الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَذْرِهِ، وَلَا نَافِلَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ، [62 و] انْصَرَفَ إِلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَعَنْهُ، يَقَعُ مَا نَوَاهُ.
ــ
لأنها (1) لا بُدَّ لها مِن السَّفَرِ بغيرِ مَحْرَمٍ، فمُضِيُّها إلى قَضاءِ حَجَّتِها (2) أوْلَى. لكِنْ إن كان حَجُّها تَطَوُّعًا، وأمْكَنَها الإِقامَةُ ببَلَدٍ، فهو أوْلَى مِن السَّفَرِ بغيرِ مَحْرَمٍ. وإن مات وهى قَرِيبَةٌ، رَجَعَتْ لِتَقْضِىَ العِدَّةَ في مَنْزِلِها؛ لأنَّها في حُكْمِ المُقيمِ.
1145 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لمَن لم يَحُجَّ عن نَفْسِه أن يَحُجَّ عن غيرِه، ولا نَذْرِه، ولا نافِلَةٍ، فإن فَعَل، انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسْلامِ. وعنه، يَقَعُ ما نَواه)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّه ليس لمَن لم يَحُجَّ حَجَّةَ الإِسْلامِ أن يَحُجَّ عن غيرِه، فإن فَعَل وَقَع إحْرامُه عن حَجَّةِ الإِسْلامِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «حاجتها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبهذا قال الأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ. وقال أبو بكرٍ (1) عبدُ العزيزِ: يَقَعُ الحَجُّ باطِلًا، ولا يَصِحُّ عنه ولا عن غيرِه. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عباسٍ؛ لأنَّه لَمّا كان مِن شَرْطِ طَوافِ الزِّيارَةِ تَعْيِينُ النِّيَّةِ، فمتى نَواه لغيرِه، لم يَقَعْ لنَفْسِه، ولهذا لو طافَ حامِلًا لغيرِه، ولم يَنْوِه لنَفْسِه، لم يَقَعْ عن نَفْسِه. وقال الحسنُ، وإبراهيمُ، وأيُّوبُ السَّخْتِيانِيُّ، وجَعْفَرُ ابنُ محمدٍ، ومالكٌ، وأبو حنيفةَ: يَجُوزُ أن يَحُجَّ عن غيرِه مَن لم يَحُجَّ عن نَفْسِه. وعن أحمدَ مِثلُ ذلك. وقال الثَّوْرِيُّ: إن كان يَقْدِرُ على الحَجِّ عن نَفْسِه حَجَّ عن نَفْسِه، وإن لم يَقْدِرْ حَجَّ عن غَيْرِه. واحْتَجُّوا بأنَّ الحَجَّ مِمّا تَدْخُلُه النِّيابَةُ، فجاز أن يُؤَدِّيَه عن غيرِه مَن لم يُؤَدِّ فَرْضَه عن نَفْسِه، كالزكاةِ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، سَمِع رجلًا يَقُولُ:
(1) بعده في الأصل: «ابن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَبَّيْكَ عن شُبْرُمَةَ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟» . قال: قَريِبٌ لى. قال: «هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ؟» . قال: لا. قال: «فَاجْعَلْ هذِهِ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، وابنُ ماجه (1)، وهذا لَفْظُه. ولأنَّه حَجَّ عن غيرِه قبلَ أن يَحُجَّ عن نَفسِه، فلم يَقَعْ عن الغيرِ، كما لو كان صَبِيًّا. ويُفارِقُ الزكاةَ، فإنَّه يَجُوزُ أن يَنُوبَ عن الغيرِ وقد بَقِىَ عليه بعضُها، وههُنا لا يَجُوزُ أن يَحُجَّ (2) عنِ الغيرِ مَن شَرَع في الحَجِّ قبلَ إتْمامِه، ولا يَطُوفَ [عن غيرِه مَن يَطُوفُ](3) عن نَفْسِه.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب الرجل يحج عن غيره، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 420. وابن ماجه، في: باب الحج عن الميت، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 1/ 969.
وأورده صاحب الفتح الرباني في الزيادات وعزاه لأبي داود وابن ماجه. الفتح الرباني 11/ 27. ولم يعزه ابن حجر للإمام أحمد. تلخيص الحبير 2/ 223.
وقد احتج به الإمام وذكره بدون إسناد. مسائل أحمد لابن هانئ 1/ 177.
