الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريق الخير والفضل والجمال والحق في مغالبتها وتغلبها على الشر والنقص، والقبح والباطل بفضل من الله ومغفرة.
وليس بمستطيع هذا السمو إلا قوة فوق ما تعرف الطبائع الإنسانية، فإذا جاء بعد ذلك ممن اتبعوا محمدا من عجز عن متابعته في سمو فكرته، وقوة إحاطته بواحدة الكون في كماله، وفي جهاده لبلوغ هذا الكمال فلا عجب في ذلك، ولا عيب فيه، والممتازون من الناس، والموهوبون منهم درجات، وبلوغنا الحقيقة معرض دائما لهذه الحدود التي تعجز قوانا عن تخطيها
…
«والإسراء بالروح هو في معناه كالإسراء والمعراج بالروح جميعا سموا وجمالا، وجلالا، فهو تصوير قوي للواحدة الروحية من أزل الوجود إلى أبده، فهذا التعريج على جبل سيناء حيث كلّم الله موسى تكليما، وعلى بيت لحم حيث ولد عيسى، وهذا الاجتماع الروحي ضمت الصلاة فيه محمدا، وعيسى، وموسى، وإبراهيم مظهر قوي لواحدة الحياة الدينية على أنها من قوام واحدة الكون في موره الدائم إلى الكمال
…
» إلى اخر ما قال «1» .
مناقشة للدكتور هيكل
إن فكرة واحدة الوجود فكرة خاطئة وافدة إلى الإسلام فيما وفد إليه من اراء فاسدة لا يشهد لها عقل ولا نقل، وهي من مخلّفات الفلسفات القديمة، وفيها ما فيها من أخطاء وأباطيل، وقد انتصر لها وتشيع بعض المتصوفة الذين ينتسبون إلى الإسلام، وكتبوا فيها فكان عاقبتهم الإلحاد في الله وصفاته.
وقد أبان بطلانها كثير من علماء الأمة الراسخين في العلم، المتثبتين في العقيدة، والقول بها يؤدي إلى القول بالطبيعة، وقدم العالم، وإنكار الألوهية، وهدم الشرائع السماوية التي قامت على أساس التفرقة بين الخالق والمخلوق، وبين وجود الرب، ووجود العبد، وتكليف الخالق للخلق بما يحقق لهم السعادة، ومقتضى هذا المذهب أن الوجود واحد، فليس هناك خالق ومخلوق، ولا عابد
(1)«حياة محمد» ص 189، 190 ط ثانية.
ومعبود، ولا قديم وحادث، وعابدو الأصنام والكواكب والحيوانات حين عبدوها إنما عبدوا الحق، لأن وجودها الحق، إلى اخر خرافاتهم التي ضلّوا بسببها وأضلوا غيرهم، والتي أضرت بالمسلمين، وجعلتهم شيعا وأحزابا، ولقد بلغ من بعضهم أنه قال: إن النصارى ضلّوا لأنهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين، وقال بعض المعتنقين لهذه الفكرة:
العبد حق، والرب حق
…
يا ليت شعري من المكلّف؟
إن قلت: عبد فذاك رب
…
أو قلت: رب أنّى يكلف؟
قال الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني في بعض كتبه بعد أن ذكر الفناء المحمود، والفناء المذموم:«ولهذا لما سلك ابن عربي، وابن سبعين وغيرهما هذه الطرق الفاسدة أورثهم ذلك «الفناء» عن وجود السوى فجعلوا الموجود واحدا، ووجود كل مخلوق هو عين وجود الحق، وحقيقة الفناء عندهم ألايرى إلا الحق، وهو الرائي والمرئي، والعابد والمعبود، والذاكر والمذكور، والناكح والمنكوح، والامر الخالق هو المأمور المخلوق، وهو المتصف بكل ما يوصف به الوجود من مدح وذم، وعبّاد الأصنام ما عبدوا غيره، وما ثمّ موجود مغاير له البتة عندهم، وهذا منتهى سلوك هؤلاء الملحدين!!
وأكثر هؤلاء الملاحدة القائلين بواحدة الوجود يقولون: فرعون أكمل من موسى، وإن فرعون صادق في قوله:«أنا ربكم الأعلى» لأن الوجود فاضل ومفضول والفاضل يستحق أن يكون رب المفضول، ومنهم من يقول: إنه مات مؤمنا، وأن تغريقه كان ليغتسل غسل الإسلام» «1» .
فالحق أن فكرة واحدة الوجود فكرة زائفة، تصادم نصوص الدين القطعية، ولا يدل عليها شيء من قران أو سنة، وأن العقيدة الإسلامية السمحة براء من مذهب «واحدة الوجود» .
(1) الرد على المنطقيين ص 521 ط الهند.