الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوحي وأنواعه
الوحي في اللغة: يطلق على الإعلام الخفي السريع وهو أعم من أن يكون بإشارة، أو كتابة، أو رسالة، أو إلهام غريزي أو غير غريزي، وهو بهذا المعنى اللغوي لا يختص بالأنبياء، ولا بكونه من عند الله سبحانه وتعالى «1» .
وأما معناه الشرعي: فهو إعلام الله أنبياءه ورسله بما يريد أن يبلغه إليهم من شرع، أو كتاب، بواسطة أو بغير واسطة «2» ، فهو أخص من المعنى اللغوي لخصوص مصدره ومورده «3» .
وقد يعرّف بأنه (عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين أنه من عند الله)«4» .
وقد يعرّف بأنه: (ما أنزله الله على أنبيائه، وعرفهم به من أنباء الغيب، والشرائع)«5» .
إمكان الوحي ووقوعه
مبنى الوحي ومداره على أمرين:
الأول: وجود موح وهو الله سبحانه وتعالى، ووجود الملك الذي يبلّغ الوحي وينقله من الله إلى الأنبياء والرسل، والملك جسم نوراني لا يرى، ولكنه قادر على التشكل بالأشكال المختلفة الحسنة، والتنقل بالسرعة الفائقة، وقد يراه على حقيقته بعض أنبياء الله ورسله.
الثاني: وجود نفس بشرية صافية عندها استعداد خاص لتلقي الوحي من الله مباشرة، أو من الملك.
(1) المدخل لدراسة القران الكريم، ص 73؛ والوحي المحمدي، ص 37.
(2)
وهو بهذا تعريف للوحي بمعناه المصدري.
(3)
مصدره: وهو كونه من الله، ومورده: وهم الأنبياء والرسل.
(4)
وهو تعريف للوحي بالمعنى الحاصل بالمصدر.
(5)
وهو تعريف للوحي بمعنى الموحى به.
أما الأول: فالله سبحانه وتعالى قام على وجوب وجوده الدلائل العقلية، والافاقية، والأنفسية والتنزيلية.
وأما الملائكة فقد أخبر بوجودهم الأنبياء، وتواترت على ذلك الكتاب السماوية كلها بما لا يدع مجالا للشك في وجودهم، وأجمع على وجودهم أهل الأديان جميعا.
والفلاسفة قديما وحديثا- إلا الشرذمة المادية- يقرون بوجود عالم غير محسوس وراء هذا العالم المحسوس، وأن الإنسان ليس جسما ماديا فحسب، وإنما هو جسم وروح.
وإذا ثبت وجود عالم وراء هذا العالم المحسوس لم يبق مجال إذا- وقد أخبر بوجودهم الأنبياء والرسل، والكتاب السماوية- لإنكار وجود الملائكة.
وأما الثاني: وهو استعداد النبي أو الرسول للتلقّي عن الله، أو عن الملك، فهو أمر ممكن؛ إذ الأنبياء والرسل لهم من سمو فطرتهم، وصفاء أرواحهم وإعداد الله سبحانه لهم إعدادا خاصا: جسمانيا، وروحيا ما يؤهلهم لتلقي الوحي من الله، أو الملك الموكل بذلك، والفهم منه، وليس لنا في هذا أن نقيس الغائب على الشاهد، أو عالم الروح على عالم الحس والمادة، وإلا ضللنا عن الصراط المستقيم.
وإذا ثبت هذان الأمران فقد ثبت- ولا محالة- إمكان الوحي، وأنه لا استحالة فيه، ومن ادّعى الاستحالة فعليه البيان، وأن يقيم على ذلك البرهان، ثم إن بعض المخترعات الحديثة، كاللاسلكي، والمذياع، والتليفزيون، ونحوها تمكن الإنسان بوساطتها أن يبلغ الكلام أو الصورة إلى من هو أبعد من مصدره بألوف الأميال، فإذا توصل الإنسان- على عجزه- إلى هذه الوسائل، أفنستبعد على خالق القوى والقدر، العليم الخبير، أن يبلّغ رسله ما يريد بوساطة أو بغيرها؟! وأن يهيىء للموحى إليه من الوسائل ما يجعله مستعدا لتلقّي الوحي؟!
وإذا ثبت أن الوحي ممكن، وأن كل ممكن أخبر بوقوعه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فهو واقع كانت النتيجة: أن الوحي ثابت، وواقع لا محالة.