الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتهاره، ولم يجرح مع ذلك.
"مختصر تاريخ نيسابور"(42/ ب)، "الأنساب"(2/ 321)، "الإكمال"(3/ 278).
[269] حسان بن محمَّد بن أحمد بن هارون بن حسان بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص الأكبر بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو الوليد، القُرَشِي، الأُمَوِي، النَّيسَابُوري، الفقيه الشافعي
.
سمع بخراسان: أبا عبد الله محمَّد بن إبراهيم البوشنجي، وابن خزيمة، وأبي بكر الإسماعيلي، وعدة ببلده، وبنسا: الحسن بن سفيان، وببغداد: أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبا القاسم البغوي، وطبقتهم، وتفقه بأبي العباس بن سريج.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم في -"مستدركه" وأكثر عنه، ووصفه بالشيخ الإِمام الفقيه الأستاذ- وابن مندة، وأبو طاهر بن محمد، والقاضي أحمد بن الحسن الحيري، وأبو الفضل أحمد بن محمَّد السَّهلي الصفَّار، وعدة.
قال الحاكم في "تاريخه": الفقيه، إمام أهل الحديث بخراسان في عصره، وكان أزهد من رأيت من العلماء، وأكثرهم تقشفًا، ولزومًا لمدرسته وبيته، وأكثرهم اجتهادًا في العبادة، تفقّه على أبي العباس أحمد بن سُرَيْج، ورجع إلى خراسان، واجتمع عليه الناس والفقهاء، ونشر العلم، ودرَّس الفقه، سمع الحديث بخراسان، وببغداد، وبنسا، سمع المسند والكتب من الحسن بن سفيان، ودخل العراق سنة خمس وثلاثمائة،
وصنف "المخرَّج على مذهب الشافعي" و"المخرّج على الصحيحين" لمسلم بن الحجاج.
أرانا أبو الوليد نقش خاتمه "الله ثقة حسان بن محمَّد"، وقال: أرانا عبد الملك بن محمَّد بن عدي نَقْشَ خاتمه "الله ثقة عبد الملك بن محمَّد"، وقال: أرانا الربيع نقش خاتمه "الله ثقة الربيع بن سليمان"، وقال: كان نقش خاتم الشافعي "الله ثقة محمَّد بن إدريس".
وسمعت أبا الوليد يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت حرملة يقول: سُئل الشافعي عن رجل وضع في فيه تمرة وقال لامرأته: إن أكلتُها فأنتِ طالق، وإن طرحتُها فأنت طالق، فقال الشافعي: يأكل نصفها ويطرح نصفها، قال أبو الوليد: سمع مني أبو العباس بن سُرَيج هذه الحكاية، وبنى عليها باقي تفريعات الطلاق.
وسمعت أبا الوليد يقول، وسألته: أيها الأستاذ قد صحَّ عندنا حديث الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء"، وكذا صحَّ حديث نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله! أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم إذا توضأ"، فقال لي أبو الوليد: سألت ابن سُرَيْج عن الحديثين، فقال: الحكم بها جميعًا، أما حديث عائشة فإنما أرادت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس ماء الغسل، وأما حديث عمر فمفسر فيه ذكر الوضوء وبه نأخذ.
وسمعت أبا الوليد يحتج في رفع اليدين فقال: إن للصلاة أفعالًا، كل فعل منها أوله منوط بذكر، فينبغي أن كون آخره كذلك، فإذا كان القيام
الذي هو للصلاة وابتداؤه بذكر منوط بهيئة وهي رفع اليدين فكذلك آخر قيامه والخروج منه لا بد أن يأتي بذكر، والهيئة مقرونة به، ولئن جاز أن يسقط عن آخره جاز أن يسقط عن أوله، فرفع بلا ذكر كما ركع بلا هيئة رفع.
وسمعت أبا الوليد يقول: سألت ابن سُرَيج: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] تعدل ثلث القرآن"، قال: إن القرآن أنزل؛ ثلثًا منها أحكام، وثلثًا منها وعد ووعيد، وثلثًا منها الأسماء والصفات، وقد جُمِعَ في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] الأسماء والصفات.
وسمعته في مرضه الذي مات فيه يقول: قالت لي والدتي: كنت حاملًا بك وكان للعباس بن حمزة مجلس، فاستأذنت أباك أن أحضر مجلسه في أيام العشر فأذن لي، فلما كان في آخر المجلس قال العباس بن حمزة: قوموا، فقاموا وقمت معهم، فأخذ أبو العباس يدعو، فقلت: اللهم هَبْ لي ابنًا عالمًا، فرجعت إلى المنزل فبتُّ تلك الليلة، فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلًا أتاني فقال: أبشري فإن الله قد استجاب دعوتك، ووهب لك ولدًا ذكرًا وجعله عالمًا، ويعيش كما عاش أبوك، قالت: وكان أبي عاش اثنتين وسبعين سنة، قال الأستاذ: وهذه قد تمّت لي اثنان وسبعون سنة. فعاش الأستاذ بعد هذه الحكاية أربعة أيام.
