الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يعرفه: من أنت؟ قال: باغي حاجة، فإذا قيل له من هذا معك؟ قال: هاد يهديناي.
قصة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي
«1»
كانت قريش قد جعلت في النبي صلى الله عليه وسلم من يأتي به حيا أو ميتا، وصاحبه أبي بكر دية كل واحد منهما مائة ناقة- كما ذكر موسى بن عقبة في مغازيه- وكان هذا الجعل مما حمل سراقة على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.
وإليك قصة سراقة كما رواها قال:
«فبينما أنا جالس في مجلس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني قد وجدت انفا أسودة «2» بالساحل أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا يبتغون ضالة لهم «3» ، قال: لعل وسكت.
ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فحططت بزجه الأرض»
، وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها «5» تقرب بي «6» حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها «7» ، فأهويت يدي إلى
(1) جعشم: بضم الجيم، وسكون العين، وضم الشين، والمدلجي بضم الميم، وسكون الدال، وكسر اللام، وهو مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة.
(2)
جمع سواد يعني أشخاصا.
(3)
يقصد التعمية على قومه.
(4)
الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح.
(5)
أسرعت بها السير.
(6)
التقريب دون العدو، وفوق العادة، وقيل: أن ترفع الفرس يديها معا وتضعهما معا.
(7)
سقطت.
كنانتي «1» فاستخرجت الأزلام «2» فاستقسمت بها «3» أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، وكنت أرجو أن أرده فاخذ المائة ناقة.
فركبت فرسي- وعصيت الأزلام- تقرّب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، فقال أبو بكر:
يا رسول الله هذا فارس قد لحق بنا، والتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليه قائلا:
«اللهمّ اصرعه، اللهم اكفناه بما شئت» قال سراقة: فساخت يدا «4» فرسي حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، وصرعتني، ثم زجرتها، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان «5» في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان «6» قائلا: أنا سراقة بن مالك بن جعشم، أنظروني أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه، ادع الله لي ولا أضرك فدعا له.
فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنه ممنوع «7» ، وأن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزاني «8» مما معي شيئا، ولم يسألاني، فقلت:
(1) كيس من جلد التي بها السهام.
(2)
جمع زلم وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها، والقدح قطعة من خشب كالسهم إلا أنها لا ريش لها ولا نصل.
(3)
أي ضرب ليعرف حظه ونصيبه وقد حرمه الإسلام.
(4)
أي غاصتا في الأرض.
(5)
غبار صاعد جهة السماء.
(6)
هكذا في رواية الصحيح أنه ناداهم بالأمان بعد أن غاصت قدما فرسه في التراب في المرة الثانية، وفي السيرة لابن إسحاق أنه واصل الطلب، وأنه سقط عنها ثلاث مرات، وغاصت قدما فرسه في الثالثة فقام فناداهم بالأمان. (السيرة ج 1 ص 489) فلعل في رواية الصحيح اقتصارا على المرتين.
(7)
محفوظ من الله تعالى ولن ينال منه أحد.
(8)
ينقصاني مما معي شيئا.