غرض غير مختلف.

وكذلك أيضا يقال: ح ج ر، ج ر ح، ح ر ج، ر ج ح، ج ح ر، وأما ر ح ج فمهمل فيما علمنا. فالتقاء معانيها كلّها إلى الشدة والضيق والاجتماع.

من ذلك الحجر وما تصرّف منه، نحو: انحجر، واستحجر الطين، والحجرة، وبقيته؛ وكله إلى التماسك في الضيق.

ومنه الحرج: الضيق، والحرج مثله، والحرجة: ما التفّ من الشجر فلم يمكن دخوله.

ومنه الجحر وبابه لضيقه.

ومنه الجرح لمخالطة الحديد للّحم وتلاحمه عليه.

ومنه رجح الميزان، لأنه مال أحد شقيه نحو الأرض فقرب منها، وضاق ما كان واسعا بينه وبينها

وإذا ثبت ذلك، وقد ثبت، فكذلك قوله تعالى:(حرث حرج) في معنى (حجر)، معناه عندهم أنها ممنوعة محجورة أن يطعمها إلا من يشاءون أن يطعموه إياها بزعمهم.» «4»

(1) انظر الخصائص: 2/ 134.

(2)

انظر الخصائص: 2/ 133 - 139.

(3)

انظر الخصائص: 1/ 13.

(4)

المحتسب: 1/ 231 - 232، وانظر المصدر نفسه: 2/ 145، 221 - 222.

ص: 96

- تعليق:- جمهور المحدثين على إنكار الصلة بين الأصوات ومدلولاتها في أكثر ألفاظ اللغة «1» ، مع التسليم بأن فيها معاني تتطلب أصواتا خاصّة «2» .

وأما ما يستشعره أهل اللغة من صلة بينهما فأمر مكتسب لا ذاتي، «نشأ بعد معرفة السامع بالمعنى لا قبله، ولذلك يصعب- بل يتعذر- على الأجنبي أن يحسّ بشيء من هذا التناسب الدلالي الصوتي ما لم يكن على معرفة باللغة، على حين أنه إذا عرف من هذه اللغة أو تلك كلمات كثيرة، وألف طريقة تركيبها، وتذوّق أصواتها- أخذ يربط بين

جرسها ومعناها، اكتسابا من سيرورة الاستعمال لا استنتاجا من صلات طبيعية بين كلّ حرف وما يدلّ عليه من معان في حال الإفراد والتركيب.» «3»

******

(1) المراد إنكار الصلة الطبيعية، لا عموم الصلة، لأن بينهما صلة عرفية.

(2)

انظر من أسرار اللغة: د. إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط 3، 1966 م، ص 129 - 130؛ ودلالة الألفاظ: د. إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط 6، 1991 م، ص 68 - 74؛ ودور الكلمة في اللغة: ستيفن أولمان، ترجمة: د. كمال بشر، دار غريب، القاهرة، ط 12، 1997 م، ص 89 - 90؛ والدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: د. النعيمي، 291 - 292.

(3)

مدخل إلى فقه اللغة العربية: د. أحمد قدور، دار الفكر، دمشق، ط 2، 1999 م، ص 202؛ وانظر دلالة الألفاظ:71.

ص: 97