ودخلت عليه بعد صلاة العشاء من ليلة الجمعة، وهو قاعد فأشار إليَّ بيده أن أنصرف فقد أمسيت، فلم أنصرف إلى أن صلّيت صلاة العتمة في منزله، فقال: خرّج عليّ من يحمل جنازتي إلى الميقات، فانصرفت،
فمات تلك الليلة وقت السَّحَر.
وقد قال بعض العلماء في القصيدة التي يرثي لها بها:
وقد بقي ريبه ومصرفه
…
إمام هذه الدهور والأعصر
أبو الوليد الفقيه والصيد
…
القرى وفخر الخلائق الأكبر
معدن كنز العلوم جملتها
…
ومن يثني بفضله يقصر
وسمعت أحمد بن عمر الزّاهد يقول: رأيت الأستاذ أبا الوليد في المنام فسألته عن حاله، فقال: قابلت، أو عارضت، جميع ما قلت فكنت أخطأت في عشرين أو إحدى وعشرين.
وسمعت أبا الحسين عبد الله بن محمَّد الفقيه يقول: ما وقعت في ورطه قطُّ، ولا عرض لي أمر مهم، فقصدت قبر الوليد وتوسلت به إلى الله تعالى إلا استجاب الله لي.
وقال في "المعرفة": كان فقيه عصرنا. وقال أيضًا في النوع الحادي والثلاثين من كتابه "معرفة علوم الحديث": معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث ينفرد بالزيادة راوٍ واحد، وهذا مما يعز وجوده، ويقل في أهل الصنعة من يحفظه، وقد كان أبو بكر عبد الله بن محمَّد بن زياد النَّيْسابُوري الفقيه ببغداد يذكر بذلك وأبو نعيم عبد الملك بن محمَّد بن عدي الجرجاني بخراسان، وبعدهما شيخنا أبو الوليد رضي الله عنهم أجمعين. اهـ قال ابن الصلاح في "تعليقاته": أبو الوليد هو أبو الوليد حسان بن محمَّد القرشي النَّيْسابُوري، وهؤلاء الأئمة الثلاثة كلهم شافعيون جامعون بين علم الحديث والفقه رحمهم الله، والله أعلم. وقال أبو سعد الأديب: سألت أبا علي الثقفي، فقلت: من نسأل بعدك؟ قال: أبا
الوليد. وقال الخليلي: ثقة إمام، صنف على كتاب مسلم، أثنى عليه الحاكم، وكان إسناده متقاربًا، لكنه في نفسه ثقة عالم. وقال السمعاني: كان إمام عصره، وفقيه خراسان، تفقه على أبي العباس، ورجع إلى خراسان، واجتمع عليه الناس والفقهاء، ونشر العلم، ودرس الفقه. وقال رشيد الدين العطار: كان إمام عصره، وفقيه خراسان في وقته، عارفًا بالحديث. وقال الذهبي: الإِمام الأوحد، الحافظ المفتي، شيخ خراسان، ولقد كان من أركان الدين، ولما توفي رثاه أبو طاهر بن محمش الفقيه أحد تلامذته بقصيدتين ستين بيتًا. وقال الألباني: الحافظ الفقيه، أحد الأعلام، له ترجمة في "تذكرة الحفاظ".
توفي ليلة الجمعة، الخامس من ربيع الأول، سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وغسله أبو عمرو بن مطر، وحُمِلَت جنازته على الطريق الذي يمشي فيه كل جمعة إلى الجامع، حتى بلغ مصلى الحيرة، فصلى عليه يحيى بن منصور القاضي، ثم أخذ يبكي فقال: قد أَوْصَيْتُ أن يصلىِّ عليَّ أبو الوليد، وقد صلِّيتُ عليه، ثم دُفِن في مقبرة نصر بن زياد القاضي، المدفون فيها ثلاثة من أصحابه.
قلت: [ثقة حافظ فقيه زاهد].
"المستدرك"(1/ 190/ 398)، "المعرفة"(216، 398)، "مختصر تاريخ نيسابور"(42/ ب)، "الإرشاد"(3/ 842)، "الأنساب"(4/ 449)، "المنتظم"(4/ 128)، "نزهة الناظر"(25)، "طبقات علماء الحديث"(3/ 89)، "تذكرة الحفاظ"(3/ 895)، "النبلاء"(15/ 492)، "تاريخ الإِسلام"(25/ 417)، "العبر"(2/ 85)، "الإعلام"(1/ 240)،