الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: [ثقة].
[616] علي بن عبد العزيز بن الحسن بن علي بن إسماعيل، أبو الحسن، القاضي، الجُرْجاني، الفقيه الشافعي
.
قال في "تاريخه": ورد نيسابور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة مع أخيه أبي بكر وقد ناهز الحلم، فسمعا معًا الحديث الكثير، ولم يزل أبو الحسن يتقدم إلى أن ذُكِرَ في الدنيا، وكان الشيخ عبد القاهر الجرجاني قد قرأ عليه، واغترف من بحره، وكان إذا ذكره في كتبه تَبَخْبَخ به، وشمخ بأنفه بالانتماء إليه، وطوَّف في صباه البلاد، وخالط العباد، واقتبس العلوم والآداب، ولقي مشايخ وقته، وعلماء عصره، وله رسائل مدونة، وأشعار ممتنة، وكان جيد الخط، مليحًا، يُشتبَه بخط ابن مُقلَة، وله عدة تصانيف منها:"تفسير القرآن المجيد" وكتاب "تهذيب التاريخ" وكتاب "الوساطة بين المتنبي وخصومه".
وذكره في الطبقة الحادية عشرة من طبقات المعتزلة كما في كتاب "طقات المعتزلة" لابن المرتضى فقال: ومنهم أبو الحسن القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، جمع بين الكلام وفقه الشافعي، وله محل عظيم.
ثم ذكر له بعض الأبيات الشعرية الآتية بعدُ.
وقال حمزة السهمي في "تاريخه": كان قاضي جرجان، وبالري قاضي القضاة، وكان من مفاخر جرجان، صنف تاريخًا، وقال أبو سعد منصور بن الحسين الابي في "تاريخه": وقع اختيار فخر الدولة بن رُكن الدولة على أن تولى علي بن عبد العزيز الجرجاني قضاء مملكته، فولاه بعد موت
الصاحب بن عباد بعام، فكان ذلك من محاسن فخر الدولة، وكان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلًا ولا مقارنًا، مع العفَّة والنزاهة، والعدل والصَّرامة. وقال الثعالبي في "يتيمته": حسنة جرجان، وفرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، ودرة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر. وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان فقيهًا أديبًا شاعرًا، وله ديوان.
وقال ياقوت الحموي: قاضي قضاة الري في أيام الصاحب بن عباد، وكان أديبًا أريبًا كاملًا. وقال الذهبي: القاضي العلامة، الفقيه الشافعي الشاعر، صاحب الديوان المشهور، ولي القضاء فحُمد فيه، وكان صاحب فنون، ويد طولى في براعة الخط، وقد أبان عن علم غزير في كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصومه" ولي قضاء الري مدة، وهو صاحب تيك الأبيات الفائقة:
يقولونَ ليِ فِيْكَ انقِبَاضٌ وإِنَّمَا
…
رأوا رجلًا عن موقف الذل أحجما
أَرى النَّاسَ مَن داناهمُ هَانَ عِندَهُمْ
…
ومن أكرمَتْه عزةُ النفس أُكرِما
وَمَا كُلُّ بَرقٍ لاحَ ليِ يَسْتَفِزُّني
…
ولا كل من لا قيتُ ألقاه مُنْعِمَا
وَإنيّ إذا مَا فَاتَني الأَمْرُ لم أَبِتْ
…
أقلِّب كفِّي إثره متندِّما
وَلم أقْضِ حقَّ العِلمِ إن كَانَ كُلَّمَا
…
بدا طمَعٌ صَيَّرْتُهُ ليَ سُلَّما
إِذا قِيلَ هذَا مَنْهَلٌ قُلتُ قَدْ أَرَى
…
ولَكنَّ نفسَ الحُرِّ تحتَمِلُ الظَّمَا
وَلم أبتذِلْ في خِدمَةِ العِلمِ مُهْجَتِي
…
لأِخْدِمَ من لاقيتُ لَكِن لأُخْدَما
أَأَشقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنيهِ ذِلَّةً
…
إذًا فاتِّباعُ الجَهْلِ قَدْ كَانَ أَحْزَمَا
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانهُمْ
