الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د- إبدال أحد حرفي التضعيف حرف علة:
- نحو قوله تعالى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ [البقرة 259]، قرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف بحذف الهاء وصلا وإثباتها وقفا، وقرأ الباقون بإثباتها ساكنة وصلا ووقفا.
يحتمل (لم يتسنه) وجهين:
إما أن يكون مأخوذا من السنة، والمعنى لم تأت عليه السنون فتغيره، و (السنة) يجتذبها أصلان: الواو والهاء، يقال: اكتريت غلامي مساناة ومسانهة، فإن كان من (س ن هـ)، فالهاء لام الفعل، وسكونها علامة الجزم؛ وإن كان من (س ن و)، فالهاء للسكت، ولام الكلمة حذفت للجزم.
وإما أن يكون مأخوذا من حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر 26]، أي: متغيّر، يقال: سنّ اللحم إذا تغيّر ريحه، فيكون أصل (يتسنه): يتسنّن، أبدلوا من النون الأخيرة ياء لاجتماع ثلاث نونات، وقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وحذفت للجزم، والهاء للسكت «1» .
- وجاء من هذا الإبدال قدر صالح، نحو (دينار) لقولهم: دنانير، و (قيراط) لقولهم: قراريط، و (ديماس) فيمن قال: دماميس «2» ، و (ديباج) فيمن قال:
دبابيج «3» ، و (شيراز) فيمن قال: شراريز «4» ، وقال الشاعر «5»:
(1) وأما من جعله من (أسن الماء إذا تغيّر)، فقد وهم، لأنه لو كان كذلك لقيل فيه: لم يتأسّن.
(2)
الدّيماس: الحمّام، والكنّ، والسّرب المظلم؛ ويجمع على دياميس ودماميس. انظر اللسان:
مادة (د م س)، 4/ 403.
(3)
الدّيباج: ضرب من الثياب يتخذ من الإبريسم، ويجمع على ديابيج ودبابيج. انظر اللسان:
مادة (د ب ج)، 4/ 278.
(4)
الشّيراز: اللّبن الرائب المستخرج ماؤه، ويجمع على شواريز وشراريز. انظر القاموس المحيط:
الفيروزآبادي، دار الفكر، بيروت، 1978 م، مادة (ش ر ز)، ص 2/ 178.
(5)
سعد بن قرط، والبيت في المحتسب: 1/ 41، 284؛ وإعراب الشواذ: 1/ 93؛ وشرح شواهد المغني: السيوطي، دار مكتبة الحياة، بيروت، ص 1/ 186؛ وشرح الأشموني على ألفية ابن مالك، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ص 3/ 109.
يا ليتما أمّنا شالت نعامتها
…
أيما إلى جنّة أيما إلى نار «1»
أراد: أمّا.
وأنشد أبو زيد «2» : «3»
فآليت لا أشريه حتى يملّني
…
بشيء ولا أملاه حتى يفارقا «4»
أراد: ولا أملّه.
وقالوا في (تقضّض): تقضّى، قال العجّاج «5»:
تقضّي البازي إذا البازي كسر «6»
وفي (تظنّن): تظنى «7» ، قال الشاعر «8»:
(1) شالت نعامتها: ارتفعت جنازتها، و (أيما) بالفتح أصلها (أمّا) المفتوحة، لغة في المكسورة، والتقدير: يا ليت أمي ارتفعت جنازتها إمّا إلى الجنة وإما إلى النار.
(2)
سعيد بن أوس بن ثابت، الأنصاري، أبو زيد: أحد أئمة الأدب واللغة، من أهل البصرة، ثقة ثبت، له: النوادر، والهمز، واللبأ واللبن. توفي سنة 215 هـ.
انظر البلغة: 143، والبغية: 1/ 582 - 583، والأعلام: 3/ 92.
(3)
انظر النوادر في اللغة: أبو زيد الأنصاري، تصحيح: سعيد الخوري الشرتوني، طبعة مصورة عنها، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 2، 1967 م، ص 44، ونسبه إلى الأسود بن يعفر النهشلي. والبيت في الحجة (ع): 5/ 420، والمحتسب: 1/ 157، والموضح: 2/ 982، وشرح الشافية: 4/ 441.
(4)
وقبله:
لهوت بسربال الشّباب ملاوة
…
فأصبح سربال الشّباب شبارقا
والشبارق: المقطّع. وأشريه: أبيعه.
(5)
انظر ديوان العجاج (رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي وشرحه)، تحقيق: د. عبد الحفيظ السطلي، توزيع مكتبة أطلس، دمشق، ص 1/ 42.
(6)
قبله:
دانى جناحيه من الطّور فمرّ
والمعنى: كأن مجيئه من سرعته انقضاض باز إذا ضمّ جناحيه.
(7)
انظر اللسان: مادة (ظ ن ن)، 8/ 271، 273.
(8)
لم أقف عليه، والبيت في الموضح: 2/ 1038.
وهذا إذ سمعت تجيب عنه
…
ولم تمض الحكومة بالتظني
وحكى ثعلب «1» : لا وربيك «2» لا أفعل، أي: لا وربّك.
وقرئ: فذانيك [القصص 32]، والوجه أنه شدّد النون من (ذانك) تعويضا عن حذف ألف (ذا)، ثم أبدل من النون الثانية ياء لثقل التضعيف.
وقال تعالى: ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى [القيامة 33]، أي يتمطّط من المطيطاء «3» .
وقال تعالى: وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [الشمس 10]، أي: دسّسها.
- غير أن أبا علي جعل هذا الإبدال منوطا بالسماع، قال:
«وليس كل المضاعف يبدل من حروف التضعيف منه، وإنما يبدل فيما سمع.» «4» «5» «6»
(1) أحمد بن يحيى، أبو العباس، ثعلب: إمام الكوفيين في النحو واللغة، ثقة متقن، كان بينه وبين المبرد منافرات، له: معاني القرآن، ومعاني الشعر، والوقف والابتداء، والفصيح.
توفي سنة 291 هـ.
انظر البلغة: 86 - 87، والبغية: 1/ 396 - 398، والأعلام: 1/ 267.
(2)
ضبطت هذه الكلمة في أكثر كتب اللغة بسكون الباء وكسر الياء المبدلة بعدها، وضبطها محقق الخصائص بكسر الباء:(لا وربيك). انظر: 2/ 231، 233.
(3)
أي: التبختر.
(4)
الحجة (ع): 5/ 478، وانظر الموضح: 2/ 1038.
(5)
انظر إعراب السبع: 1/ 93 - 95؛ والحجة (خ): 100؛ والحجة (ع): 2/ 374 - 375، 5/ 420، 478؛ والمحتسب: 1/ 41، 157، 283 - 284؛ والحجة (ز): 143؛ والكشف: 1/ 307 - 310؛ والهداية: 1/ 204؛ والموضح: 1/ 340 - 341، 2/ 982، 1037 - 1038؛ وإعراب الشواذ: 1/ 271 - 272، 2/ 260.
(6)
انظر الكتاب: 3/ 460 - 461، 4/ 424؛ ومعاني القرآن: الفراء، 1/ 172، 3/ 267؛ والمقتضب: 1/ 381.