الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موسى بن بيان الرزاز، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمَّد بن بيان الرزاز، وأبو القاسم علي بن أبي العلّاء المصيصي.
قال الخطيب كتبنا عنه، وكان ثقة صالحًا ستيرًا دينًا، سكن درب علي الطويل من نهر الدجاج. وقال ابن الجوزي في "المنتظم": ثقة صالح. وقال الذهبي في "النُّبَلاء": الشّيخ الثقة، الخير الصالح، بقية السلف. وقال في "العبر": ثقة صالح مشهور.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ومات يوم الجمعة الثّالث والعشرين من ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ودفن من الغد -وهو يوم السبت- في مقبرة الشونيزي.
قلت: [ثقة مشهور بالصلاح].
"السنن الكبرى"(1/ 71) ك: الطّهارة، باب الدّليل على أنّ فرض الرجلين الغسل
…
)، (3/ 53 ك: الصّلاة، باب تحية المسجد)، (9/ 110/ ك: السير، باب ما أحرزه المشركون على المسلمين)، "الشعب"(4/ 63)، "القضاء والقدر"(2/ 696)، "البعث والنشور" برقم (56)، "تاريخ بغداد"(9/ 352)، "الأنساب"(4/ 588)، "معجم السَّفَر"(1392)، "المنتظم"(15/ 221)، "النُّبَلاء"(17/ 479)، "تاريخ الإسلام"(29/ 81)، "العبر"(2/ 247)، "الإشارة" ص (213)، "الشذرات"(5/ 112).
[75] ظَفَر بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن زبَّارة بن عبد الله بن حسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو منصور، العلّوي، الحسيني، المغازي الزكي، البَيْهقي، النَّيْسابوري
.
حَدَّث عن: أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد البَغْدادِي بها، وأبي حامد أحمد بن اللَّيث بن سهل ببخارى، وخلف بن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الخيام البخاريّ بها، وأبي الحسين علي بن عبد الرّحمن بن سيأتي الكوفي بها، وعمه أبي علي محمَّد بن أحمد بن محمَّد زبارة النيسابوري بها، وأبي بكر محمَّد بن جعفر بن محمَّد بن فَضالة الآدمي البَغْدادي بها، ومحمد بن علي بن دُحيم الشيباني الكوفي بها، وأبي عبد الله محمَّد بن مخلد بن حفص الدوري العطار البَغْدادِي بها، وأبي العباس محمَّد بن يعقوب بن يوسف بن معقل الأصم النيسابوري بها، وأبي زكريا يحيى بن محمَّد بن عبد الله بن عنبر العنبري النيسابوري بها.
وعنه: أبو بكر أحمد بن الحسين البَيْهقي -في "سننه الكبرى"، و"الشعب"، و"البعث"، و"فضائل الأوقات"، و"الدلائل"، وذكر أنّه حدث إملاءً، ومرة ذكر أنّه حدثه ببيهق من أصل كتابة، وترحم عليه-، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد النيسابوري المؤذن، وأبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خلف الشيرازي الأديب، وأبو المعالي عمر بن محمَّد بن الحسين بن الإمام أبي عمر البسطامي النيسابوري، وأبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن حمدويه الحاكم النيسابوري.
