الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِسْلَامِ، وَالْعَقْلِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا. وَالْبُلُوغِ، وَالْحُرَّيَّةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِىٍّ وَلَا عَبْدٍ، وَيَصِحُّ مِنْهُمَا، [61 و] وَلَا يُجْزِئُهُمَا إِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ،
ــ
فصل (1): وليس على أهْلِ مَكَّةَ عُمْرَةٌ. نَصّ عليه أحمدُ، وقال: كان ابنُ عباسٍ يَرَى العُمْرَةَ واجبَةً، ويَقُولُ: يا أهْلَ مَكَّةَ، ليس عليكم عُمْرَةٌ، وإنَّما عُمْرَتُكُمْ طَوافُكمَ بالبَيْتِ. وبهذا قال عَطاءٌ، وطاوُسٌ. قال عَطاءٌ: ليس أحَدٌ مِن خَلْقِ اللهِ إلّا عليه حَجٌّ وعُمْرَةٌ واجِبان، لا بُدَّ منهما لمَن اسْتَطاعَ إليهما سَبِيلًا، إلَّا أهلَ مَكَّةَ، فإنَّ عليهم حَجَّةً، وليس عليهم عُمْرَةٌ، مِن أجْلِ طَوافِهم بالبَيْتِ. ووَجْهُ ذلك أنَّ رُكْنَ العُمْرَةِ ومُعْظَمَها الطَّوافُ بالبَيْتِ، وهم يَفْعَلُونَه، فأجْزَأ عنهم. وحَمَل القاضِى كَلامَ الإِمامِ أحمدَ على أنَّه لا عُمْرَةَ عليهم مع الحَجّةِ؛ لأنَّه يَتَقَدَّمُ منهم فِعْلُها في غيرِ وَقْتِ الحَجِّ. قال الشَّيخُ (2)، رحمه الله: والأمْرُ على ما قُلْنا.
1132 - مسألة: (وإنَّما يَجِبُ الحَجُّ والعُمْرَةُ بخَمْسَةِ شُرُوطٍ؛ الإِسْلامِ، والعَقْلِ، والبُلُوغِ، والحُرِّيَّةِ، والاسْتِطاعَةِ)
لا نَعْلَمُ في هذا
(1) سقط من: م.
(2)
في: المغنى 5/ 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلِّه خِلافًا. أمّا الصَّبِىُّ والمَجْنُونُ فلأنَّهُما غيرُ مُكَلَّفَيْن؛ لِما روَى علىُّ ابنُ أبي طالبٍ، رَضِىَ اللهُ عَنه، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاَثةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَشِبَّ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ» . رواه أبو داودَ، وابنُ ماجه، والتِّرْمذِىُّ (1)، وقال: حديثٌ حسنٌ. وأمّا العَبْدُ فلا تَجِبُ عليه؛ لأنَّها عِبادَةٌ تَطُولُ مُدَّتُها، وتَتَعَلَّقُ بقَطْعِ مَسافَةٍ، ويُشْتَرَطُ لها الاسْتِطاعَةُ بالزّادِ والرّاحِلَةِ، وتَضِيعُ حُقُوقُ السَّيِّدِ المُتَعَلِّقَةُ به، فلم تَجِبْ عليه، كالجِهادِ. وغيرُ المُسْتَطِيعِ لا يَجِبُ عليه؛ لأنَّ اللهَ تعالى خَصَّ المُسْتَطِيعَ بالإِيجابِ عليه، وقال اللهُ تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (2). وأمّا الكافِرُ فلأنَّه ليس مِن أهلِ العِباداتِ.
(1) تقدم تخريجه في 3/ 15.
(2)
سورة البقرة 286.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وهذه الشُّرُوطُ تَنْقَسِمُ ثَلَاثةَ أقْسامٍ؛ منها ما هو شَرْطٌ للوُجُوبِ والصِّحَّةِ، وهما الإِسْلامُ والعَقْلُ، فلا يَجِبُ على كافِرٍ ولا مَجْنُونٍ، ولا يَصِحُّ منهما لكَوْنِهما ليسا مِن أهْلِ العِباداتِ. ومنها ما هو شَرْطٌ للوُجُوبِ والإِجْزاءِ، وهو البُلُوغُ والحُرِّيَّةُ، وليس شَرْطًا للصِّحَّةِ، فلو حَجَّ الصَّبِىُّ والعَبْدُ صَحَّ حَجُّهُما، ولم يُجْزِئْهما عن حَجَّةِ الإِسلامِ إن بَلَغ الصَّبِيُّ أو عَتَق العَبْدُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ، إلَّا مَن شَذَّ عنهم، ممَّن لا يُعْتَدُّ بخِلافِه، على أنَّ الصَّبِىَّ إذا حَجَّ في حالِ صِغَرِه، والعَبْدَ إذا حَجَّ في حالِ رِقِّه، ثم بَلَغ الصَّبِىُّ، وعَتَق العَبْدُ، أنَّ عليهِما حَجَّةَ الإِسْلامِ إذا وَجَدا إليها سَبيلًا. كذلك قال ابنُ عباسٍ، وعَطاءٌ، والحسنُ، والنَّخَعِىُّ، والثَّورِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال التِّرْمذِيُّ: وقد أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ عليه. وقال الإِمام أحمدُ، رحمه الله، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِىِّ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إنِّى أُرِيدُ أن أُجَدِّدَ فِى صُدُورِ المُؤْمِنِينَ عَهْدًا؛ أيُّمَا صَبِىٍّ حَجَّ بِهِ أهْلُهُ فَمَاتَ، أجْزَأتْ عَنْهُ، فَإنْ أدْرَكَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ» . رَواه سعيدٌ في سُنَنِه (1)، والشافعىُّ في «مُسْنَدِه» عن ابنِ عباسٍ مِن قَوْلِه (2). ولأنَّ الحَجَّ عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَعَلَهَا قبلَ وَقْتِ وُجُوبِها، فلم يَمْنَعْ ذلك وُجُوبَها عليه في وَقْتِها، كما لو صَلَّى قبلَ الوَقْتِ، أو كما لو صَلَّى ثم بَلَغ في الوَقْتِ. ومنها [ما هو](3) شَرْطٌ للوُجُوبِ، وذلك الاسْتِطاعَةُ.
(1) أخرجه أبو داود، في: أول كتاب الحج. مراسيل أبي داود 121.
(2)
ترتيب مسند الشافعي 1/ 283. والبيهقى في: السنن الكبرى 5/ 178، 179.
(3)
سقط من: الأصل.