الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَمْكَنَهُ السَّعْىُ إلَيْهِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِى وَقْتِ الْمَسيرِ، وَوَجَدَ طَرِيقًا آمِنًا لَا خَفَارَةَ فِيهِ، يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ وَالْعَلَفُ عَلَى الْمُعْتَادِ. وَعَنْهُ، أَنَّ إمْكَانَ الْمَسِيرِ وَتَخْلِيَةَ الطَّرِيقِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَتِ الْخَفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَزِمَهُ بَذْلُهَا.
ــ
مِن بَلَدِه، جاز؛ لأنَّه زِيادَةٌ لا تَضرُّ. وإن أمَرَه بالحَجِّ في سَنَةٍ، أو الاعْتِمارِ في شَهْرٍ، ففَعَلَه في غيرِه، جازَ؛ لأنَّه مَأْذُونٌ فيه في الجُمْلَةِ.
1141 - مسألة: (ومَن قَدَر على السَّعْىِ، لَزِمَه ذلك إذا كان في
(1) وقْتِ المَسِيرِ، ووَجَد طَرِيقًا آمِنًا لا خَفارَةَ فيه، يُوجَدُ فيه الماءُ والعَلَفُ على المُعْتادِ. وعنه، أنَّ إمْكانَ المَسِيرِ وتَخْلِيَةَ الطَّرِيق مِن شَرائِطِ الوُجُوبِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إن كانَتِ الخَفارَةُ لا تُجْحِفُ بمالِه، لَزِمَه بَذْلُها) متى كَمَلَتِ الشُّرُوطُ المَذْكُورَةُ وَجَب عليه الحَجُّ على الفَوْرِ؛ لِما ذَكَرْناه، ولَزِمَه السَّعْىُ إليه؛ لأنَّ ما لا يَتِمُّ الواجِبُ إلَّا به واجِبٌ.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّه سَعْىٌ إلى فَرِيضَةٍ، فكانَ واجِبًا، كالسَّعْىِ إلى الجُمُعَةِ. وِإنَّما يَجبُ عليه السَّعْىُ إذا كان في (1) وقْتِ المَسِيرِ، وهو كَوْنُ الوَقْتِ مُتَّسِعًا يُمكِنُه الخُرُوجُ إليه فيه، وأمْكَنَه المَسِيرُ إليه بما جَرَتْ به العادَةُ، فلو أمْكَنَه بأن يَسِيرَ سَيْرًا يُجاوِزُ العادَةَ، لم يَلْزَمْه السَّعْىُ. ويُشْتَرَطُ أن يَجِدَ طَرِيقًا مَسْلُوكَةً لا مانِعَ فيها، بَعِيدَةً كانَتْ أو قَرِيبَةً، بَرًّا كان أو بَحْرًا، إذا كان الغالِبُ فيها السَّلامَةَ، فإن لم يَكُنِ الغالِبُ منه السَّلامَةَ، لم يَلْزَمْه سُلُوكُه، فإن كان في الطَّرِيقِ عَدُوٌّ يَطْلُبُ خَفارَةً، لم يَلْزَمْه سُلُوكُه، ويَسْقُطُ عنه السَّعْىُ، يَسِيرَةً كانَتْ أو كَثِيرَةً. ذَكَرَه القاضى؛ لأنَّها رِشْوَةٌ فلم يَلْزَمْه بَذْلُها في العبادَةِ، كالكَبِيرةِ (2). وقال ابنُ حامِدٍ: إن كان ذلك ممّا لا يُجْحِفُ بمالِه، لَزِمَه الحَجُّ؛ لأنَّها غَرامَةٌ يَقِفُ إمْكانُ الحَجِّ على بَذْلِها،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «كالكثيرة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلم يَمْنَعِ الوُجُوبَ مع إمْكانِ بَذْلِها، كثَمَنِ الماءِ، وعَلَفِ البَهائِمِ. ويُشْتَرَطُ أن يَكُونَ الطَّرِيقُ آمِنًا، فإن كان مَخُوفًا، لم يَلْزَمْه سُلُوكُه؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا بنَفْسِه ومالِه، ويُشْتَرَطُ أن يُوجَدَ فيه الماءُ والعَلَفُ، كما جَرَتْ به العادَةُ، بحيث يُوجَدُ الماءُ وعَلَفُ البَهائِمِ في المَنازِلِ التى يَنْزِلُها على حَسَبِ العادَةِ، ولا يَلْزَمُه حَمْلُه مِن بَلَدِه، ولا مِن أقْرَبِ البُلْدانِ إلى مَكَّةَ، كأطْرافِ الشّامِ ونَحْوِها؛ لأنَّ هذا يَشُقُّ، ولم تَجْرِ العادَةُ به، ولا يَتَمَكَّنُ مِن حَمْلِ الماءِ والعَلَفِ لبَهائِمِه في جَميعِ الطَّرِيقِ، بخِلافِ زادِ نَفْسِه.
فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في إمْكانِ المَسِيرِ، وتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ، فرُوِىَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّهما مِن شَرائِطِ الوُجُوبِ، لا يَجِبُ الحَجُّ بدُونِهما؛ لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى إنَّما فَرَض الحَجَّ على المُسْتَطِيعِ، وهذا غيرُ مُسْتَطِيعٍ، ولأنَّ هذا يَتَعَذَّرُ معه فِعْل الحَجِّ، فكانَ شَرْطًا، كالزَّادِ والرّاحِلَةِ. وهذا مَذْهَبُ أبى حنيفةَ والشافعىِّ. ورُوِىَ أنَّهما مِن شَرائِطِ لُزُومِ الأداءِ، فلو كَمَلَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسَةُ، ثم مات قبلَ وُجُودِ هذَيْن الشَّرْطَيْن، حُجَّ عنه بعدَ مَوْتِه، وإن أعْسَرَ قبلَ (1) وُجُودِهما بَقِىَ في ذِمَّتِه. وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، وذلك لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لَمّا سُئِلَ: ما يُوجِبُ الحَجَّ؟ قال: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» (2). حديث حسنٌ. ولأنَّه عُذْرٌ يَمْنَعُ نَفْسَ الأداءِ، فلم يَمْنَعِ الوُجُوبَ، كالعَضَبِ (3)، ولأنَّ إمْكانَ الأداءِ ليس بشَرْطٍ في وُجُوبِ العِباداتِ، بدَلِيلِ ما لو طَهُرَتِ الحائِضُ، أو بَلَغ الصَّبِىُّ، أو أفاقَ المَجْنُونُ، ولم يَبْقَ مِن وَقْتِ الصلاةِ ما يُمْكِنُ أداؤُها فيه، والاسْتِطاعَةُ مُفَسَّرَةٌ بالزّاد والرّاحِلَةِ في الحَدِيثِ، فيَجِبُ المَصِيرُ إليه، والفَرْقُ بينَ هذَيْن وبينَ الزّادِ والرّاحِلَةِ أنَّه يَتَعَذَّرُ مع فَقْدِهِما الأداءُ دُونَ القضاءِ، وفَقْدُ الزّادِ والرّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ معه الجَمِيعُ.
(1) في م: «بعد» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 43.
(3)
العضب: الضعف والزمانة.