الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَنْ كَمَلَتْ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ، وَجب عَلَيْهِ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ.
ــ
سَلَّمْناه فيَبْطُلُ ببَذْلِ الوالِدَةِ (1)، وبَذْلِ مَن للمَبْذُولِ له (2) عليه أيادٍ كَثِيرَةٌ ونِعَمٌ.
1139 - مسألة: (فمَن كَمَلَتْ له هذه الشُّرُوطُ، وَجَب عليه الحَجُّ على الفَوْرِ)
مَنْ كَمَلَتْ فيه هذه الشُّرُوطُ وَجَب عليه الحَجُّ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأدِلَّةِ، ويَجبُ عليه على الفَوْرِ، إذا أمْكَنَه فِعْلُه، ولم يَجُزْ له تَأْخِيرُه. وبه قال مالكٌ. وقال الشافعيُّ: يَجِبُ الحَجُّ وُجُوبًا مُوَسَّعًا، وله تَأْخِيرُه. وحَكَى ابنُ أبي موسى وَجْهًا مثلَ قولِه. وحَكاه ابنُ حامِدٍ عن الإِمامِ أحمدَ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَّرَ أبا بكرٍ، رَضِىَ الله عنه، على الحَجِّ (3)، وتَخَلَّفَ بالمَدِينَةِ، غيرَ مُحارِبٍ ولا مَشْغُولٍ بشَئٍ،
(1) في م: «الوالد» .
(2)
سقط من: م.
(3)
حديث تأمير أبي بكر على الحج أخرجه البُخاريّ، في: باب ما يستر من العورة، من كتاب الصَّلاة، وفى: باب لا يطوف بالبيت عريان. . . .، من كتاب الحج، وفى: باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، من كتاب الجزية، وفى: باب حج أبي بكر بالنَّاس في سنة تسع، من كتاب المغازى، وفى: باب قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} ، وباب قوله:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} وباب: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، في تفسير سورة براءة، من كتاب التفسير. صحيح البُخاريّ 1/ 103، 2/ 188، 4/ 134، 5/ 212، 6/ 80، 81. ومسلم، في: باب لا يحج البيت مشرك. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 982. وأبو داود، في: باب يوم الحج الأكبر، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 451. والنسائي، في: باب قوله عز وجل: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}، من كتاب المناسك المجتبى 5/ 186، والإمام أحمد، في: المسند 1/ 3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتخَلَّفَ أكْثَرُ المسلمين قادِرين على الحَجِّ، ولأنَّه إذا أخَّرَه ثم فعَله في السَّنَةِ الأُخْرَى، لم يَكُنْ قاضِيًا، دَلَّ على أنَّ وُجُوبَه على التَّراخِى. ولَنا، قول اللهِ تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (1). وقَوْلُه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (2). والأمْر على الفَوْرِ. ورُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال: «مَنْ أرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ (3)» . رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجه (4). وفى رِوايَةِ أحمدَ، وابن، ماجه:«فَإنَّه قَدْ يَمْرَض الْمَرِيضُ، وتَضِلُّ الضّالَّةُ، وتَعْرِض الْحَاجَة» . قال أحمدُ: ورَواه الثَّوْرِىُّ، ووَكِيعٌ، عن أبي إسرائيلَ، عن فُضَيْلِ بنِ عَمْرو، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ، عن أخِيه الفَضْلِ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم. وعن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللهِ، وَلَم يَحُجَّ، فَلَا عَلَيْهِ أن يَمُوتَ يَهُودِيًّا أوْ نَصْرَانِيًّا» . قال التِّرْمِذِىُّ (5): لا نَعْرِفه إلَّا مِن هذا الوَجْهِ، وفى
(1) سورة آل عمران 97.
(2)
سورة البقرة 196.
(3)
في النسخ: «فليعجل» والمثبت من كتب السنة.
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب حدّثنا مسدد. . . .، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 402. وابن ماجه، في: باب الخروج إلى الحج، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجة 2/ 962. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 214، 225، 314، 323، 355.
(5)
في: باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي 4/ 27. وللحديث طرق مختلفة، انظر الكلام عليها في تلخيص الحبير 2/ 222، 223.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إسْنادِه مَقالٌ. وروَى سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، بإسْنادِه (1)، عن عبدِ الرحمنِ ابنِ سابِطٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِسْلَامِ، لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حَابِسٌ (2)، أو سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ، فلْيَمُتْ عَلَى أىِّ حَالٍ شَاءَ، يَهُودِيًّا أوْ نَصْرَانِيًّا» . وعن عُمَرَ نَحْوُه من قوْلِه. وكذلك عنِ ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، رَضِىَ اللهُ عنهم. ولأنَّه أحَدُ أرْكانِ الإِسْلامِ، فكانَ واجِبًا على الفَوْرِ، كالصيام، ولأنَّ وُجُوبَه بصِفَةِ التَّوَسُّعِ يُخْرِجُه (3) عن رُتْبَةِ الواجِباتِ؛ لأنَّه يُؤَخَّرُ إلى غيرِ غايَةٍ ولا يَأْثَمُ بالمَوْتِ قبلَ فِعْلِه؛ لكَوْنِه فَعَل ما يَجُوزُ له فِعْلُه، وليس على المَوْتِ أمارَةٌ يَقْدِرُ بعدَها على فِعْلِه. فأمّا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فإنّما فَتَح مَكَّةَ سنةَ ثمانٍ، وإنَّما أخَّرَه سنةَ تِسْعٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه كان له عُذْرٌ؛ مِن عَدَمِ الاسْتِطاعَةِ، أو كُرْهِ رُؤيَةِ المُشْرِكين عُراةً حولَ البَيْتِ، فأخَّرَ الحَجَّ حتَّى بَعَث أبا بكرٍ يُنادِى:«أن لا يَحُجَّ بعدَ العام مُشْركٌ، ولا يَطُوفَ بالبَيْتِ عُرْيانٌ» (4). ويَحْتَمِلُ أنَّه أخَّرَه بأمْرِ الله تِعالى؛ لتَكُونَ حَجَّتُه حَجَّة الوَداعِ، في السَّنَةِ التى اسْتَدارَ فيها الزَّمانُ كهَيْئَتِه يومَ خَلَق الله السماواتِ والأرْضَ،
(1) وأخرجه البيهقى عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة، في: باب إمكان الحج، من كتاب الحج. السنن الكبرى 4/ 334. وابن الجوزى، في: الموضوعات 2/ 210.
(2)
بعده في الأصل: «له» .
(3)
في م: «بخروجه» .
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 50.