الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرحيم} إحدى آياتها". قال الرارقطني: رجال إسناده كلهم ثقات.
المبحث الثاني: في حكمها بين السورتين:
اختلف في الفصل والوصل بينها البسملة وتركها، فقرأ قالون وورش من طريق الأصبهاني، وابن كثير، وعاصم، والكسائي، وكذا أبو جعفر في الفصل بينهما بالبسملة؛ لأنها عندهم آية، لحديث سعيد بن جبير: كان عليه الصلاة والسلام لا يعلم انقضاء السورة حتى ينزل عليه: {بسم الله الرحمن الرحيم} ، ولثبوتها في المصحف بين كل سورتين ماعدا براءة. ووافقهم ابن محيصن، والمطوعي، واختلف عن ورش ممن طريق [الأزرق]، وأبي عمرو، وابن عامر وكذا يعقوب في الوصل والسكت والبسملة بينهما جمعا بين الدليلين. ووافقهم اليزيدي.
فأما ورش فالبسملة له في "التبصرة" من قراءته على أبي عدي، وهو إحدى الثلاثة، أي الأوجه في "الشاطبية" والوصل من غير بسملة قطع له به في العنوان والمفيد، وهو الثاني في "الشاطبية".
وبالسكت ابن غلبون، وابن [بليمة]، وهو الذى في "التيسير" لابن بليمة، وبه قرأ الداني على جميع شيوخه، وهو الثالث في "الشاطبية".
وأما أبو عمرو فقطع له بالوصل من غير بسملة صاحب "العنوان"، وهو احد الوجهين في "الشاطبية" وفاقا لجامع البيان، وبه قرأ الداني على شيخه الفارسي. وبالسكت صاحب "الهدايه" في الوجه الثاني، وهو الذى في سائر كتب العراقيين لغير ابن حبش عن السوسي، واختاره الداني وهو الوجه الآخر في "الشاطبية" وقطع له بالبسملة صاحب "الهادي"، ورواه ابن [حبش] عن السوسي.
وأما ابن عامر فقطع له بالبسملة في "العنوان"، وفاقا لسائر العراقيين، وبه قرأ الداني على أبي الفتح الفارسي، ولم يذكر المالكي في "الروضة" سواه، وبالوصل صاحب "الهداية"، وهو أحد الوجهين في "الشاطبية".
واما يعقوب فقطع له بالبسملة الداني، وبالوصل صاحب "الغاية"، وبالسكت صاحب "المستنير" كسائر العراقيين.
فالوصل لبيان ما في أواخر السورتين من إعراب، وبناء [و] همزات وصل، ونحو ذلك، والسكت لأنهما آيتان وسورتان، وفيه اشترط بالانفصال.
واشترط في السكت أن يكون من دونه النفس، واختلف ألفاظهم في التأدية عن زمن السكت، وفى "المبهج": وقفة تؤذن بإسرارها. أي البسملة، وهذا يدل على المهلة، وفي "جامع البيان" خفيفة من غير قطع شديد، وقال أبو العز: سكتة يسيرة، إلى غير ذلك من ألفاظهم المخرج استقصاؤها من غرض الاختصار خصوصا، وحاصلها يرجع إلى أنه دون زمن الوقف عادة، وهو في مقداره بحسب مذاهبهم في التحقيق والحدر والتوسط حسبما تحكم المشافهة. قال في "النشر" والصواب حمل دون من قولهم: دون تنفس.
أن تكون بمعنى غير، كما دلت عليه نصوصهم وما أجمع عليه أهل الأداء من المحققين من أن السكت لا يكون إلا مع عدم التنفيس سواء قل منه أو كثر.
ويؤيده ما تقدم من صاحب "المبهج": [سكته تؤذن بإسرارها] فإن الزمن الذي يؤذن بإسرار البسملة أكثر من زمن إخراج النفس.
وقد علم بهذا أن حمل (دون) على معنى/ أقل خطأ. وعلى تقدير حملها على معنى أقل، فلابد من تقديره كما قدروه من قولهم: أقل من زمان
إخراج النفس، ونحو ذلك، وعدم التقدير أولى، والله أعلم.
