الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونسلمه حتى نصرّع حوله
…
ونذهل عن أبنائنا والحلائل «1»
وينهض قوم في الحديد إليكم
…
نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل «2»
ومنها:
وما ترك قوم- لا أبا لك- سيدا
…
يحوط الذمار غير ذرب مواكل «3»
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
…
ثمال اليتامى عصمة للأرامل «4»
وهي قصيدة طويلة جدا قال فيها ابن كثير: هذه قصيدة بليغة جدا، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعها «5» .
الإغراء بدل الإيذاء (قصة عتبة بن ربيعة مع الرسول)
ورأت قريش- وقد عزّ عليها أن يكف النبي عما يقول بالإيذاء والفتنة والسعي إلى عمه أبي طالب، بل والإيذان بالحرب والمنابذة- أن تلجأ إلى سياسة الملاينة، والإغراء بالمال، أو الجاه، أو الملك والسلطان ظنا منهم أنه ربما يغريه بريق هذه العروض.
روى ابن إسحاق في سيرته عن محمد بن كعب القرظي قال: حدّثت أن عتبة بن ربيعة- وكان سيدا حليما- قال ذات يوم، وهو جالس في نادي قريش ورسول الله جالس واحده في المسجد الحرام: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا
(1) الحلائل: الزوجات.
(2)
الروايا: جمع راوية، وهي البعير الذي يحمل الماء، الصلاصل: المزادات التي لها صلصلة بالماء.
(3)
الذمار: ما يلزم حمايته، الذرب بسكون الراء: الفاحش المنطق، المواكل: الذي لا جد عنده.
(4)
يستسقى: يستنزل المطر بسبب دعائه، وقيل: إن أهل مكة كانوا أجدبوا بسبب عدم نزول الماء، فقام عبد المطلب يحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير على عاتقه، ودعا الله فما لبثوا أن تفجرت السماء، وامتلأ الوادي بالماء.
(5)
السيرة لابن هشام ج 1 ص 272- 280؛ البداية والنهاية ج 3 ص 53- 57.
فأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها، ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا أبا الوليد، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السطة «1» في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفّهت به أحلامهم، وعبت به الهتهم ودينهم، وكفّرت من مضى من ابائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل يا أبا الوليد أسمع» .
قال: يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سوّدناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيّا «2» تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه.
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال: «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم، قال:«فاسمع مني» قال: أفعل، فقال:
حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (5) ....
ومضى رسول الله يقرؤها، فلما سمعها عتبة أنصت إليها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله إلى السجدة منها فسجد، ثم قال:«قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك» !!
(1) الخيار والوسط.
(2)
الرئيّ كغني التابع من الجنّ.