الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا، وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ.
ــ
قال: انْظُرُوا حَذْوَها مِن طَرِيقِكُم. فحَدَّ لهم ذاتَ عِرْقٍ. ويَجُوزُ أن يَكُونَ عُمَرُ ومَن سَألَه لم يَعْلَمُوا تَوْقِيتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ عِرْقٍ، فقالَ ذلك برَأْيِه، فأصابَ ما وَقَّتَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، فقد كان مُوَفَّقًا للصَّوابِ، رَضِىَ اللهُ عنه. وإذا ثَبَت تَوْقِيتُها عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وعن عُمَرَ، فالإِحْرامُ منه أوْلَى.
فصل: وإذا كان المِيقاتُ قَرْيَةً، فانْتَقَلَتْ إلى مَكانٍ آخَرَ، فمَوْضِعُ الإِحْرامِ مِن الأُولَى وإنِ انْتَقَلَ الاسْمُ إلى الثّانِيَةِ؛ لأنَّ الحُكْمَ تَعَلَّقَ بذلك المَوْضِعِ، فلا يَزُولُ بخَرابِه. وِقد رَأى سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ رجلًا يُريدُ أن يُحْرِمَ مِن ذاتِ عِرْقٍ، فأخَذَه حتى خرَج مِن البُيُوتِ، وَقَطَع الوادِىَ، فأَتَى به المَقابِرَ، فقال: هذه ذاتُ عِرْقٍ الأُولَى.
1148 - مسألة: (فهذه المواقِيتُ لأهْلِها، ولمَن مَرَّ عليها مِن غيرِهم)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَن سَلَكْ طَرِيقًا فيها مِيقاتٌ، فهو مِيقاتُه إن أرادَ الحَجَّ أو العُمْرَةَ، فإذا حَجَّ الشّامِىُّ مِن المَدِينَةِ فمَرَّ بذِى الحُلَيْفَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فهى مِيقاتُه، وإن حَجَّ مِن اليَمَنِ، فمِيقاتُه يَلَمْلَمُ، وإن حَجَّ مِن العِراقِ فمِيقاتُه ذاتُ عِرْقٍ. وهكذا كلُّ مَن مَرَّ على مِيقاتٍ غيرِ مِيقاتِ بَلَدِه صار مِيقاتًا له. سُئِلَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، عن الشّامِىِّ يَمُرُّ بالمَدِينَةِ يُرِيدُ الحَجَّ، مِن أين يُهِلُّ؟ قال: مِن ذِى الحُلَيْفَةِ. قِيلَ: فإنَّ بَعْضَ النّاسِ يَقُولُ (1): يُهِلُّ مِن مِيقاتِه، مِن الجُحْفَةِ. فقالَ: سبحان اللهِ! أليس يَرْوِى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللهُ عنهما، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ» (2). وهذا قولُ الشافعىِّ، وإسْحاقَ. وقال أبو ثَوْرٍ في الشّامِىِّ يُحْرِمُ بالمَدِينَةِ: له أن يُحْرِمَ مِن الجُحْفَةِ. وهو قولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وكانَتْ عائِشَةُ، رَضِىَ اللهُ عنها، إذا أرادَتِ الحَجَّ أحْرَمَتْ مِن ذِى الحُلَيْفَةِ، وإذا أرادَتِ العُمْرَةَ أحْرَمَتْ مِن الجُحْفَةِ (3). ولَعَلَّهُم يَحْتَجُّون بأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ» . ولأنَّه مِيقاتٌ، فلم يَجُزْ تَجاوُزُه بغيرِ إحْرام لمَن يُريدُ النُّسُكَ، كسائِرِ المَواقِيتِ. وخَبَرُهم أُرِيدَ به مَن لم يَمُرَّ على مِيقاتٍ آخَرَ، بدَلِيلِ ما لو مَرَّ بمِيقاتٍ غيرِ ذِى الحُلَيْفَةِ، لم يَجُزْ تَجاوُزُه بغيرِ إحْرامٍ، بغيرِ خِلافٍ.
(1) في م: «يقولون» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 104.
(3)
انظر: الاستذكار 11/ 84.