الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَشْهُرُ الْحَجِّ؛ شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ.
ــ
ولَنا، قَوْلُه تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (1). يَدُلُّ على أنَّ جميعَ الأَشْهُرِ مِيقاتٌ. ولأنَّه أحَدُ النُّسُكَيْن، فجاز الإِحْرامُ به في جَمِيعِ السَّنَةِ، كالعُمْرَةِ، وأحدِ المِيقاتَيْن، فَصَحَّ الإِحْرامُ قبلَه، كمِيقاتِ المكانِ، والآيَةُ مَحْمُولَةٌ على أنَّ الإِحْرامَ به إنَّما يُسْتَحَبُّ فيها.
1155 - مسألة: (وأشْهُرُ الحَجِّ؛ شَوّالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ مِن ذِى الحِجَّةِ)
وهو مِيقاتُ الزَّمانِ للحَجِّ. هذا قولُ ابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ،
(1) سورة البقرة 189.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وقَتادَةَ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن عُمَرَ، وابنِه، وابنِ عباسٍ: أشْهُرُ الحَجِّ؛ شَوّالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وذو الحِجَّةِ (1). وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ أقَلَّ الجَمْعِ ثَلاثَةٌ. وقال الشافعيُّ: آخِرُ أشْهُرِ الحَجِّ لَيْلَةُ النَّحْرِ، وليسِ يومُ النَّحْرِ منها؛ لقَوْلِه تعالى:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} . ولا يُمْكِنُ فَرْضُه بعدَ لَيْلَةِ النَّحْرِ. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«يَوْمُ الْحَجِّ الأكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ» . رَواه أبو داودَ (2). فكيفَ يَجُوزُ أن يَكُونَ يومُ الحَجِّ الأكْبَرِ ليس مِن أشْهُرِه؟ ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصحابَةِ، ولأنَّ يومَ النَّحْرِ فيه رُكْنُ الحَجِّ، وهو طَوافُ الزِّيارَةِ، وفيه رَمْىُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، والحَلْقُ، والنَّحْرُ، والسَّعْىُ، والرُّجُوعُ إلى
(1) خبر عمر، ذكره السيوطى عند قوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} وقال: أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر. الدر المنثور 1/ 218. وهو في: سنن سعيد بن منصور (قسم التفسير) المجلد الثالث صفحة 791.
أما خبر ابن عمر، فأخرجه البخارى تعليقا، في: باب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 173. والدارقطنى، في: أول كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 226. والإمام مالك، في: باب ما جاء في التمتع، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 344. والحاكم، في: باب تفسير سورة البقرة، من كتاب التفسير. المستدرك 2/ 276.
وأخرج خبر ابن عباس، الدارقطنى، في: أول كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 226.
(2)
في: باب يوم الحج الأكبر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 451.
كما أخرجه البخارى تعليقا، في: باب الخطبة أيام منى، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 217. والترمذى، في: باب سورة التوبة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 1/ 230. وابن ماجه، في: باب الخطبة يوم النحر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1016، 1017. والدارقطنى، في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 285.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنًى، وما بعدَه ليس مِن أشْهُرِه؛ لأنَّه ليس بوَقْتٍ لإِحْرامِه، ولا لأرْكانِه، فهو كالمُحْرِمِ، ولا يَمْنَعُ التَّعْبِيرُ بلَفْظِ الجَمْعِ عن شَيْئَيْن وبعضِ الثّالِثِ، فقد قال اللهُ تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (1). والقُرْءُ الطُّهْرُ عند مالكٍ، ولو طَلَّقَها في طُهْرٍ احْتَسَبَتْ ببَقِيَّتِه (2). وتَقُولُ العَرَبُ: ثَلاثٌ خَلَوْنَ مِن ذِى الحِجَّةِ، وهم في الثّالِثَةِ، وقَوْلُه تعالى:{فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} . أى في أكْثَرَهِنَّ. واللهُ تعالى أعْلَمُ.
فصل: فأمّا العُمْرَةُ فكلُّ الزمانِ مِيقاتٌ لها، ولا يُكْرَهُ الإِحْرامُ بها في يومِ النَّحْرِ وعَرَفَةَ وأيّامِ التَّشْرِيقِ، في أشْهَرِ الرِّوايَتَيْن. وعنه، يُكْرَهُ. وبه قال أبو حنيفةَ. ولَنا، أنَّه زَمانٌ لإِحْرامِ الحَجِّ، فلم يُكْرَهْ فيه إحْرامُ العُمْرَةِ، كغيرِه.
(1) سورة البقرة 228.
(2)
في م: «بنفسه» .