قال الحاكم في "تاريخه": كان صالحًا عابدًا زكيًا فارسًا جوادًا، سمع بنيسابور، وبخارى، وبغداد، والكوفة، وأكثر سماعاته معي، وقد حدث وحمل عنه العلم، وصحبته في السَّفر والحضر، والأمن والخوف، فما رأيته قط ترك صلاة اللّيل، ولقد كنا ببغداد نبيت في دار واحدة لها أربع في رجات،
وكنا نبيت على السطح، وكان ينزل في نصف اللّيل ويجدد الطّهارة، ويصعد بجهد، ويرجع إلى ورده، وما رأيته في السَّفر والحضر يبخل على أحد من المسلمين بما يجده، بل كان يبذل ما في يده ولا يبالي أنّ يلحقه ضيق بعده، كما يقول الفرزدق في آبائه الطاهرين:
لا يقبض العسر بسطًا من أكفهم
…
سيان ذلك إنَّ أثروا وإن عدموا
وقال أبو الحسن عبد الغافر الفارسي: السَّيِّد أبو منصور الزكي المغازي، أخو السَّيِّد الإمام أبي محمَّد بن زبارة العابد الورع السخي ذو الخصال الحميدة، والخلال السنية، سمع من مشايخ نَيْسابور، وبخارى، وبغداد، والكوفة، خرج له الحاكم الفوائد، وسمع الخلق منه، وكانت أصوله وسماعاته صحيحه، ثمّ احترق قصره بما فيه من الكتب فضاعت أصوله، فبعد ذلك يقرأ عليه مسموعاته عن الفروع الّتي كتبت من أصوله، وعورضت بها إلى آخر عمره. وقال علي بن زيد البَيْهقي في "تاريخه": كان من كبار السادات، ذكرت شرف نسبه في كتاب "لباب الأنساب وألقاب الأعقاب"، وكان علويًا عالمًا، ومحدثًا غازيا، ذهب إلى الحجِّ، فسمع في الكوفة وبغداد أحاديث كثيرة. وقال الذهبي في "النُّبَلاء": السَّيِّد المسند الرئيس المجاهد.
توفي بقريته ودفن بها، سنة عشر وأربعمائة. وقال الذهبي: نيَّف على الثمانين فيما أُرِي، وانتقى عليه الحاكم.
قلت: [ثقة عابد جواد].
"السنن الكبرى"(2/ 138/ ك: الصّلاة، باب مبتدئ فرض التشهد)، وينظر -أيضًا - (2/ 237، 245)، (4/ 358)، (5/ 118)، "فضائل
الأوقات" برقم (163، 179*، "الشعب" (4/ 483). "مختصر تاريخ نيسابور" (43/ ب)، تاريخ بيهق (319)، المنتخب من السياق (882)، الأنساب (3/ 142)، النُّبَلاء (17/ 263)، تاريخ الإسلام (28/ 202).
[76]
عبد -بغير إضافة (1) - بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن محمَّد بن غفير -بالغين المعجمة- بن عرك بن خليفة بن إبراهيم بن نيسان بن قيس بن أبي ردمة بن عمر بن قيس بن رفاعة بن الحارثة بن سواد بن سلا بن غنم بن مالك بن النجار، أبو ذر -ويقال أبو عيسى- الأنصاري ابن السماك، الهروي، الفقيه المالكي، الأشعري.
حَدَّث عن: العلّامة أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي -سمع منه "صحيح البخاريّ" ببلخ-، وأبي إسحاق إبراهيم بن داود بن شبويه الماوردي، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن أحمد بن عثمان الدينوري -بمكة-، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان البَزَّاز، وأبي بكر أحمد بن عبدان بن محمَّد بن الفرج الشيرازي الأهوازي بها، وأبي حامد أحمد بن عبد الله بن إبراهيم السرخسي -بهراة-، وأبي الحسن أحمد بن محمَّد بن الصلت، وأبي الحسن إسحاق بن أحمد بن إبراهيم القايفي، وأبي عبد الله بشر بن محمَّد المزني المغفلي البخاريّ الهروي، وبشر بن موسى المري، وجعفر بن عبد الرزّاق بن عبد الوهّاب، وأبي سعيد الخليل بن أحمد بن محمَّد القاضي السجزي، وزاهر بن أحمد السرخسي، وزيد بن مخلد، وشيبان بن محمَّد بن عبد الله بن شيبان بن سيف الضُّبعي البصري بها، وأبي
(1) وجاء في بعض المصادر بالإضافة "عبد الله" و"عبيد الله".