…
ولوْ عَظَّمُوهُ في النُّفوسِ لَعُظِّمَا
وممِنْ أَهَانُوهُ فَهَانُوا ودنَّسُوا
…
محُيَّاهُ بالأطْمَاعِ حَتَّى تجَهَّمَا
قال السبكي بعد أن ساق هذه الأبيات كاملة: لله در هذا الشعر ما أبلغه وأصنعه، وما أعلى على هام الجوزاء موضعه، وما أنفعه لو سمعه من سمعه، وهكذا فليكن، وإلا فلا، أدب كل فقيه، ولمثل هذا الناظم يحسن النظم الذي لا نظير له، ولا شبيه، وعند هذا ينطق المنصف بعظيم الثناء، على ذهنه الخالص لا بالتمويه. وقد نحا نحوه شيخ الإِسلام، سيد المتأخرين، أبو الفتح ابن دقيق العيد، فقال لمَّا كان مقيمًا بمدينة قُوص:
يَقُولوْنَ ليِ هَلَاّ نهضْتَ إلى العُلا
…
فَمَالَذَّ عيشُ الصَّابِرِ المتقَنِّعِ
وهَلَاّ شَدَدْتَ العِيسَ حَتَّى تَحُلَّهَا
…
بمصرَ إلى ظِلِّ الجَنَابِ المرفَّعِ
فَفِيهَا مِنَ الأَعْيَانِ مَنْ فَيضُ كَفِّهِ
…
إِذَا شَاءَ رَوَّى سَيْلُهُ كُلَّ بَلْقَعِ
وفِيهَا قُضَاةٌ لَيسَ يخفَى عَلَيهِمُ
…
تَعَيُّنُ كَونِ العِلمِ غَيرَ مُضَيَّعِ
وفِيهَا شُيوخُ الدِّينِ والفَضْلِ والأُلىَ
…
يُشِيرُ إِلَيهِمْ بالعُلا كُلّ إِصْبَعِ
وفِيهَا وَفِيهَا والمَهَانَةُ ذِلَّةٌ
…
فَقُمْ واسع واقْصِدْ بِابَ رِزْقك واقْرَعِ
فقُلْتُ نَعَمْ أَسْعَى إِذَا شِئْتُ أَنْ أُرَى
…
ذَلِيلًا مُهَانًا مستخَفًّا بِمَوضِعِ
وَأسْعَى إِذَ امَا لَذَّ ليِ طُولُ مَوقِفِي
…
عَلىَ بَاب محجُوبِ اللِّقَاءِ ممُنَّعِ
وأسْعَى إِذَا كَانَ النِّفَاقُ طَرِيقَتِي
…
أَرُوحُ وَأَغدُوا في ثِيَابِ التَّصَنُّعِ
وأَسْعَى إِذَا لم يَبْقَ فيَّ بَقِيَّةٌ
…
أُرَاعِيَ حَقَّ التّقى والتَّوَرُّعِ
فكَمْ بَينَ أَرْبَابِ الصُّدُورِ مجًالِسًا
…
تَشِبُّ بِهَا نَارُ الغَضَى بَينَ أَضْلُعِي
وكِمْ بين أِربابِ العُلومِ وأهلِها
…
إِذا بحثُوا في المُشكِلاتِ بمجْمَعِ
مناظَرَةٌ تحمي النّفوسَ فتَنتَهِي
…
وقَدْ شرعُوا فيهَا إِلى شَرِّ مَشْرَعِ
من السَّفَة المُزْرِي بمنصِب أَهْلِهِ
…
أو الصَّمْتِ عن حق هنَاكَ مُضَيَّعِ
فإمَا تُوفىَّ مَسْلَكُ الدِّينِ والتقى
…
وإمَّا تلُقَّى غُضَةَ المتجَرِّعِ
ومن شعر الجرجاني:
أفدى الذي قال وفي كَفِّهِ
…
مثل الذي أشرَبُ من فِيهِ
الورد قد أينعَ في وَجنَتِي
…
قلتُ فمِي باللَّثْمِ يجنِيهِ
ولم يزل على قضاء الرَّي إلى أن توفي بها، في سلخ صفر سنة ست وستين وثلاثمائة، بنيسابور وعمره ست وسبعون سنة، وقيل: مات بالري في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وحمل تابوته إلى جرجان، ودفن بها، وصلى عليه القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد، وحضر جنازته الوزير الخطير أبو علي القاسم بن علي بن القاسم وزير مجد الدولة، وأبو الفضل العارض راجلين، ووقع الاختيار بعد موته على أبي موسى عيسى بن أحمد الديلمي فاستُدْعي من قزوين، وولي قضاء القضاة بالرَّي. قال ابن خلِّكان، والأول أثبت وأصح. وصحح الذهبي القول الثاني، ووهم ابن خلِّكان.
قلت: [ثقة فقيه صاحب فنون، ولي القضاء فَحُمد، من مفاخر جرجان].
"مختصر تاريخ نيسابور"(46/ ب)، "تاريخ جرجان"(560)، "يتيمة الدهر"(4/ 3)، "طبقات الشيرازي"(129)، "المنتظم"(15/ 34)، "معجم الأدباء"(14/ 14)، "وفيات الأعيان"(3/ 278)، "المختصر في أخبار البشر"(1/ 136)، "تذكرة الحفاظ"(3/ 1025)، "النبلاء"