وإذا فصل بين السورتين بالبسملة جاز لكل من روينا عنه ثلاثة أوجه: وصلها بالماضية مع الآتية لأنه الأصل. وفصلها عنها؛ لأن كلا من الطريقين وقف تام. وفصلها عن الماضية ووصلها بالآتية. قال الجعبري: وهو أحسنها لإشعاره بالمراد، وهو أنها للتبرك والابتداء، من السورة، ويمتنع وصلها بالماضية وفصلها عن الآتية لأن البسملة لأوائل السور لا لأواخرها، والمراد بالفصل والقطع والوقف. نص عليه الشاطبي بقوله:
. . . . . . . . . . . . .
…
فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا
وتعقبه الجعبري فقال: لو قال: فلا تسكتن، لكان أشد لما يلزم
من نفي السكت نفي الوقف، بخلاف الوقف. وتعقبه ابن الجزري قال: إنه وهم لم يتقدمه إليه أحد، قال: وكأنه فهمه من كلام السخاوي حيث قال: فإذا لم تصلها بآخر السورة جاز أن يسكت عليها، فلم يتأمله، ولو تأمله لعلم أن مراده بالسكت الوقف، فإنه قال أول الكلام: اختاره الأئمة لمن يفصل بالتسمية أن يقف القارئ على أواخر السورة، ثم يبتدئ بالتسمية.
وقراءة حمزة، وكذا خلف بوصول آخر السورة بأول التي تليها من غير بسملة؛ لأن القرآن عندهما كالسورة الواحدة. قال حمزة فيما روي عنه: القرآن عندي كالسورة الواحدة، فإذا بسملت في الفاتحة أجزأني ولم أحتاج إليها كالأبعاض، إذا لم أحتج إلى الفصل بالبسملة لم أحتج إلى السكت". واحتاجوا لترك البسملة بالحديث المروي: كنا نكتب "باسمك اللهم"، فلما نزلت:{بسم الله مجرها} كتبناها {بسم الله} ، فلما نزل:{قل أدعو الله أو ادعو الرحمن} كتبنا: {بسم الله الرحمن} فلما نزل: {إنه من سليمن وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30)} [النمل] كتبناها.
قالو: فهذا دليل على أنها لم تنزل أول كل سورة، والله اعلم. وقد اختار كثير من الأهل الأداء عن من وصل السورة بالسورة لمن ذكر من ورش، وأبي عمرو، وابن عامر، وحمزة، وكذا يعقوب السكت بين (المدثر) و (القيامة)، وبين (الانفطار) و (المطففين)، وبين (الفجر) و (البلد)، وبين (العصر) و (الهمزة)، كاختيار الأخذين بالسكت لورش، وابن عامر، وأبي عامر، وكذا يعقوب الفصل بالبسملة بين [السور] المذكورة. وإنما اختاروا
ذلك لبشاعة اللفظ، ففصلوا بالبسملة للساكن، وبالسكت للواصل، ولم يمكنهم البسملة لأنهم ثبت عنه النص بعدم البسملة. فلو بسملوا [لصادموا] النص بالاختيار، وذلك لا يجوز، واحتجاج مكي في الكشف للفصل بالسملة لقوله صلى الله عليه وسلم "لا أحب العقوق"، قال مالك: كأنه كره الاسم. وبذم الخطيب الواصل: من يطع الله وسوله فقد رشد، ومن يعصيهما بقبح لفظه، وليس بشيء؛ لأنه في الأول: كره الاشتقاق، وليس هذا منه، وفي الثاني: ذاد في تقصير الخطبة، وهو الذي يقتضيه سياق مسلم؛ لأنه في مقام تعليم، ورشد، وبيان، ونصح، فلا يتناسب غاية الإيجاز، وهذا هو الصحيح في سبب الذم وقيل: لجمعه بين الله ورسوله في كلمة، وليس بشيء، أيضا، وفيما