الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب- الصفات المفردة:
-
القلقلة:
- قال ابن أبي مريم: «ومن الحروف
…
ما يسمّى حروف القلقلة، ويقال:
اللقلقة أيضا، وهي حروف مشربة في مخارجها، إلا أنها تضغط ضغطا شديدا، فإن لها أصواتا كالحركات تتقلقل عند خروجها، أي: تضطرب، ولهذا سميّت حروف القلقلة، وهي خمسة: القاف، والجيم، والطاء، والدال، والباء؛ وهي مجموعة في قولك: قد طبج «1» .
وزعم بعضهم أن الضاد والزاي والذال والظاء منها، لنتوّها وضغطها في مواضعها، إلا أنها وإن كانت مشربة في المخارج، فإنها غير مضغوطة كضغط الحروف الخمسة التي ذكرناها، لكن يخرج معها عند الوقوف عليها شبه النّفخ.» «2»
والإشراب هو: خروج صويت من الفم عند الوقف على الحرف «3» ، وهو في اللغة الخلط، قال الله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [البقرة 93]، فكأن الحرف المشرب لمّا أتبع بذلك الصويت خلط به.
والحروف المشربة على ثلاثة أضرب:
الأول- حروف القلقلة:
وهي: القاف، والجيم، والطاء، والدال، والباء «4» .
وتنطق هذه الحروف في الوقف على دفعتين تكون في الأولى احتباسية، وفي الأخرى انفجارية مقطوعة بإقفال حنجري.
(1) أي: حمق.
(2)
الموضح: 1/ 176 - 177.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 174.
(4)
انظر الكتاب: 4/ 174.
وكان مكي أدرك شيئا من هذا حينما قال، وقد أخذ في بيان معنى القلقلة:
«وإنما سميت بذلك لظهور صوت يشبه النّبرة عند الوقف عليهن وإرادة إتمام النطق بهن.» «1»
والثاني- حروف النّفخ:
وهي: الضاد، والراء، والزاي، والظاء، والذال.
ويسمع النفخ في الوقف على هذه الحروف من جرّاء تتابع آخر هواء الزفير، وقد فتر، من منفذ ضيق أو متكرر الإغلاق (كما في الراء)«2» .
والثالث- حروف النّفث:
وهي: الهاء، والحاء، والخاء، والكاف، والشين، والتاء، والصاد، والسين، والثاء، والفاء.
ولمّا كان جميع هذه الحروف مهموسا، احتاج النطق بها إلى إخراج نفس أكثر، وبذل جهد أقوى، وكل هذا يصنع النفث الذي يسمع عند الوقف على هذه الحروف «3» .
ومن الحروف حروف غير مشربة (بتر)«4» ، لا يسمع في الوقف عليها شيء، وهي: الهمزة، والعين، والغين، واللام، والنون، والميم «5» «6» .
(1) الرعاية: 100.
(2)
انظر الكتاب: 4/ 174 - 175. ومصطلح (النفخ) من وضعنا مع تردده في ذلك المعنى.
(3)
انظر الكتاب: 4/ 175. ومصطلح (النفث) من وضعنا مع أن المبرد وصف به الحروف اللثوية، وقال: «ومعنى النّفث: النفخ الحفيّ» المقتضب: 1/ 310.
(4)
جمع أبتر، وهذا المصطلح من وضعنا.
(5)
الأساس الذي قام عليه تصنيف الحروف بحسب هيئتها في الوقف هو الصويت الخارج من الفم فقط دون الأنف، ولهذا جعل النون والميم من الحروف التي لا يسمع بعدها في الوقف شيء، مع أنهما حرفان أنفيان يسمع لهما في الوقف غنة.
(6)
انظر الكتاب: 4/ 175، وسر الصناعة: 1/ 64.
والهمزة أمّ هذا الباب، لأن الوقف عليها يكون بانطباق الطيتين الصوتيتين، فلا يحدث بعد ذلك تسرّب للهواء يسمع معه صوت.
وأما الوقف على حروف المدّ واللين، فيكون بانقطاع آخر الصوت في موضع الهمزة «1» ، أي بانطباق الطيتين الصوتيتين انطباقا محكما كما في نطق الهمزة.
- وقال ابن أبي مريم: «وامتحان حروف القلقلة أن تقف عليها، فإذا وقفت خرج منها صويت مثل النفخ، لنتوها في اللها واللسان.» «2»
ومردّ اختيار الوقف لامتحان حروف القلقلة أن الصويت الذي يلحق الحروف المشربة، وحروف القلقلة منها، تختلف مراتبه في الحركة والسكون المدرج والوقف، وأتمّها موقوفا عليه. قال ابن جني: «فأقوى أحوال ذلك الصوت عندك أن تقف عليه، فتقول: اص. فإن أنت أدرجته انتقصته بعضه، فقلت: اصبر. فإن أنت حرّكته اخترمت الصوت البتة، وذلك قولك: صبر.
فحركة ذلك الحرف تسلبه ذلك الصوت البتة، والوقوف عليه يمكّنه فيه، وإدراج الساكن يبقّي عليه بعضه.» «3»
وقال من قبل: «وسبب ذلك عندي أنك إذا وقفت عليه ولم تتطاول إلى النطق بحرف آخر من بعده تلبثت عليه، ولم تسرع الانتقال عنه، فقدرت بتلك اللّبثة على إتباع ذلك الصوت إياه.
فأما إذا تأهبت للنطق بما بعده وتهيأت له، ونشّمت «4» فيه، فقد حال ذلك بينك وبين الوقفة التي يتمكن فيها من إشباع ذلك الصويت، فيستهلك إدراجك إياه طرفا من الصوت الذي كان الوقف يقرّه عليه ويسوّغك إمدادك إياه به.» «5»
(1) انظر الكتاب: 4/ 176.
(2)
الموضح: 1/ 177.
(3)
الخصائص: 1/ 58.
(4)
نشّم في الأمر: ابتدأ فيه وأخذ.
(5)
الخصائص: 1/ 57 - 58.