الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومظاهرة الناس علي، فاصنع ما بدا لك، ثم قال أبو طالب قصيدة يعرّض فيها بالمطعم بن عدي، ومن خذله من بني عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش، مطلعها «1» :
ألا قل لعمرو، والوليد، ومطعم
…
ألا ليت حظي من حياطتكم بكر «2»
فما كان بعد ذلك إلا أن اشتد الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وعظمت العداوة، واشتد الأذى للنبي والمسلمين.
مناصرة بني هاشم والمطلب لأبي طالب
ثم قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون بالمسلمين، في بني هاشم وبني المطلب، فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقيام دونه، فاجتمعوا إليه، وقاموا معه، وأجابوه إلى ما دعاهم إليه، إلا ما كان من أبي لهب عم النبي، فقال أبو طالب في ذلك يمدحهم، ويحرضهم على ما وافقوه عليه من الحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنصرة له قصيدة، منها:
إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر
…
فعبد مناف سرها، وصميمها
وإن حصّلت أشراف عبد منافها
…
ففي هاشم أشرافها، وقديمها
وإن فخرت يوما فإن محمدا
…
هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها
…
علينا فلم تظفر، وطاشت حلومها
قصيدة أبي طالب اللامية
ولما رأى أبو طالب تواطؤ الملأ من قريش عليه وعلى النبي، وخشي أن تنابذه العرب كلها بالعداوة، قال قصيدته المشهورة التي تعوّذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها، وتودد فيها أشراف قومه، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه هو وبنو هاشم فقال:
(1) السيرة ج 1 ص 267.
(2)
يعني أن بكرا من الإبل أنفع لي منكم، فليته لي بدلا منكم.
ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم
…
وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى
…
وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
وقد حالفوا قوما علينا أظنة
…
يعضون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة
…
وأبيض عضب من تراث المقاول «1»
ومنها:
أعوذ برب الناس من كل طاعن
…
علينا بسوء أو ملحّ بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة
…
ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه
…
وراق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت حق البيت من بطن مكة
…
وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسود إذ يمسحونه
…
إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة
…
على قدميه حافيا غير ناعل «2»
ومنها:
كذبتم- وبيت الله- نترك مكة
…
ونظعن إلا أمركم في بلابل «3»
كذبتم- وبيت الله- نبزى محمدا
…
ولما نطاعن دونه ونناضل «4»
(1) المقاول: الملوك، يريد بهم اباءه، ولكن حديث أبي سفيان في الصحيح يدل على أنه لم يكن في ابائه من ملك، فإما أن يريد أنهم كالملوك، وإما أن يكون هذا السيف الذي ذكره أبو طالب من هبات الملوك لأبيه عبد المطلب، فقد وهبه سيف بن ذي يزن الحميري لعبد المطلب مع هبات جزيلة حين وفد عليه مع قريش يهنئه بظفره بالحبشة بعد الفيل بعامين.
(2)
مراده الحجر الذي قام عليه وهو يا بني البيت، ناعل: أي منتعل.
(3)
جمع بلبال: وساوس الهموم.
(4)
نبزى محمدا بالبناء للمجهول أي نسلبه ونغلب عليه، وفي رواية إيبزى محمدا بالياء، وفي الكلام حذف لا، أي لا نسلمه، ولا نغلب عليه حتى يكون ما ذكره، نناضل: نترامى بالسهام.