منصور العباس بن الفضل بن زكريا النضروي الهروي، وأبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن حَمَّويه الحموي السرخسي -سمع منه بها "صحيح البخاريّ"-، وأبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن المنتقل المُقرئ، وأبي أحمد عبد الله بن بكر الطبراني -بالأخواخ-، وعبد الوهّاب بن الحسن الكلابي الدمشقي بها، وأبي الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن الزّهريُّ البَغْدادِي بها، وأبي القاسم عبيد الله بن محمَّد بن إسماعيل المثُّوثي البَغْدادي بها، وعلي بن أحمد بن عبد الرّحمن القرشي البصري بها، وأبي الحسن علي بن الحسن بن أحمد البلخي، وأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدراقطني، وعلي بن عمر السكري، وعلي بن محمَّد بن أحمد بن يوسف الفارسي -بالري-، وأبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين المروزي -ببغداد-، وأبي حكيم محمَّد بن إبراهيم بن السري بن يحيى التميمي -بالكوفة-، وأبي الحسن محمَّد بن أحمد بن حماد بن سفيان القرشي الكوفي، وأبي الحسن محمَّد بن أحمد بن العباس الأخميمي -بمصر-، وأبي بكر محمَّد بن أحمد بن عثمان بن الوليد السُّلمي بن أبي الحديد الدمشقي، وأبي مسلم محمَّد بن أحمد بن علي بن الحسين الكاتب البَغْدادِي -نزيل مصر بها -، وأبي منصور محمَّد بن أحمد بن نوح بن طلحة الأزهري الهروي اللغوي إملاء، وأبي بكر محمَّد بن بكر بن محمَّد بن داسة التمار البصري بها، وأبي بكر محمَّد بن الحسن بن فُورك الأصبهاني، وأبي الطيب محمَّد بن الحسين بن جعفر بن الفضل التيملي، وأبي بكر محمَّد بن الطيب بن محمَّد بن جعفر بن القاسم الباقلاني، وأبي عمر محمّد بن العباس بن محمَّد بن زكريا بن حيويه البَغْدادي بها، وأبي عبد الله محمَّد بن عبد الله بن حمدويه الحاكم
النيسابوري، وأبي الفضل محمَّد بن عبد الله بن خميرويه الهروي -وهو أقدم شيخ له-، وأبي بكر محمَّد بن عبد الله بن محمَّد بن صالح بن عمر الأبهري المالكي، وأبي الهيثم محمَّد بن مكي بن زراع الكشميهني المروزي، وبها سمع منه "صحيح البخاريّ"، وأبي علي منصور بن عبد الله بن خالد بن أحمد الذهلي الخالدي، وأبي بكر هلال بن محمَّد بن محمَّد البصري بها، وأبي الفتح يوسف بن عمر بن مسرور القواس البَغْدادِي، وأبي الحسن بن فراس، وأبي عبد الله العصفي، وأبي عمر الحراني، وأبي المنتعل، والقاضي ابن القصّار، وعدد كثير، قال القاضي عياض: ألف فيهم كتابين، أحدهما فيمن روى عنه الحديث، اشتمل على نحو ثلاثمائة اسم، أو أزيد من الفقهاء، والمحدثين، والآخر فيمن لقيه ولم يرو عنه حديثًا. وقال الكتا في في "فهرس الفهارس": عِدّة من في "معجمه" هذا المذكور ثلاثمائة رجل وثلاثون رجلًا إِلَّا رجلين، وله عن امرأة واحدة، وعِدّة ما فيه من الأحاديث ستمائة وعشرون حديثًا، ولأبي ذر جزء آخر فيه أسماء شيوخ كثيرة رآهم ولم يكتب عنهم.
