الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخ الفدائيين
وفي الطريق إلى الغار رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر عجبا، راه مرة يسير أمامه، ومرة يسير خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن شماله!! فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا، فقال: يا رسول الله أذكر الطّلب «1» فأمشي خلفك، وأذكر الرّصد «2» فأكون أمامك، ومرة عن يمينك، ومرة عن شمالك، لا امن عليك «3» !
فقال له النبي: «يا أبا بكر لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني؟» قال: نعم والذي بعثك بالحق!!
وما زالا يسيران في ظلمة الليل وبين الرمال والصخور حتى وصلا إلى الغار.
استبراء الغار
ولما وصلا إلى الغار وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيه قال له الصديق:
مكانك حتى أستبرىء لك، فإن كان به أذى نزل بي قبلك، ثم نزل فتحسس الغار فلم يجد به شيئا، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغ منه الإعياء والتعب مبلغه «4» ، فما إن دخلا حتى توسّد الرسول قدم أبي بكر ونام.
وكان الصدّيق يأخذ من ثوبه ويسدّ فم الأجحار خشية أن يكون شيء من الهوامّ فتؤذي رسول الله، فبقي منها جحر فألقمه عقبه، وكانت به حية فلدغته،
(1) الطالب للإنسان، وإنما يأتي من الخلف.
(2)
الرصد: المترصد في الطريق.
(3)
روى هذه القصة الإمام البيهقي (البداية والنهاية، ج 3 ص 180) .
(4)
لقد صعدت إلى هذا الجبل نهارا في رفقة ونحن شباب، فاستغرقنا أكثر من ساعة، وقد حفيت أقدامنا من الصخور، فما بالك إذا كان ليلا، وطلبا للنجاة من عدو مغيظ محنق؟ فلله ما لقي النبي وصاحبه في هذه الليلة، وأذكر أن رحلتنا تلك كانت في مثل يوم الذكرى المجيدة، ذكرى الميلاد، وقد صليت في الغار ركعتين، وألقيت كلمة يومها في جلال هذه الذكرى.