الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم الجمعة بعد الصلاة، فلما سألناه الحديث نظر إلى الناس وأنا أصغرهم سنًا، فقال: استمل، فقلت: نعم، فاستمليت، ثم أقام
…
" (1). وقال الذهبي في "النبلاء" (17/ 163): استملى علي أبي حاتم بن حبان في سنة أربع وثلاثين وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وقرأ القرآن بنيسابور على: أبي عبد الله محمَّد بن أبي منصور الصوام، وأحمد بن العباس بن الإِمام، وعلي بن سهل الأشناني وغيرهم. وبالعراق على: أبي علي بن النقار الكوفي بها، وأبي عيسى محمَّد بن بكار البغدادي بها، وغيرهما. قال عبد الغافر في "السياق" كما في "المنتخب": قرأ القرآن بخراسان والعراق على قراء وقته.
وتفقه على: علي بن أبي هريرة، وأبي الوليد حسان بن محمَّد القرشي، وأبي سهل محمَّد بن سليمان الصعلوكي، وغيرهم.
هذا شيء من نشأته وحياته العلمية رحمه الله تعالي-، ولم تمنعه هذه المكانة الرفيعة التي تبوءها منذ صغره وفاق بها أقرانه، عن المضي قدمًا في تحصيل العلم والعلو والارتفاع فيه، فإنه ما إن رحل الإمام ابن حبان من نيسابور إلا وأنشأ رحلة طويلة إلى مدينة العلم وموسم العلماء والفضلاء مدينة السلام.
**
رحلاته:
بعد أن سمع الإِمام الحاكم رحمه الله تعالي- من شيوخ بلدته "نيسابور" والراحلين إليها كما سبق، وأمعن في ذلك، حتى ذكر بعضهم أنه
(1)"الأنساب"(1/ 364).
سمع من نحو ألف شيخ بها، فيالها من همة عالية، ونفس أبية، يصدق فيها قول ابن طباطبا العلوي:
له همة إن قست فرط علوِّها
…
حسبت الثريَّا في قرار قليب
وقول الآخر:
همتي همة الأسود ونفسي
…
نفس حر ترى الشهادة مغنم
ومن كانت هذه همته لا يرضى بالدون، ولا يقنع بالقليل، وكما قيل:"ذو الهمة إن حُطَّ فنفسه تأبى إلا علوًّا، كالشعلة في النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعًا". (1) وكذا الإِمام الحاكم رحمه الله تعالي- لم يقنع بالمنزلة التي سبق بيانها، بل رحل في تحصيل العلوم، فسمع الكثير كما يقوله الحافظ ابن كثير (2)، وشمر عن ساق الجد والاجتهاد.
بهمة في الثريا إثر أخمصها
…
وعزمةٍ ليس من عادتها السأمُ
فطاف البلاد، واستوطن السهاد، وآثر قطع المفاوز والقفار، على التنعم في الدمن والأوطار، ورفض ما تتوق إليه النفوس الشهوانية، في سبيل طلبه للأحاديث النبوية، فرحل إلى العراق والحجاز، وبلاد خراسان، وبلاد الجبل، وبلاد ما وراء النهر، وبلاد خوزستان، قال السمعاني في "الإنساب" (1/ 455): له رحلة إلى العراق، والحجاز، ومرو، وما وراء النهر.
فأما رحلته إلى العراق والحجاز فلعلها أول رحلاته وأشهرها، قال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (3/ 852): وله إلى العراق والحجاز رحلتان. وقال الإسنوي في "طبقاته"(1/ 195): رحل إلى الحجاز
(1) عيون الأخبار (1/ 233).
(2)
"البداية"(15/ 561).