وعنه: أبو بكر أحمد بن الحسين البَيْهقي -في "الشعب"، و"الدلائل"، و"فضائل الأوقات"، وذكر أنّه حدثه حين قدم عليهم خْسرُوجِرْد، وحدث عنه مرّة وذكر أنّه كان مجاورًا بمكة-، وأحمد بن عبد القادر بن محمَّد بن يوسف البُوسُفي البَغْدادِي -بالإجازة-، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن النيسابوري، وأبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البَغْدادِي -بالإجازة-، وأبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطُّرْيثيتي البَغْدادِي، وأبو شاكر أحمد بن علي بن محمَّد بن علي العثماني، وأبو
العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، وأبو منصور أحمد بن محمَّد القزويني المُقرئ، وأبو عبد الله أحمد بن محمَّد بن غلبون الخولاني الإشبيلي الأندلسي -وهو آخر من حدث عنه بالإجازة بعد الخمسمائة-، وأبو الطّاهر إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الأنصاري النحوي -وكان لما قصده للسماع منه بمكة غائبًا بسراة بني شبابة، فأشيع موته، ثمّ لم يصح ذلك، وعاد إلى مكّة فسمع منه أبو الطّاهر، ومدحه بقصيدة-، وأبو القاسم حاتم بن محمَّد الطرابلسي، وأبو الويد سليمان بن خلف بن سعد الباجي، أبو محمَّد عبد الحق بن محمَّد بن هارون السهمي الصقلي بها، وأبو محمَّد عبد الغني بن سعيد المصري الأزدي -وهو من أقرانه-، وعبد الله بن الحسن بن عمر بن رَدَّاد المُقرئ البنسي، وأبو محمَّد عبد الله بن سعد الشنتجاني -بالأندلس-، وأبو محمَّد الفقيه عبد الله بن محمَّد بن أحمد بن منظور القيسي، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمَّد الأنصاري، وأبو محمَّد عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري الأندلسي -بمصر-، وأبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي الداني الأندلسي، وأبو الحسن علي بن بكار بن أحمد بن بكار الصوري، وأبو الحسن علي بن عبد الغالب بن جعفر البَغْدادي الضراب، وعلي بن محمَّد بن أبي الهول، وأبو الحسن علي بن المفَرِّج بن عبد الرّحمن الصِّقلي -ووصفه بالحافظ-، وابنه أبو مكتوم عيسى بن أبي ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عبد الرّحمن محمَّد بن الحسين بن محمَّد بن موسى السُّلمي -وهو من أقرانه-، وأبو عبد الله محمَّد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي المصري، روى عنه عده أحاديث في "مسند الشهاب"، ومحمد بن شريح المُقرئ، وأبو الحسين
محمَّد بن المهتدي بالله، وأبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي الفقيه المالكي، وأبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمَّد بن عبد البرّ بن عاصم النَّمَري الأندلسي، قال شرف الدِّين المقدسي في "الأربعين": سمع منه أكثر الرحالين في زمانه لانتصابه للسماع منه بالحرم الشريف، وكان مالكي المذهب، روى عنه أكثر فقهاء المالكية الذين حجوا في زمانه.
قال ابن ماكولا في "الإكمال": كتب الكثير، وسمع وسافر الشّام والعراق وخوزستان، وغيرها، وأقام بمكة إلى أنّ مات، وكان من الأعيان، وقال الخطيب في "تاريخه": سافر الكثير وحدث ببغداد، وكنت لما حدث غائبًا وخرج إلى مكّة فسكنها مدة، ثمّ تزوج من العرب، وأقام بالسروان، وكان يحج في كلّ عام، ويقيم بمكة الموسم، ويحدث ثمّ يرجع إلى أهله، وكتب إلينا من مكّة بالإجازة لجميع حديثه وكان ثقة ضابطًا، دينًا فاضلًا. وقال أبو عبد الله الحميدي: كان أحد الحفاظ الإثبات، وكان على مذهب مالك بن أنس -رحمة الله عليه- في الفروع، ومذهب أبي الحسن في الأصول. وقال أبو إسماعيل عبد الله بن محمَّد الأنصاري: الحافظ صدوق، تكَلَّموا في رأيه، سمعمت منه حديثًا واحدًا في الحجِّ، وقال لي: اقرأه علي حتّى تعتاد قراءة الحديث، وهو أول حديث قرأته على الشّيخ، وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء، فَضَعْه. وقال أبو طاهر أحمد بن محمَّد بن سلفة الحافظ: أبو ذر الهروي نزيل مكّة، حافظ كبير مشهور، كتب عنه الكبار. وقال عبد الغافر الفارسي في "السياق": حافظ معروف مشهور من أهل الحديث، صوفي مالكي، من المجاورين بمكة -حرسها الله-، وكان ورعًا زاهدًا عالمًا، سخيًا بما يجد لا يَدَّخر شيئًا للغد، صار من كبار مشايخ
الحرمين، مُشارًا إليه في التصوف، كتب الكثير بهراة، وخراسان، والجبال، وفارس، والعراق، والكوفة، والحجاز، صنف في الحديث، وخرج على "الصحيحين" تخريجًا حسنًا، وكان حافظًا، كثير الشيوخ.
