الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يبدّلوا، ويكون المراد أن الله محا به معظم أنواع الكفر، وأصبح معظم الناس مؤمنين موحّدين، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يفارق الدنيا حتى صارت الجزيرة كلها مؤمنة موحّدة وحمل أصحابه الرسالة من بعده، فلم يمض قرن من الزمان أو أقل حتى صار معظم الدنيا المعروفة انئذ من المحيط إلى المحيط «1» يذكر على ماذنها توحيد الله في اليوم خمس مرات.
وأما الحاشر فقد فسّر أيضا في الحديث. ومعنى على قدمي: أي على أثري، وهو يوافق قوله في الرواية الاخرى:«وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي» أي أنه أول من يحشر يوم القيامة، وفي الحديث الاخر:«أنا أول من تنشق عنه الأرض» .
وأما العاقب فقد ورد تفسيره في الرواية الاخرى: «وأنا العاقب ما بعده نبي» فهو خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
النسب الزكي الشريف
وإليك نسب النبي الشريف المنيف، على ما ذكره الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه «2» قال:
محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب «3» ، بن هاشم «4» ، بن عبد مناف «5» ، بن قصي «6» ، بن كلاب «7» ، بن مرّة، بن كعب «8» ،
(1) من المحيط الأطلسي غربا، إلى المحيط الهادي شرقا.
(2)
باب «مبعث النبي صلى الله عليه وسلم» .
(3)
اسمه شيبة قيل لشيبة كانت في رأسه، ويقال له: شيبة الحمد لجوده.
(4)
اسمه عمرو. ولقب بهاشم لكثرة ما هشم من الخبز لإطعام الناس.
(5)
اسمه: المغيرة.
(6)
بصيغة المصغر، اسمه زيد، وقد قدمنا سبب تسميته قصيا.
(7)
كلاب: اسمه حكيم، ولقب بكلاب لمحبته كلاب الصيد، فكان يجمعها فيمر المار فيعجب لكثرتها، فيسأل عنها: فيقال له: هذه كلاب ابن مرة فعرف بذلك.
(8)
وهو أول من جمع الناس يوم العروبة، وهو يوم الجمعة كان يسمى بذلك في الجاهلية،
ابن لؤي، بن غالب، بن فهر «1» ، بن مالك، بن النضر «2» ، ابن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس «3» ، بن مضر «4» ،
- وقيل: إنه أول من سماه الجمعة، فيكون الاسم على هذا جاهليا، وقيل: إنه سمي بذلك في الإسلام، وهو الذي صححه ابن حزم، وكان يجمعهم في هذا اليوم، ويخطبهم، ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: إنه من ولده.
(1)
اسمه قريش، وإليه تنسب قريش في قول جماعة منهم الإمام الزهري، فما كان فوق فهر فليس بقرشي، بل هو كناني على الصحيح.
(2)
لقب بالنضر لنضارة وجهه، قال ابن هشام: هو قريش، وبه قال الشافعي، وعزاه العراقي للأكثرين، وقال النووي: هو الصحيح، وصححه الحافظ صلاح الدين العلائي، ويستدلون له بحديث الأشعث بن قيس لما وفد على النبي في وفد كندة، فقال: يا رسول الله ألستم منا؟ قال: لا، نحن بنو النضر بن كنانة» رواه ابن ماجه، وأبو نعيم، وابن عبد البر. وروى الحافظ البيهقي بسنده أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجالا من كندة يزعمون أنه منهم، وأنهم منه فقال:«إنما كان يقول ذلك العباس، وأبو سفيان بن حرب فيأمنا بذلك، وإنا لن ننتفي من ابائنا، نحن بنو النضر بن كنانة» . ومن العلماء من وفّق بين القولين بأن فهرا جماع قريش، فأبوه مالك ما أعقب غيره، وكذلك النضر ليس له عقب إلا مالك فاتفق القولان، وقريش: تصغير قرش، وهي دابة- سمكة- في البحر عظيمة من أقوى دوابه، سميت بذلك لقوّتها، لأنها تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعالى، وقيل لأنهم كانوا يتجرون من قولهم: قرش الرجل يقرش كضرب يضرب إذا اتجر (شرح المواهب اللدنية، ج 1 مبحث نسب النبي) .
(3)
بكسر الهمزة، وفتحها، وهمزته همزة وصل: ضد الرجاء. وهو أول من أهدى البدن جمع بدنة- وهي الإبل ذكرا كانت أم أنثى، والتاء فيه للواحدة لا للتأنيث، وكانت العرب تعظمه كتعظيم أهل الحكمة كلقمان وأشباهه، وكان يدعى كبير قومه وسيد عشيرته، ولا يقطع أمر، ولا يقضى بينهم دونه.
(4)
بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة، غير مصروف للعلمية والعدل، سمي به لأنه كان يحب شرب اللبن الماضر، وهو الحامض، قيل: اسمه عمرو، وكنيته أبو إلياس، وكان عاقلا حكيما، ومن حكمه: من يزرع شرا يحصد ندامة، وخير الخير أعجله، فاحملوا أنفسكم على مكروهها، واصرفوها عن هواها فيما أفسدها، فليس بين الصلاح والفساد إلا فواق. أي شيء قليل.
ابن نزار «1» ، بن معدّ «2» ، بن عدنان «3» .
وهذا النسب الزكي متفق عليه بين علماء الأنساب إلى عدنان، قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: أجمع العلماء على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما انتسب إلى عدنان ولم يجاوزه.
وأما من بعد عدنان فهم مختلف فيهم، وإن كان النسابون اتفقوا على أن عدنان ينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم- عليهما السلام فهو جد النبي الأعلى، وقد انتقلت إليه منه بعض الصفات الجسمانية، ففي الحديث الصحيح لما ذكر إبراهيم قال:«وإنه لأشبه الناس بصاحبكم» .
ولم يزل صلى الله عليه وسلم يتنقل من أصلاب الاباء الطيبين، إلى أرحام الأمهات الطاهرات، لم يمسّ نسبه من سفاح الجاهلية شيء، بل كان بنكاح صحيح على حسب ما تواضع عليه العرب الشرفاء، حتى خرج من بين أبويه الكريمين.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» . ورواه الترمذي في سننه بزيادة في أوله: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل
…
» والمراد بالاصطفاء تخيّر الفروع الزكية من الأصول الكريمة تخيّرا مبناه الأخلاق الكريمة، والفضائل الإنسانية السامية، والطباع الفطرية السليمة، وينضم إلى ذلك بالنسبة إلى إسماعيل والنبي اصطفاء النبوة والرسالة.
(1) بكسر النون، قيل: لما ولد فرح به أبوه فرحا شديدا، ونحر، وأطعم، وقال: إن هذا كله نزر- أي قليل- لحقّ هذا المولود، وبه جزم السهيلي، وقال أبو الفرج الأصبهاني: سمي بذلك لأنه كان فريد عصره، وعليه اقتصر صاحب الفتح، والإرشاد.
(2)
معد بفتح الميم والعين وتشديد الدال.
(3)
عدنان بوزن فعلان من العدن، وهو الإقامة، وحكى الزبير أن عدنان أول من وضع أنصبة الحرم، وأول من كسا الكعبة، أو كسيت في زمنه، وقال البلاذري: أول من كساها الأنطاع عدنان.