(2)
في م: «ينوب» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أحْرَمَ بالمَنْذُورَةِ مَن عليه حَجَّةُ الإِسْلامِ، وَقَع عن حَجَّةِ الإِسْلامِ؛ لأنَّها آكَدُ. وعنه، يَقَعُ عن المَنْذُورَةِ؛ لقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:«وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نوَى» (1). فإذا قُلْنا: يَقَعُ عن حَجَّةِ (2) الإِسْلامِ. بَقِيَتِ المَنْذُورَةُ في ذِمَّتِه، ولم تَسْقُطْ عنه. نَصَّ عليه أحمدُ. وهذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وأنَسٍ، وعَطاءٍ؛ لأنَّها حَجَّةٌ واحِدَةٌ فلم تُجْزِئْ عن حَجَّتَيْن، كما لو نَذَر حَجَّتَيْن، فحَجَّ واحِدَةً. وقد نَقَل أبو طالبٍ (3) عن أحمدَ، في مَن نَذَر أن يَحُجَّ وعليه حَجَّةٌ مَفْرُوضَةٌ، فأحْرَمَ عن النَّذْرِ: وَقَعَتْ عن المَفْرُوضَةِ، ولا يَجِبُ عليه شَئٌ آخَرُ. وصار كمَن نَذَر صومَ يَوْمِ يَقْدَمُ زيدٌ (4)، فقَدِمَ في يومٍ مِن رمضانَ، فنَواه عن فَرْضِه ونَذْرِه، فإنَّه يُجْزِئُه في رِوايَةٍ.
(1) تقدم تخريجه في 1/ 308.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «الخَطاب» .
(4)
في م: «فلان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وهذا قولُ ابنِ عباسٍ، وعِكْرِمَةَ. رَواه سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ عنهما. ورُوِىَ أنَّ عِكْرِمَةَ سُئِلَ عن ذلك، فقالَ: تَقْضِى حَجَّتُه عن نَذْرِه وعن حَجَّةِ الإِسْلامِ، أرَأيْتُم لو أنَّ رَجلًا نَذَر أن يُصَلِّىَ أرْبَعَ رَكَعاتٍ، فصَلَّى العَصْرَ، أليس ذلك يُجْزِئُه منهما؟ قال: وذَكَرْت ذلك لابنِ عباسٍ، فقالَ: أصَبْتَ - أو -: أحْسَنْتَ.
فصل: فإن أحْرَمَ بتَطَوُّعٍ أو نَذْرٍ مَن عليه حَجَّةُ الإِسْلامِ، وَقَع عن حَجَّةِ الإِسْلامِ. وبه قال ابنُ عُمَرَ، وأنَسٌ، والشافعىُّ. وقال مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وإسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: يَقَعُ ما نَواه. وهى رِوايَةٌ عن أحمدَ، وقوِلُ أبى بكرٍ؛ لِما تَقَدَّمَ. ولَنا، أَّنه أحْرَمَ بالحَجِّ وعليه فَرِيضَةٌ، فوَقَعَ عن فَرْضِه، كالمطْلَقِ. ولو أحْرَمَ بتَطَوُّعٍ، وعليه مَنْذُورَةٌ، وقَعَتْ عن المَنْذُورَةِ؛ لأنَّها واجِبَةٌ، أشْبَهَتْ حَجَّةَ الإِسْلامِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والعْمْرَةُ كالحَجِّ فيما ذَكَرْنا؛ لأنَّها أحَدُ النُّسُكَيْن أشْبَهَتِ الآخَرَ، والنّائِبُ كالمَنُوبِ عنه في هذا، فمتى أحْرَمَ النّائِبُ بتَطَوُّعٍ أو نَذْرٍ عمّن لم يَحُجَّ حَجَّةَ الإِسْلامِ وَقَع عن حَجَّةِ الإِسْلامِ، [سَواءٌ حَجَّ عن مَيِّتٍ أو حَىٍّ؛ لأنَّ النّائِبَ يَجْرِى مَجْرَى المَنُوب عنه. وإنِ اسْتَنابَ رَجُلَيْن في حَجَّةِ الإِسْلامِ، ومَنْذُورٍ أو تَطَوُّعٍ، فأَيُّهما سَبَق بالإِحْرامِ، وَقَعَتْ حَجَّتُه عن حَجَّةِ الإِسْلامِ](1). [وَتقَعُ الأُخْرَى عن المَنْذُورِ، أو تَطَوُّعًا؛ لأنَّه لا يَقَعُ الإِحْرامُ عن غيرِ حَجَّةِ الإِسْلامِ مِمَّن هى عليه، فكذلك مِن نائِبه](2).
فصل: وإذا كان الرجلُ قد أسْقَطَ فَرْضَ أحَدِ النُّسُكَيْن عنه، جاز أن يَنُوبَ عن غيرِه فيه دُونَ الآخَرِ. وليس للصَّبِيِّ والعبدِ أن يَنُوبا في الحَجِّ عن غيرِهما؛ لأنَّهما لم يُسْقِطا عن أنفُسِهما، فهما كالحُرِّ البالغِ في ذلك. ويَحْتَمِلُ أنَّ لهما النِّيابَةَ في حَجِّ التَّطَوُّعِ دُونَ الفَرْضِ؛ لأنَّهُما مِن أهْلِ التَّطَوُّعِ دُونَ الفَرْضِ، ولا يُمْكِنُ أن تَقَعَ الحَجَّةُ التى نابا فيها عن فَرْضِهما (3)، لكَوْنِهما ليسا مِن أهْلِه، فبَقِيَتْ لمن (4) فُعِلَتْ عنه.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «فرضها» .
(4)
في الأصل: «إن» .