وقال القاضي عياض في "المدارك": تمذهب بمذهب مالك رضي الله عنه، ولقي جلة من أعلامه، وأخذ عنهم،
…
، وأخذ عن متكلمي أهل السُّنَّة حظًا من علم الاعتقاد، وسكن الحرم وجاور فيه إلى أنّ مات ناشرًا للعلّم، وسمع منه عالم لا يحصى من أهل الأقطار من شيوخ شيوخنا، وقد أدركنا غير واحد ممّن سمع منه، ولم يقدر على السماع منهم، لقصر، أو بعد الدَّار، وسمع منه من جلة أقرانه: أبو محمَّد عبد الغني الحافظ، وأبو عبد الرّحمن السلمي، وأبو عمران القابسي، ولم يسمع هو من عبد الغني تحريًا لمداخلته ببني عبيد أمراء مصر الشيعة، ولا سمع من القضاعي لكونه قاضيًا لهم، وكان رحمه الله إمامًا في الحديث حافظًا له، ثقة ثبتًا متقنًا، واسع الرِّواية متحرية في سماعه، كثير المعرفة في الصّحيح والسقيم، وعلم الرجال، حسن التأليف في ذلك كثيره، وكان مع ذلك زاهدًا متقشفًا فاضلًا متقللًا، نزل مكّة وجاور بها أزيد من ثلاثين سنة، وكان سكن منها بسراة بني سبابة، وكان يتحرى في الفتيا، ويحيل على من يحضره من فقهاء المالكية للسماع منه، قال أبو محمَّد الشَّنْتَجالي: من رأى أبا ذر رآه على هدى السلف الصالح من الصّحابة، والتابعين رضي الله عنهم، وقال حاتم بن محمَّد: كان أبو ذر مالكيًا خيرًا، فاضلًا متقللًا من الدنيا، بصيرًا بالحديث وعلله، ويميز الرجال. وقال الحافظ شرف الدِّين المقدسي في كتابه "الأربعين": من علماء هذا الشأن والمصنفين فيه، والراحلين لأجله إلى
الأقطار الكثيرة، والمرحول إليهم بسببه، وقال ابن عبد الهادي في "طبقاته": الحافظ العلّامة. وقال الذهبي في "التذكرة": الإمام العلّامة الحافظ. وقال في "النُّبَلاء": الحافظ الإمام المجود، العلّامة، شيخ الحرم. وقال في "العبر": كان ثقة متقنًا، دينًا عابدًا، ورعًا حافظًا، بصيرًا بالفقه والأصول، أخذ علم الكلام عن الباقلاني، وصنف "مستخرجًا على الصحيحين"، وكان شيخ الحرم في عصره. وذكره في رسالته:"ذكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل. وقال ابن ناصر الدِّين الدمشقي في "بديعته":
ثمّ الإمام الهروي عبدُ
…
لفهمه درايةٌ تُعَدُّ
وقال عبد الحي الكتاني في "فهرس الفهارس": الإمام الحافظ، إمام الرواة وحجة المسندين في بلد الله، ومن عليه في الدنيا المدار في رواية "صحيح البخاريّ".
