الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ فِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مُدٌّ مِنْ طَعَام. وَعَنْهُ، قَبْضَةٌ. وَعَنْهُ، دِرْهَمٌ.
ــ
إذا حَلَق مِن رَأْسِه ما أماطَ به الأذَى وَجَب الدَّمُ. وقد ذَكَرْنا ما يَدُلُّ على ما ذَهَبْنا إليه. وقولُ أبِى حنيفةَ: إنَّ الرُّبْعَ يَقَعُ عليه اسمُ الكلِّ. مَمْنُوعٌ، وما ذَكَرَه مِن المثالِ غيرُ مُقَيَّدٍ بالرُّبْعِ، بل هو مَجازٌ يَتَناوَلُ القَلِيلَ والكَثِيرَ. وهل يَجِبُ الدَّمُ بقَصِّ ثَلَاثةِ أظْفارٍ، أو لا يَجِبُ إلَّا في أرْبَعٍ؟ يُخَرَّجُ على الرِّوايَتَيْن في الشَّعَرِ؛ لأنَّه في مَعْناه، وعلى ما حَكاه ابنُ أبى موسى، لا يَجِبُ إلَّا في خَمْسَةِ أظْفارٍ، قياسًا على الشَّعَرِ. واللهُ أعْلَمُ.
1180 - مسألة: (وفيما دُونَ ذلك في كلِّ واحِدٍ مُدٌّ مِن طَعامٍ. وعنه، قَبْضَةٌ. وعنه، دِرْهَمٌ)
يَعْنِى إذا حَلَق أقَلَّ مِن ثَلاثِ شَعَراتٍ، أو أقَلَّ مِن أرْبَعٍ، على الرِّوايَةِ الأُخْرَى، فعليه مُدٌّ مِن طَعامٍ، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وهو الذى ذَكَرَه الخِرَقِىُّ. وهو قولُ الحسنِ، وابنِ عُيَيْنَةَ، والشافعىِّ. وعن أحمدَ: في الشَّعَرَةِ دِرْهَمٌ، وفى الشَّعَرَتَيْن دِرْهَمان. وعنه: في كلِّ شَعَرَةٍ قَبْضَةٌ مِن طَعامٍ. رُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، ونحوُه عن مالكٍ وأصْحابِ الرَّأْىِ. قال أصْحابُ الرَّأْىِ: يَتَصَدَّقُ بشَئٍ قَلِيلٍ. وقال مالكٌ: فيما قَلَّ مِن الشَّعَرِ إطْعامُ طعامٍ. ووَجْهُه أنَّه لا تَقْدِيرَ فيه، فيَجِبُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيه أقَلُّ ما يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّدَقَةِ. وعن مالكٍ، في مَن أزالَ شَعَرًا يَسِيرًا: لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ النَّصَّ إنَّما أوْجَبَ الفِدْيَةَ في حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وألْحَقْنا به ما يَقَعُ عليه اسْمُ الرَّأْسِ. ولَنا، أنَّ ما ضُمِنَتْ جُمْلَتُه ضُمِنَتْ أبْعاضُه، كالصَّيْدِ. والأوْلَى وُجُوبُ الإِطْعامِ؛ لأنَّ الشّارِعَ إنَّما عَدَل عن الحَيَوانِ إلى الإِطْعامِ في جَزاءِ الصَّيْدِ، وههُنا أوْجَبَ الإِطْعامَ مع الحَيَوانِ على وَجْهِ التَّخْيِيرِ، فيَجِبُ أن يَرْجِعَ إليه فيما لا يَجِبُ فيه الدَّمُ، والأوْلَى مُدُّ؛ لأنَّه أقَلُّ ما وَجَب بالشَّرْعِ فِدْيَةً، فكانَ واجِبًا في أقَلِّ الشَّعَرِ، والطَّعامُ الذى يُجْزِئُ إخْراجُه في الفِطرَةِ مِن البُرِّ والشَّعِيرِ والتَّمْرِ والزَّبِيبِ، كالذى يُجْزِئُ في الأرْبَعِ مِن الشَّعَرِ.
فصل: وحُكْمُ الأظْفارِ حُكْمُ الشَّعَرِ فيما ذَكَرْنا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِن أخْذِ أظْفارِه، وعليه الفِدْيَةُ بِأخْذِها في قولِ أكْثَرِهم؛ منهم حَمّادٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، لا فِدْيَةَ عليه؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيه بفِدْيَةٍ. ولَنا، أنَّه أزالَ ما مُنِعَ إزالَتَه لأجْلِ التَّرفُّهِ، فوَجَبَتْ عليه الفِدْيَةُ، كحَلْقِ الشَّعَرِ. وعَدَمُ النَّصِّ لا يَمْنَعُ قياسَه على المَنْصُوصِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كشَعَرِ البَدَنِ مع شَعَرِ الرَّأْسِ. والحُكْمُ في فِدْيَةِ الأظْفارِ، وفيما يَجِبُ فيما دُونَ الثَّلاثِ منها، أو الأرْبَعِ على الرِّوايَةِ الأُخْرَى، وفيما يَجبُ في الأرْبَعِ والثَّلاثِ كالحُكْمِ في الشَّعَرِ، على ما ذَكَرْنا مِن التَّفصِيلِ والاخْتِلافِ فيه. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبِى ثَوْرٍ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجِبُ الدَّمُ إلَّا بتَقْلِيم أظْفارِ يَدٍ كامِلَةٍ. فلو قَلَّمَ مِن كلِّ يَدٍ أرْبَعَةً، لم يَجِبْ عليه دَمٌ عندَه؛ لأَنَّه لم يَسْتَكْمِلْ مَنْفَعَةَ اليَدِ، أشْبَهَ ما دُونَ الثَّلاثِ. ولَنا، أنَّه قَلَّمَ مَا يَقَعُ عليه اسْمُ الجَمْعِ، أشْبَهَ ما لو قَلَّمَ خَمْسًا مِن يَدٍ واحِدَةٍ، وقَوْلُهم يَبْطُلُ بما إذا حَلَق رُبْعَ رَأْسِه، فإنَّه لم يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ العُضْوِ، ويَجِبُ به الدَّمُ، وقَوْلُهم يُفْضِى إلى وُجُوبِ الدَّمِ في القَلِيلِ دُونَ الكَثِيرِ.
فصل: وفى قَصِّ بعضِ الظُّفْر ما في جَمِيعِه، وكذلك في قَطْعِ بَعْضِ الشَّعَرَةِ ما في قَطْعِ جَمِيعِها؛ لأنَّ الفِدْيَةِ تَجِبُ في الشَّعَرِ والظُّفْرِ، سَواءٌ طال أو قَصُر، وليس بمُقَدَّرٍ (1) بمساحَةٍ فيَتَقَدَّرُ الضَّمانُ عليه،
(1) في م: «يقدر» .