الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشبهوا الياء والنون من أحرف المضارع بالتاء في حذف ما بعدها، قال ابن جني في قراءة من قرأ: يُوقَدُ [النور 35]:
«وذلك أن أصله يتوقّد، فحذف التاء لاجتماع حرفين زائدين في أول الفعل، وهما الياء والتاء المحذوفة، والعرف في هذا أنه إنما تحذف التاء إذا كان حرف المضارعة قبلها تاء، نحو:(تفكرون) و (تذكّرون)، والأصل: تتفكرون، وتتذكرون، فيكره اجتماع المثلين زائدين، فيحذف الثاني منهما طلبا للخفة بذلك، وليس في (يتوقد) مثلان فيحذف أحدهما، لكنه شبّه حرف مضارعة بحرف مضارعة
…
«1»
ونحو من هذا من قرأ «2» : نجي المؤمنين [الأنبياء 88]، وهو يريد:
ننجّي المؤمنين، فحذف النون الثانية وإن كانت أصلية، وشبهها لاجتماع المثلين بالزائدة «3» ، فهذا تشبيه أصل بزائد لاتفاق اللفظين، والأول تشبيه حرف مضارعة بحرف مضارعة، لا لاتفاق اللفظين، بل لأنهما جميعا زائدان.» «4»
3 - التنوين:
- نحو قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التوبة 30]، قرأ عاصم والكسائي ويعقوب:(عزير ابن الله) بالتنوين، وقرأ الباقون:(عزير ابن الله) بحذفه.
(1) أقول: لعل في هذه القراءة دليلا لسيبويه وموافقيه على أن التاء المحذوفة في نحو (تذكرون) الثانية.
(2)
ابن عامر وشعبة.
(3)
قال ابن جني: «ويشهد أيضا لذلك سكون لام (نجّي)، ولو كان ماضيا لانفتحت اللام إلا في الضرورة.» الخصائص: 1/ 398.
(4)
المحتسب: 2/ 111، وانظر المصدر نفسه: 2/ 121، والهداية: 2/ 426، وإعراب الشواذ:
2/ 185، 199.
من قرأ بالتنوين جعل (عزير) مبتدأ، و (ابن) خبره؛ ومن قرأ بحذفه احتمل وجهين «1»:
الأول: أن يكون (ابن) نعتا ل (عزير)، وهو مبتدأ أو خبر، أي: صاحبنا عزير بن الله، أو عزير بن الله صاحبنا.
والآخر: أن يكون (عزير) مبتدأ، و (ابن) خبره، كالقراءة الأولى، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، تشبيها له بحروف المدّ.
ومثله قول الراجز «2» :
لتجدنّي بالأمير برّا
…
وبالقناة مدعسا مكرّا
إذا غطيف السّلميّ فرّا «3»
أراد: غطيف السلمي.
وقول الشاعر «4» :
تذهل الشّيخ عن بنيه وتبدي
…
عن خدام العقيلة العذراء «5»
(1) وزاد بعضهم وجها ثالثا، وهو أنه ممنوع من الصرف لأنه علم أعجمي، وإن أتى على هيئة التصغير.
(2)
لم أقف عليه، والأبيات في معاني القرآن: الفراء، 1/ 431؛ والنوادر: 91؛ والمعاني:
1/ 451؛ وإعراب السبع: 1/ 287، 2/ 546؛ والحجة (ع): 4/ 185، 6/ 457؛ والحجة (ز): 317؛ والموضح: 2/ 591، 3/ 1412؛ والإنصاف: 2/ 665.
(3)
القناة: الرمح، ومدعس: طعّان، والمكرّ: الذي يكرّ في الحرب ولا يفرّ.
(4)
هو عبيد الله بن قيس الرقيات، انظر ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات، تحقيق: د. محمد يوسف نجم، دار بيروت ودار صادر، بيروت، 1958 م، ص 96.
والبيت في معاني القرآن: الفراء، 1/ 432؛ والحجة (ع): 4/ 186، 6/ 457؛ والموضح:
2/ 591؛ والإنصاف: 2/ 661.
(5)
روي (براها) مكان (خدام)، وقبله:
كيف نومي على الفراش ولمّا
…
تشمل الشام غارة شعواء
وهذان البيتان من قصيدة يمدح فيها مصعب بن الزبير، ويفتخر بقريش. ويريد بالغارة على الشام: الغارة على عبد الملك بن مروان. والخدام: جمع خدمة، وهي الخلخال. والعقيلة:
الكريمة المخدرة من النساء.
أراد: عن خدام العقيلة «1» «2» .
- ونحو قوله تعالى: وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ [يس 40]، قال ابن جني:
«وأخبرنا أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس، قال: سمعت عمارة يقرأ:
(ولا الليل سابق النهار)، فقلت له: ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار، فقلت له: فهلّا قلته! فقال: لو قلته لكان أوزن. يريد: أقوى وأقيس.» «3»
- ونحو قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص 1 - 2]، روي عن أبي عمرو وغيره:(أحد الله) بحذف التنوين. قال أبو علي:
«فأما من قال: (أحد الله) فحذف النون، فإن النون قد شابهت حروف اللين في أنها تزاد كما يزدن، وفي أنها تدغم فيهن كما يدغم كل واحد من الياء والواو في الأخرى، وفي أنها قد أبدلت منها الألف في الأسماء المنصوبة، وفي الخفيفة «4» ، وأبدلت من الواو في صنعاني «5» .
فلما شابهت حروف اللين ضروبا من هذه المشابهات، أجريت مجراها في أن حذفت ساكنة لالتقاء الساكنين، كما حذفت الألف والواو والياء لذلك في نحو: رمى القوم، ويغزو القوم، ويرمي القوم؛ ومن ثم حذفت ساكنة في الفعل كما حذف من نحو: لَمْ يَكُ [الأنفال 53]، فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ [هود 109]، فحذف في (أحد الله) لالتقاء الساكنين كما حذفت هذه الحروف.» «6» «7»
(1) انظر المعاني: 1/ 450 - 451؛ وإعراب السبع: 1/ 236 - 237، 2/ 546؛ والحجة (خ):
174؛ والحجة (ع): 4/ 181 - 186؛ والحجة (ز): 316 - 318؛ والكشف: 1/ 501؛ والهداية: 2/ 329؛ والموضح: 2/ 591 - 592.
(2)
انظر معاني القرآن: الفراء، 1/ 431 - 432.
(3)
المحتسب: 2/ 81، وانظر الخصائص: 1/ 125، وقد تكررت فيه القصة كثيرا.
(4)
أي: نون التوكيد الخفيفة.
(5)
نسبة إلى صنعاء. انظر الكتاب: 3/ 336، والنوادر:214.
(6)
الحجة (ع): 6/ 455 - 456، وانظر المعاني: 3/ 172، وإعراب السبع: 2/ 545 - 546، والحجة (ز): 345، والموضح: 3/ 1411 - 1412، وإعراب الشواذ: 2/ 758.
(7)
انظر معاني القرآن: الفراء، 3/ 300.