الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ إِلَّا فِى أَرْبَعٍ فَصَاعِدًا.
ــ
انْكَسَرَ؛ لأنَّ (1) بقاءَه يُؤْلِمُه، أشْبَهَ الشَّعَرَ النّابِتَ في عَيْنِه.
1179 - مسألة: (فمَن حَلَق أو قَلَّمَ ثَلاثَةً، فعليه دَمٌ. وعنه، لا يَجِبُ إلَّا في أرْبَعٍ فصاعِدًا)
الكَلامُ في هذه المسْألَةِ في فَصْلَيْن؛ أحَدُهما، في وُجُوبِ الفِدْيَةِ بحَلْقِ شَعَرِ رَأْسِه، ولا خِلافَ في ذلك إذا كان لغيرِ عُذْرٍ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على وُجُوبِ الفِدْيَةِ على مَن حَلَق وهو مُحْرِمٌ لغيرِ عِلَّةٍ. والأصْلُ في وُجُوبِها ما ذَكَرْنا مِن الآيَةِ والخَبَرِ. وظاهِرُ كَلامِ شيخِنا ههُنا يَدُلُّ على أنَّه لا فَرْقَ بينَ أن يَقْطَعَ شَعَرَه لعُذْرٍ أو غيرِه، أو كان عامِدًا أو مُخْطِئًا، أنَّه يَجِبُ به الفِدْيَةُ. وقد دَلَّ عليه ظاهِرُ الآيَةِ، والخَبَرُ، وهو ظاهِرُ المَذْهَبِ. وبه قال الشافعىُّ. ونحوُه عن الثَّوْرِىِّ. وفيه وَجْةٌ آخَرُ، أنَّه لا فِدْيَةَ على النّاسِى. وهو قولُ إسْحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لقَوْلِه عليه السلام:«عُفِىَ لأُمَّتِى عنِ الْخَطَإِ والنِّسْيَانِ» (2).
(1) في الأصل: «ولأن» .
(2)
تقدم تخريجه في 1/ 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا، أنَّه إتْلافٌ، فاسْتَوَى عَمْدُه وسَهْوُه، كإتْلافِ مالِ الآدَمِىِّ. ولأنَّ الآيةَ قد دَلَّتْ على وُجُوبِ الفِدْيَةِ على مَن حَلَق رَأْسَه للأذَى، وهو مَعْذُورٌ، فكانَ تَنْبِيهًا على وُجُوبِها على غيرِ المَعْذُورِ، وفيها دَلِيلٌ على وُجُوبِها على المَعْذُورِ بغيرِ الأذَى، مِثْلَ المُحْتَجِمِ الذى يَحْلِقُ مَوْضِعَ مَحاجِمِه، أو شَعَرًا عن شَجَّتِه. وفى مَعْنَى النّاسِى النّائمُ (1) الذى يَقْلَعُ شَعَرَه، أو يُصَوِّبُ رَأْسَه إلى نارٍ، فيَحْرِقُ لَهَبُها شَعَرَه، ونحوُ ذلك. الفصل الثّانِى في القَدْرِ الذى تَجِبُ به الفِدْيَةُ، وذلك ثَلاثُ شَعَراتٍ فما زادَ. قال القاضى: هذا المَذْهَبُ. وهو قولُ الحَسنِ، وعَطاءٍ، وابنِ عُيَيْنَةَ، والشافعىِّ، وأبِى ثَوْرٍ؛ لأنَّه شَعَرُ آدَمِىٍّ يَقَعُ عليه الجَمْعُ المُطْلَقُ، أشْبَهَ رُبْعَ الرَّأْسِ. وفيه روايَةٌ أُخْرَى ذَكَرَها الخِرَقِىُّ، أنَّه لا يَجبُ إلَّا في أرْبَعٍ فصاعِدًا؛ لأنَّ الأرْبَعَ كثِيرٌ أشْبَهَتْ رُبْعَ الرَّأْسِ، أمّا الثَّلاثُ فهى آخِرُ القِلَّةِ، وآخِرُ الشئِ منه، فأشْبَهَتْ ما كان دُونَها. وذَكَر ابنُ أبى موسى رِوايَةً، أنَّه لا يَجِبُ فيما دُونَ الخَمْس. ولا نَعْلَمُ وَجْهًا لذلك. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ الدَّمُ بدُونِ رُبْعِ الرَّأسَ؛ لأنَّه يَقُومُ مَقامَ الكلِّ، ولهذا إذا رَأى رجلًا يَقُولُ: رَأْيتُ فُلانًا. وإنَّما أُرِىَ إحْدَى جِهاتِه. وقال مالكٌ:
(1) في النسخ: «والنائم» . خطأ. وانظر المغنى 5/ 382.