الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حالة العرب الاقتصادية
كان العرب بدوا، وحضرا. أما البدو فكان عماد حياتهم على تربية النّعم، والانتجاع بها مساقط الغيث ومواطن الكلأ، وكانوا يأكلون من لحومها وألبانها، ويكتسون، ويصنعون خيامهم وأثاثهم من أوبارها وأصوافها، ويبيعون ما زاد عن حاجتهم منها، وكان ثراؤهم بحسب ما يملكون من رؤوس الإبل، والبقر، والغنم.
أما حياة الحضر فمنهم من كانوا يعتمدون في معايشهم على الزراعة:
زراعة الحبوب، والفواكه، والنخيل، والخضر، وذلك في البلاد ذات الأراضي الخصبة كاليمن، والطائف، والمدينة، ونجد، وخيبر وما شابهها، أما الكثرة الكاثرة منهم فكان اعتمادهم على التجارة، ولا سيما أهل مكة فقد كان لهم مركز ممتاز في التجارة وكان لهم بحكم كونهم أهل الحرم منزلة في نفوس العرب، فلا يعرضون لهم، ولا لتجارتهم بسوء، وقد تمنن الله عليهم بذلك في القران الكريم قال تعالى:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)«1» .
وكانوا يجعلون التجارة في قمة وجوه المكاسب والارتزاق.
(1) الاية 67 من سورة العنكبوت.
وقد اقتسم بنو عبد مناف التجارة إلى الأقطار فيما بينهم، فكان هاشم يتوجه إلى الشام، وعبد شمس إلى الحبشة، والمطّلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس، وزاول بعض أبنائهم التجارة من بعدهم.
وكذلك اشتهر بالتجارة اليمنيون، ولم يكن نشاطهم مقصورا على التجارة البرية بل اشتغلوا بالتجارة في البحار، فسافروا إلى سواحل أفريقية، كالحبشة والسودان، والصومال، وغيرها من بلاد أفريقيا وإلى الهند وجاوة، وسومطرة، وغيرها من بلاد اسيا، وجزر المحيط الهندي أو البحر العربي كما يسمّى، وقد كان لهم فضل كبير بعد اعتناقهم الإسلام، في نشره في هذه الأقطار.
وكانت وسيلة نقل التجارة هي القوافل التي تتكون من الإبل التي تعتبر سفن الصحراء، لما لها من قوة، وجلد، وصبر على العطش، وتحمل الأسفار البعيدة.
وكان يزاول التجارة بعض الأشراف كهاشم، وأبي طالب، وأبي لهب والعباس، وأبي سفيان بن حرب، وأبي بكر، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله وغيرهم، منهم من كان يتّجر في ماله، ومنهم من كان يعمل لغيره بالأجر، أو المضاربة، كما حدث من رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتجاره في مال خديجة رضي الله عنها ومن الأشراف من كان يتّجر له مواليه ومماليكه.
وكان بعض الحضريّين يشتغل برعي الإبل، أو الغنم لنفسه، أو لغيره، ولا غضاضة في هذا سواء أكان من الأشراف، أم من غيرهم، وقد رعى رسول الله الغنم في صغره، وكذلك فعل عمر بن الخطاب وابن مسعود وغيرهما وكانت القوافل تحمل الطيب، والبخور، والمر، والصمغ، واللبان، والتوابل، والتمور، والروائح العطرية، والأخشاب الزكية، والعاج، والابنوس، والخرز، والجلود، والبرود اليمنية، والأنسجة الحريرية، والأسلحة، وغيرها مما يوجد في شبه الجزيرة، أو يكون مستوردا من خارجها، ثم تذهب به إلى الشام وغيرها، ثم تعود محملة بالقمح، والحبوب، والزبيب، والزيوت، والمنسوجات الشامية وغيرها.