الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني والستون
علم المقبول من القراءة
والمردود وسبب الحصر
في قراء معدودين
النوع الثاني والستون
علم المقبول من القراءة والمردود
وسبب الحصر في قراء معدودين
ولم يفرد هذا النوع الحافظ السيوطي- رحمه الله تعالى- في "الإتقان"، وهو حقيق بالإفراد.
لما كثر الاختلاف فيما يحتمله الرسم، رأى المسلمون أن يجمعوا على قراءات أئمة ثقات 0 تجردوا] للاعتناء بشأن القرآن العظيم، فاختاروا من كل مصر وجه إليه مصحف أئمة مشهورين بالثقة والأمانة في النقل، وحسن كمال الدين، وكمال العلم، أفنوا عمرهم في القراءة والإقراء، واشتهر أمرهم، وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم فيما نقلوه، والثقة بهم فيما قرؤوا، ولم تخرج قراءاتهم عن خط مصحفهم.
فمنهم بالمدينة أبو جعفر، وشيبة، ونافع.
وبمكة عبد الله بن كثير، وابن محيصن، / والأعرج.
وبالكوفة يحي بن وثاب، وعاصم بن أبي النجود، والأعمش، وحمزة، والكسائي.
وبالشام عبد الله بن عامر، وعطية بن قيس الكلابي، ويحي بن الحارث الذماري.
وبالبصرة عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء، وعاصم الجحدري، ويعقوب الحضرمي.
ثم إن القراء- بعد ذلك- تفرقوا في البلاد، وخلفهم أمم، إلا أنهم كان فيهم المتقن وغيره، فلذا كثر الاختلاف، وعسر الضبط، وشق الائتلاف، وظهر التخليط، وانتشر التفريط، واشتبه متواتر القراءات بفاذها، ومشهورها بشاذها.
فمن ثم وضع الأئمة لذلك ميزانا يرجع إليه، ومعيارا يعول عليه، وهو:
السند والرسم، والعربية.
فكل ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط مصحف/الإمام، فهو من السبعة المنصوصة، فعلى هذا الأصل بني قبول القراءات عن سبعة كانوا، أو سبعة آلاف، ومتى سقط شرط من هذه الثلاثة فهو شاذ. هذا لفظ الكواشي.
فأما ما صح سنده: فهو ما نقله العدل الضابط، عن مثله كذلك إلى منتهاه، مع اشتهاره عند أئمة هذا الشأن- الضابطين-، وهو غير معدود عندهم من الغلط، ولا بما شذ به بعضهم، فإذا اجتمعت هذه الثلاثة في قراءة وجب قبولها، وحرم ردها، سواء كانت عن السبعة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، نص على ذلك الداني، والمهدوي، ومكي، وأبو شامة، وغيرهم ممن يطول ذكره، إلا أن بعضهم لم يكتف بصحة السند، بل اشترط- مع الركنين المذكورين- التواتر.
والمراد بالتواتر: ما رواه جماعة، عن جماعة، يمتنع تواطؤهم على الكذب، من البداءة إلى المنتهى، من غير تعيين عدد.
هذا هو الصحيح، وقيل بالتعيين: ستة، أو اثني عشر، أو عشرون، أو أربعون، أو سبعون. أقوال.
وزعم هذا القائل: أن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن، وعورض: بأن التواتر إذا ثبت لا يحتاج إلى الركنين الآخرين من الرسم والعربية، لأن ما ثبت متواترا قطع بكونه قرآنا، سواء وافق الرسم أو خالفه.
وتعقبه الشيخ أبو القاسم النويري المالكي، فقال:
عدم اشتراط التواتر، قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم، لأن القرآن عند الجمهور من "أئمة المذاهب الأربعة"، منهم الغزالي، وصدر الشريعة، وموفق الدين المقدسي، وابن مفلح- هو
ما نقل بين دفتي المصحف نقلا متواترا.
وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر- كما قال ابن الحاجب وحينئذ فلا بد من حصول التواتر عن الأئمة الأربعة، ولم يخالف منهم أحد فيما أعلم.
صرح بذلك جماعات كابن عبد البر، وابن عطية، والنووي، والزركشي، والسبكي، والأسنوي، والأوزاعي.