الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصي بن كلاب
كان كلاب بن مرة متزوجا من فاطمة بنت سعد بن سيل، فولدت له زهرة وقصيا، ومات كلاب وقصي طفل في المهد، وقدم مكة بعد هلاك كلاب ربيعة بن حرام من عذرة، فتزوج فاطمة، واحتملها إلى بلاده، فحملت قصيا معها، وأقام أخوه زهرة بمكة لأنه كان رجلا، وقد ولدت فاطمة لربيعة رزاحا، فلما كبر قصي تسابّ هو ورجل من قضاعة فعيّره بأنه ليس منهم، وإنما هو ملصق فيهم، فدخل على أمه وهو مغضب فأخبرها، فقالت له: يا بني، صدق أنك لست منهم، ولكن رهطك خير من رهطه، واباؤك أشرف من ابائه، وإنما أنت قرشي، وأخوك وبنو عمك بمكة، وهم جيران بيت الله الحرام.
فاحتمل بنفسه إلى مكة وأقام قصي بمكة، وعرف عنه من الجد وحسن الرأي ما جعله موضع احترام أهلها وأهله فيها، وتقديرهم له، وكانت سدانة البيت في هذا الوقت لخزاعة يتولاها حليل بن حبشية، فما لبث حين خطب إليه قصي ابنته حبّى أن رغب فيه وزوجه، فولدت لقصي: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبدا، وكثر ولده وانتشروا، كما كثر ماله، وعظم جاهه وشرفه.
ولاية قصي البيت
ثم هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر، فقريش هم في الذروة من ولد إسماعيل، وصريح ولده، فكلّم رجالا من قريش وبني كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة، فأجابوه، واستنصر أيضا بأخيه لأمه رزاح بن ربيعة، فجاء ومعه إخوته لأبيه، وكانت
حرب شديدة بينهم، وبين خزاعة وبني بكر، انتهت بانتصار قصي ومن معه، وهزيمة الاخرين وإجلائهم عن مكة، وتمّ لقصي ولاية البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم- وكانت بعيدة عن البيت- إلى ما حول البيت، فسمي:
مجمّعا، وتملك على قومه وأهل مكة فملّكوه، وكان أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه.
وصارت ماثر قريش كلها إلى قصي: الحجابة «1» ، والسقاية «2» ، والرفادة «3» ، واللواء «4» ، والندوة «5» ، فحاز شرف مكة كلها، فما تنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره.
ولمّا بنت قريش بأمر قصي حول الكعبة دورها تركوا مكانا كافيا للطواف حول البيت، وتركوا بين البيوت طرقا ينفذ منها إلى الحرم، واتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها، وقيل إن حليلا هو الذي أوصى بذلك لقصي لما انتشر ولده من ابنته، فأبت خزاعة أن تمضي ذلك لقصي، فعند ذلك هاجت الحرب بينه وبين خزاعة، وقيل إن حليلا عهد بالمفاتيح إلى أبي غبشان وهو من خزاعة، وكان رجلا سكّيرا، فابتاعها منه قصي بزق خمر، فقيل: أخسر من صفقة أبي غبشان.
وكان قصي أول من سن الرفادة وجعلها فرضا على قريش، حيث قال:
(1) أن تكون مفاتيح الكعبة بيده فلا يدخلها أحد إلا بإذنه.
(2)
هي الشراب الذي كانوا يصنعونه لأهل مكة في الموسم من ماء زمزم يخلط تارة بعسل، وتارة بلبن، وتارة ينبذ فيه التمر والزبيب، يتطوعون بذلك للحجيج من عند أنفسهم.
(3)
طعام كانت قريش تجمعه كل عام لأهل الموسم ويقولون: هم أضياف الله تعالى.
(4)
ما يعقد للحرب.
(5)
الاجتماع للمشورة.