الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى البخاري في صحيحه بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت من خير قرون بني ادم قرنا فقرنا، حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه» . وروى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال: «أنا محمد بن عبد الله
…
» إلى اخر النسب الشريف ثم قال: «وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما، فأخرجت من بين أبوي، فلم يصبني شيء من عهر «1» الجاهلية، وخرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن ادم حتى انتهيت إلى أبي، وأمي، فأنا خيركم نفسا، وخيركم أبا» وروى الإمام أحمد في مسنده بسنده عن المطّلب بن أبي وداعة قال: قال العباس: بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس، فصعد المنبر فقال:«من أنا» ؟ قالوا:
أنت رسول الله، قال:«أنا محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل، فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا، وخيركم نفسا» إلى غير ذلك من الأحاديث «2» .
وراثة الصفات والفضائل
وإذا كان الله سبحانه وتعالى جرت سنته ألايبعث نبيا إلا في وسط من قومه شرفا، ونسبا، ومحتدا، فقد كان في الذروة من هذه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فما من ابائه إلا كان مليا «3» بالفضائل، والمكارم، وقد علمت بعضا منها انفا، وما من أم من أمهاته إلا وهي أفضل نساء قومها نسبا وموضعا، ولم تزل هذه الفضائل والكمالات البشرية تنحدر من الأصول إلى الفروع حتى تجمعت كلها في سلالة ولد ادم، ومصاصة بني إبراهيم وإسماعيل، سيدنا محمد بن عبد الله الأمين.
وليس من شك في أن النسب الكريم إذا زانه الحسب العريق، كان ذلك من أسباب الكمال. ووراثة الصفات الخلقية والخلقية، والخصائص النفسية، والعقلية أمر مقرر معلوم، وقد دلّ على هذه الوراثة قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء
(1) فجور ومفاسد.
(2)
البداية والنهاية ج 2، ص 277- 280.
(3)
أي غنيا.
يشتكي إلى النبي أن ابنه جاء أسود، ولم يكن أحد من أبويه أسود فقال له:
«هل لك من إبل» ؟ قال: نعم قال: «ما ألوانها» ؟ قال: حمر، قال:«هل فيها من أورق» «1» ؟ قال: نعم قال: «فأنّى ذلك» ؟ قال: لعله نزعه عرق «2» قال:
«فلعل ابنك هذا نزعه عرق» «3» !
وقد شرح العلماء المحدثون قوانين الوراثة، وبيّنوها غاية البيان، وقد قالوا: إن هناك وراثة نوعية عامة، وهي وراثة الصفات الجسمية والنفسية الثابتة الخاصة بالنوع الإنساني، فكل طفل يولد مزودا بهذه الصفات عن طريق الوراثة النوعية.
ووراثة خاصة: وهي التي تنقل إلى الفرع صفات من أصوله الخاصة القريبة أو البعيدة، وهي لذلك تنتظم طائفتين:
1-
إحداهما: الوراثة الخاصة المباشرة، وتظهر فيما يرثه الطفل عن أصليه المباشرين: أبيه وأمه.
2-
والثانية: الوراثة الخاصة غير المباشرة، وتظهر فيما يشبه فيه الطفل أحد أجداده، أو إحدى جداته من جهة الأب، أو الأم من الدرجة الأولى، أو من الدرجات التي تليها من صفات لم تظهر في أحد أبويه. ومن هذا النوع ما يسمونه «الوراثة الفرعية» أو «الوراثة بالواسطة» أو «الوراثة المشتركة» وهي التي تظهر فيما يشبه فيه الطفل أحد أعمامه، أو أخواله، أو إحدى عماته، أو خالاته من صفات لم تكن ظاهرة في أحد أبويه المباشرين، وذلك أن الطفل إذا أشبه عمه مثلا في صفة ما، يرجع إلى أنه هو وعمه أخذا هذه الصفة عن جده القريب أو البعيد، أو من جدته القريبة، أو البعيدة من جهة الأب، والوراثة الخاصة غير المباشرة ترجع في التحليل الأخير إلى الوراثة الخاصة المباشرة.
(1) هو الذي يميل لونه إلى الغبرة والسواد.
(2)
العرق: هو الأصل أي جاء لأحد أصوله.
(3)
صحيح البخاري- كتاب الطلاق- باب إذا عرّض بنفي الولد.