قال مقيده -أمده الله بتوفيقه-: أمّا عن اعتقاده فقد ذكره الحافظ ابن عساكر في طبقات الأشاعرة في كتابه "التبيين": وروى بإسناده إلى أبي علي الحسين بن أحمد بن أبي حريصة- الأشعري- أنّه قال: كان -يعني أبا ذر- على مذهب مالك، وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري. وروى بإسناده في "تاريخ دمشق" عن أبي علي الحسن بن إبراهيم الجُاذامي المالقي أنّه قال: سمعت بعض الشيوخ يقول: قيل لأبي ذر الهروي: أنت من هراة، فمن أين تمذهبت لمالك والأشعري؟ فقال: سبب ذلك أني قدمت بغداد أطلب الحديث، فلزمت الدارقطني، فلما كان في بعض الأيَّام كنت معه فاجتاز به القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب، فأظهر الدارقطني في من إكرامه ما تعجبت منه، فلما فارقه قلت له: أيها الشّيخ الإمام، من هذا الّذي أظهرت من إكرامه ما رأيتُ؟
فقال: أوَما تعرفه؟ قلت: لا، فقال: هذا سيف السُّنَّة أبو بكر الأشعري، فلزمت القاضي منذ ذلك، واقتديت به في مذهبه. وقال أبو الوليد الباجي في كتابه "اختصار فرق الفقها" عند ذكره لأبي بكر القاضي بن الطيب: لقد أخبرني الشّيخ أبو ذر، وكان يميل إلى مذهبه، فسألته من أين لك هذا؟ فقال لي: كنت ماشيًا ببغداد مع الحافظ أبي الحسن الدارقطني إمام الحديث في وقته، فلقنا القاضي أبا بكر فالتزمه الحافظ أبي الحسن وقبل وجهه وعينيه، فلما فرقناه قلنا له: من هذا الّذي صنعت به ما لم أعتقد أنك تصنعه وأنت إمام وقتك؟ فقال: هذا إمام المسلمين، والذَّاب عن الدِّين، هذا القاضي أبو بكر محمَّد بن الطيب، قال أبو ذر: فمن ذلك الوقت تكررت عليه مع أني كلّ بلد دخلته من بلاد خراسان وغيرها لا يُشار فيها إلى أحد من أهل السُّنَّة إِلَّا إلى من كان على مذهبه وطريقه.
قال الذهبي معلقًا على كلام الباجي هذا: قلت: هو الّذي كان ببغداد يُناظر عن السُّنَّة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يردُّ على الكرامية، وينصر الحنابلة عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامرٌ، وإن كان قد يختلفون في مسائل دقيقة، فلهذا عامَلَه الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتابًا سماه:"الإبانة"، يقول فيه: فإن قيل: ما الدّليل على أنّ لله وجهًا ويدًا؛ إلى أنّ قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنّه في كلّ مكان؟ قيل: معاذ الله! بل هو مُسْتَوٍ على عرشه كما أخْبَر في كتابه؛ إلى أنّ قال: وصفات ذاته الّتي لم يزل ولا يزال موصوفًا بهًا؛ الحياة، والعلّم، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، والإرادة، والوجه، واليدان، والعينان،
والغضب، والرضى. فهذا نصّ كلامه وقال نحوه في كتاب "التمهيد" له، وفي كتاب "الذب عن الأشعري"، وقال: قد بَيِّنَّا دين الأُمَّة وأهل السُّنَّة أنّ هذه الصفات تمُرُّ كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير.
قال الذهبي: قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الّذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسُّنَّة، وبه قال ابن الباقلا في: وابن فُورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثمّ زمن الشّيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو.
