الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالجواب: أنه لما وجب تحريك الأول لالتقاء الساكنين، كان الكسر أولى به في الأسماء، إذ ليس فيه كسر يراد به الإعراب إلا ومعه تنوين، فأمنوا أن يلتبس بالمعرب، إذ لو ضموا أو فتحوا لالتقاء الساكنين لالتبس بالمعرب الذي لا ينصرف، لأن الضم والفتح يكونان إعرابا بغير تنوين في الأسماء، ولا يكون الكسر إعرابا في الأسماء إلا بالتنوين، فدلّ الكسر بغير تنوين أنه ليس بإعراب وأنه بناء، إذ لو كان إعرابا لاتبعه التنوين.
فأما علة الكسر لالتقاء الساكنين في الأفعال، فإنه لما كان الخفض لا يدخل الأفعال حركوها لالتقاء الساكنين بحركة لا تشكل بالإعراب، إذ لا خفض فيها، ولو حركت بالفتح أو الضم لالتبس بالإعراب، لأن الفتح والضم من إعراب الأفعال.» «1»
-
طرد الباب
-
- هو أن يستحق بعض أمثلة يجمعها معنى ما (باب) تغييرا، فيحمل (يطرد) سائرها عليه، لتجري على سنن واحد.
- فمنه أنهم حذفوا الهمزة في نحو: (أكرم)، إذ أصله: أؤكرم، لثقل اجتماع الهمزتين، وحذفوها في (يكرم، وتكرم، ونكرم) ولم تجتمع فيها همزتان، حملا على حذفها في (أكرم)، ليجري مضارع (أفعل) على طريقة واحدة في حذف الهمزة مع أحرف المضارعة «2» «3» .
(1) الكشف: 1/ 38.
(2)
انظر الهداية: 1/ 42، 55 - 56.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 279؛ والمقتضب: 1/ 210؛ والأصول في النحو: 3/ 333 - 334؛ والإنصاف:
1/ 11 - 12؛ والتطور النحوي: برجشتراسر، 41؛ والتطور اللغوي: د. عبد التواب، 104 - 105.
- ومنه أنهم حذفوا الواو في نحو: (يعد)، إذ أصله: يوعد، لوقوعها بين ياء وكسرة، وحذفوها في (أعد، وتعد، ونعد) ولم تقع بين ياء وكسرة، حملا على حذفها في (يعد). قال مكي:
- ومنه إسكان بعض القراء هاء (هو، وهي) إذا كان قبلها (ثم)، كما يسكنونها إذا كان قبلها واو أو فاء أو لام. قال المهدوي:
«وعلة من أسكن الهاء إذا كان قبلها واو أو فاء أو لام متصلة بها أن هذه الحروف لما اتصلت بالكلمة، وكان كل واحد منها على حرف لا يمكن أن يسكت عليها، أشبهت ما هو من نفس الكلمة، فصار قولك:(وهو) يشبه في اللفظ: (عضدا) و (سبعا)، وصار قولك:(وهي) يشبه في اللفظ: (كتفا) و (فخذا)، والعرب تسكن وسط ذلك تخفيفا، فكذلك أسكنت الهاء من (هو) و (هي) تخفيفا إذا اتصل بها أحد هذه الحروف الثلاثة.
وعلة تفريق أبي عمرو بين هذه الحروف الثلاثة وبين (ثم) من قوله: ثُمَّ هُوَ [القصص 61] أن (ثم) منفصلة من (هو)، ويجوز أن يسكت عليها، فصارت الهاء في حكم الابتداء، والعرب لا تبتدئ بساكن.
(1) الكشف: 2/ 197، وانظر الهداية: 1/ 105.
(2)
انظر المقتضب: 1/ 226، والأصول في النحو: 3/ 334، والإنصاف: 1/ 12 - 13، 2/ 782، المسألة (112) وهذا مذهب البصريين، ومذهب الكوفيين أنها حذفت للفرق بين الفعل اللازم والمتعدي.
وعلة قالون والكسائي في تسويتهما بين (ثم) وغيرها أن (ثم) تجتمع مع الواو والفاء في النسق، فأشبهتهما لذلك فحكما لها بحكمها
…
» «1»
وقال مكي: «فأما من أسكن مع (ثم)، فإنه لمّا كانت كلها حروف عطف «2» ، حملها محملا واحدا.» «3»
- ومنه ما اعتلّ به أبو علي لورش في قصره تخفيف الهمز على التي تكون فاء الكلمة، نحو قوله تعالى: يُؤْمِنُونَ [البقرة 3]، قال:
«وحجة من لم يهمز أن يقول: إن هذه الهمزة قد لزمها البدل في مثالين من الفعل الماضي والمضارع، فالماضي نحو: آمن، وأومن، والمضارع نحو:
أومن، ولم يجز تحقيقها في هذه المواضع.
وهذا القلب الذي لزمها في المثالين إعلال لها، والإعلال إذا لزم مثالا أتبع سائر الأمثلة العارية من الإعلال، كإعلالهم (يقوم) ل (قام)، وإعلالهم (يكرم) من أجل (أكرم)، و (أعد) ل (يعد)؛ فوجب على هذا أن يختار ترك الهمز في (يؤمنون)، اعتبارا لما أرينا من الإعلال ليتبع قولهم (يؤمنون) في الإعلال المثالين الآخرين لا على التخفيف القياسي في نحو جونة في (جؤنة)«4» وبوس في (بؤس)«5» .» «6»
(1) الهداية: 1/ 157 - 158.
(2)
ما عدا اللام.
(3)
الكشف: 1/ 235، وانظر الحجة (ز): 548، والهداية: 2/ 428.
(4)
الجؤنة: سلة مستديرة مغشّاة أدما يجعل فيها الطّيب والثياب.
(5)
يريد أن وجوب تخفيف (يؤمنون) لطرد الباب، لا للتخفيف القياسي فإنه جائز.
(6)
الحجة (ع): 1/ 240، وانظر الهداية: 1/ 49، 55 - 56؛ والموضح:240.