الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله ابن الحاجب- فيما ليس م قبيل الأداء- صحيح لو تجرد عن قوله: {كالمد والإمالة} ، لكن تمثيله بهما أوجب فساده كما سنوضحه بعد، فلذا قلنا: قيل ليتبين أن القول: بأن المد، والإمالة، والتخفيف غير متواتر [ضعيف عندنا]، ثم قال: ومن السبع المتواتر مطلق المد، والإمالة، وتخفيف الهمز بلا شك. انتهى ملخصا من كتاب "المنجد" مع زيادة.
وقال الجعبري: لما تعقب قول السخاوي: بأن مراتب المد الأربع لا تتحقق، ولا يمكن الإتيان بها كل مرة على قدر السابقة
…
إلى آخره، ومثل هذا القول، طرق ابن الحاجب، ونحوه إلى أن قال: ما يتوقف على الأداء كالمد، والإمالة، وتخفيف الهمز غير متواتر، وليس كذلك، بل تحقق كل شيء بحسبه. انتهى.
تنبيه:
قال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث
، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل، فقال أبو العباس بن عمار: لقد فعل مشيع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن
هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة.
ووقع له، أيضا، في اقتصاره عن كل إمام على راويين أنه صار من سمع قراءة راو ثالث غيرهما أبطلها، وهي أشهر وأصح وأظهر، وربما بالغ من لم يفهم فخطأ أو كفر.
وقال أبو حيان: ليس في كتاب ابن مجاهد، ومن تبعه من القراءات المشهورة إلا النزر اليسير، فلهذا أبو عمرو بن العلاء اشتهر عنه سبعة عشر روايا، ثم ساق أسماءهم، واقتصر في كتاب ابن مجاهد على اليزيدي، واشتهر على اليزيدي عشرة أنفس، فكيف يقتصر على السوسي، والدوري، وليس لهما مزية على غيرهما، لأن الجميع مشتركون في الضبط والإتقان، والاشتراك في الاخذ، قال: ولا اعرف لهذا سببا إلا ما قضى من نقص العلم.
وقال مكي: من ظن قراءة هؤلاء القراء، كنافع وعاصم، هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما.
قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة غيرهم، ووافق خط المصحف، أن لا يكون قرآنا، هذا غلط عظيم، فإن الذين صنفوا القراءات من الأئمة المتقدمين كأبي عبيد القاسم بن
سلام، وأبي حاتم السجستاني، وأبي جعفر الطبري، وإسماعيل القاضي، قد ذكروا أضعاف هؤلاء، وكان الناس- على رأس المئتين- بالبصرة على قراءة أبي عمرو، ويعقوب، وبالكوفة على قراءة حمزة، وعاصم، وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمروا على ذلك، فلما كان على رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي، وحذف يعقوب.
قال: والسبب في الاقتصار على السبعة/ مع أن في أئمة القراءة من هو أجل منهم قدرا ومثلهم أكثر من عددهم: أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيرا جدا، فلما تقاصرت الهمم اقتصروا- بما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءة/ به، فنظروا إلى [إمام] اشتهر بالثقة، والأمانة، [و] طول العمر في ملازمة القراءة والإتقان- على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماما واحدا، ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الأئمة- غير هؤلاء- من القراء، ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وأبي جعفر وشيبة وغيرهم.
قال: وقد صنف ابن جبير المكي مثل ابن مجاهد كتابا في
القراءات، فاقتصر على خمسة، فاختار من كل مصر إماما، وإنما اقتصر على ذلك، لأن المصاحف التي أرسلها عثمان -رضي الله تعالى عنه- كانت خمسا إلى هذه الأمصار.
ويقال أنه وجه بسبعة: هذه الخمسة، ومصحف إلى اليمن ومصحف إلى البحرين، لكن لم يسمع لهذين المصحفين خبر.
وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف، واستبدلوا من غير البحرين واليمن قارئين كمل بهما العدد، فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد الخبر به، فوقع ذلك لمن يعرف أصل المسألة، ومن لم تكن له فطنة أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع. والأصل المعتمد عليه، صحة السند في السماع، واستقامة الوجه في العربية، وموافقة الرسم.
وأصبح القراءات سندا نافع، وعاصم، وأفصحها أبو عمرو، والكسائي. انتهى.
وقال القزاز في "الشافي": التمسك بقول سبع من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سند، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين، فانتشر وأوهم أنه لا تجوز الزيادة على ذلك، ولم يقل به أحد.
وقال الكواشي: كلما صح سنده واستقام وجهه في العربية، ووافق خط مصحف الإمام، فهو من السبعة المنصوصة، ومتى فقد شرط من الثلاثة فهو الشاذ.
وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن انحصار القراءات المشهورة في مثل ما في "التيسير" و "الشاطبية". انتهى، وبالله التوفيق.