ولأبي ذر الهروي مُصَنَّفٌ في الصفات على منوال كتاب أبي بكر البَيْهقي بحدثنا وأخبرنا اهـ. قلت: وهو أول من حمل الكلام إلى المسجد الحرام، وأول من بثّه في المغاربة، ولذلك كان بعض أهل السُّنَّة يلعن بسبّه ولعنه، فقد قال أبو إسماعيل الهروي في كتابه "ذم الكلام": سمعت الحسن ابن أبي أسامة المكي يقول: سمعت أبي يقول: لعن الله أبا ذر، فإنّه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثَّهُ في المغاربة. وقال -أيضًا -: سمعت أحمد بن الحسن الخاموش الفقيه الرازي: يلعن الأشعرية وُيطْرِي الحنابلة -يعني أهل السُّنَّة-، وذلك سنة خرجنا للحج، ودخلت على أبي محمَّد القراب، وأبي ذر السماك -يعني الهروي-، أسمع الحديث فسمع بذلك أبو الحسن الفارسي الفقيه، فقال لأبي: كُفَّ عبد الله -يعني نفسَهُ-، وحَثَّهُ على مجلس أبي منصور الحاكم. وقال الذهبي في "النُّبَلاء": أخذ الكلام، ورأي أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بن الطيب، وبثَّ ذلك بمكة، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب، والأندلس، وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا
يدخلون في الكلام، بل يُتقِنون الفقه أو الحديث أو العربيّة، ولا يخوضون في المعقولات وعلى ذلك كان الأصيلي، وأبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمرو الطَّلَمَنْكي، ومكي القيسي، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البرّ، والعلّماء.
ويروى عنه أنّه قال: كنت أحج على قدميّ حجات فنفذ زادي مرّة، وضَفُعْتُ فاستقرضت من إنسان فأعطاني كفًا فما كفاني، ومضى بعد ذلك عليّ يومان، فآيست من نفسي، واستسلمت للموت فإذا أنا بسوادٍ قد لاح لي مقبلًا إلى، فحدقت النظر نحوه، وإذا أنا بامرأتين على ناقتين وقد مدّتا أيديهما، بيد كلّ واحدة منهما قعبٌ فيه لبن، فأخذت أحدهما وشربت، فبكت الأخرى، فقلت لها: مالك تبكين؟ فقالت: تسابقنا إلى البِّر فسبقتني، فقلت لها: أعطني فإني أشرب -أيضًا -، فما شبعتُ فقالت: هيهات ومَنْ لي بريّ عظامك.
ومما يحكي عنه -أيضًا - ما ذكره شرف الدِّين المقدسي في "الأربعين " عن أبي الوليد الباجي أنّه قال: مضى الفقيه أبو عمران القابسي إلى مكّة، وقد كان قرأ على أبي ذر شيئًا، فوافق أبا ذر في السَّراة موضع سُكناه، فقال لخازن كتبه: أخْرجْ إليَّ من كُتُب الشّيخ ما أنْسَخُهُ ما دام غائبًا، فإذا حضر، قرأته عليه.
فقال الخازن: لا أجترئ على هذا، ولكن هذه المفاتيح إنَّ شئت أنت، فخُذْ وافْعَلْ ذلك، فأخذها، وأخرج ما أراد، فسمع أبو ذر بالسَّراة بذلك، فركب، وطرق مكّة، وأخذ كُتُبه، وأقسم أنّ لا يحُدِّثَه، فلقد أخبرت أنّ أبا عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر شيئًا ممّا كان حدَّثه قبل يُورِّي عن
اسمه، ويقول: أخبرني أبو عيسى، وذلك أنّ أبا ذرَّ كانت تكنيه العرب بأبي عيسى؛ لأنّه كان له ابن يسمى عيسى والعرب إنّما تكني الرَّجل باسم ابنه.
قال الذهبي معلقًا على ذلك: قلت: قد مات أبو عمران القابسي قبل أبي ذر، وكان قد لقي القاضي ابن الباقلاني والكبار، وما لانزعاج أبي ذروجه، والحكاية دالة على زَعَارَّة الشّيخ والتلميذ -رحمهما الله-.
قال مقيده -أمده الله بتوفيقه-: لأبي ذر الهروي تصانيف كثيرة نافعة في فن الحديث، فله:"المسند الصّحيح المستخرج على الصحيحين"، وهو كبير، وصفه عبد الغافر الفارسي بالحسن، و"المستدرك على الصحيحين"، في مجلد، علّق الذهبي منه فوائد وأثنى عليه بقوله:"يدلُّ على معرفته وحفظه"، و" تخريج الإلزامات للدارقطني"، أربعة أجزاء، و"مسانيد الموطآت"، و"المعجم، في أسماء شيوخه، و"الفهرست"، وهي غير المعجم ولعلّه في مروياته، و"السُّنَّة والصفات"، و"دلائل النبوة"، و"فضائل القرآن"، و"فضائل مالك"، و"مناسك الحجِّ"، و"فضل عاشوراء"، و"الرؤيا والمنامات"، و"التفسير"، و"العيدين"، وله أجزاء حديثية منها: فوائد أبي ذر الهروي (1)، وأحاديث من مسموعات أبي ذر الهروي (2)، وغير ذلك من الكتب الكثيرة الّتي يطول ذكرها.
ولد سنة خمس -أو ست- وخمسين وثلاثمائة، ومات بمكة لخمس خلون من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
قلت: [كان أحد الحفاظ الإثبات، ديِّنًا فاضلًا، مصنفًا، حسن "المعرفة"
(1) طبع بتحقيق سمير بن حسين ولد سعدي، نشر: مكتبة الرشد - الرياض.
(2)
طبع بتحقيق نبيل سعد خراز.
لعلّوم الحديث، صاحب رحلة واسعة].
"الشعب"(12/ 51)، "دلائل النبوة"(2/ 566)، "فضائل الأوقات" برقم (194)، "تاريخ بغداد"(11/ 141)، "ثبة الكتاني"(232)، "الإكمال"(3/ 334)، "ترتيب المدارك"(2/ 696)، "الغنية"(120)، "المنتخب من السياق" برقم (1361)، "أحاديث الشيوخ الثقات"(3/ 1366، 1370)، "تاريخ دمشق"(37/ 390)، "مختصره"(15/ 299)، "تبيين كذب المفتري" ص (255)، "فهرسة ابن خير"(70، 89، 154، 203، 260، 267، 287، 303، 428)، "المنتظم"(15/ 287)، "تحفة أهل الحديث"(93)، "الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين" ص (475)، "التقييد" برقم (510)، "الكامل في التاريخ"(8/ 36)، "طبقات علماء الحديث"(3/ 298)، "تذكرة الحفاظ"(3/ 1103)، "طبقات الحفاظ" برقم (964)، "النُّبَلاء"(17/ 554)، "تاريخ الإسلام"(29/ 404)، "العبر"(2/ 269)، "الإعلام "(1/ 291)، "الإشارة" ص (219)، "دول الإسلام"(1/ 257)، "المعين" برقم (1405)، "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل" ص (198)، "مرآة الجنان"(3/ 55)، "البداية"(15/ 688)، "الديباج المذهب" برقم (416)، "الوفيات لابن قنفذ" ص (240)، "العقد الثمين"(5/ 539)، "بديعة البيان" ص (187)، "المعجم المفهرس"(25/ 46، 77، 159، 173، 283)، "الجواهر والدرر"(3/ 1253)، "النجوم الزاهرة"(5/ 36)، "طبقات المفسرين" للداوودي (1/ 372)، "نفح الطيب"(2/ 70)، "كشف الظنون"(1/ 442)، (2/ 1673)، "الشذرات"(5/ 164)، "الرسالة المستطرفة" ص (23، 58)، "شجرة النور الزكية"