الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَفَرَّقَانِ في الْقَضَاءِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أصَابَهَا فِيهِ إلَى أنْ يَحِلَّا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أوْ مُسْتَحَبٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
منه. نَصَّ عليه أحمدُ، رحمه الله؛ ليَكُونَ القَضاءُ على صِفَةِ الأداءِ. ولأنَّه قولُ ابنِ عباسٍ. وبه يَقُولُ سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وابن المُنْذِرِ. وقال النَّخَعِيُّ: يُحْرِمُ مِن مَوْضِع الجِماعِ؛ لأنَّه مَوْضِعُ الإفسادِ. ولَنا، أنَّها عِبادَةٌ، فكانَ قَضاؤها على حَسَبِ أدائُها، كالصلاةِ.
فصل: ونَفَقَةُ المَرْأةِ في القَضاءِ عليها إن طاوَعَتْ؛ لأنَّها أفْسَدَتْ حَجَّتَها مُتَعَمِّدَةً، فكانتْ نَفَقَةُ القَضاء عليها، كالرجلِ، وإن كانَتْ مُكْرَهَةً فعلى الزَّوْجِ؛ لأنَّه الذي أفْسَدَ حَجًّتَها، فكانَتِ النَّفَقَةُ عليه، كنَفَقَةِ حَجِّه (1)
1211 - مسألة: (ويَتَفَرَّقان في القَضاءِ مِن الموضِع الذي أصابَها فيه إلى أن يَحِلَّا. وهل
(2) هو واجِبٌ أو مُسْتَحبٌّ؟ على وَجْهَيْن) إذا
(1) في م: «حجته» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَضَيَا يُفَرَّقان مِن مَوْضِع الجِماعِ، حتى يَقْضِيا حَجَّهما. رُوِيَ هذا عن عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، رضي الله عنهما، فرَوَى سعيدٌ والأثرمُ (1)، بإسْنادِهما، أنَّ عُمَرَ سُئِلَ عن رجل وَقَع بامْرَأتِه وهما مُحْرِمان، فقالَ: أتِمَّا حَجَّكما، فإذا كان عامٌ قابِلٌ، فحُجّا، وأهْدِيا، حتى إذا بَلَغْتُما المَكانَ الذي أصبْتُما فيه ما أصَبْتُما، فتَفَرَّقا حتى تَحِلَّا. ورُوِيَ عن ابنِ عباس مثلُ ذلك (2). وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرأيِ. ورُوِيَ عن أحمدَ، رضي الله عنه، انَهما يَتَفَرَّقان مِن حيثُ يُحْرِمان إلى أن يَحِلَّا. رَواه مالك في
(1) وأخرجه البيهقى: في: باب ما يفسد الحج، من كتاب الحج. السنن الكبرى 167/ 5.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 332.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُوطَّإ (1) عن علىٍّ رضي الله عنه. ورُوِيَ عن ابنِ عباس. وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ التَّفْرِيقَ بينَهما خَوْفًا مِن مُعاوَدَةِ المَحْظُورِ، وهو يُوجَدُ في جَمِيع إحْرامِهما (2). ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ ما قبلَ مَوْضِع الإفْسادِ كان إحْرامُهما فيه صَحِيحًا، فلم يَجِبِ التَّفْرِيقُ فيه، كالذى لم يَفْسُدْ، وإنَّما اخْتَصَّ التَّفْرِيقُ بمَوْضِع الجِماعِ؛ لأنَّه رُبَّما يَذْكُرُه برُؤْيَةِ مَكانِه، فيَدْعُوه ذلك إلى فِعْلِه. ومَعْنَى التَّفْرِيقِ أن لا يَرْكَبَ معها في مَحْمِلٍ، ولا يَنْزِلَ معها في فُسْطاطٍ ونحوِه. قال أحمدُ: يَفْتَرِقان في النُّزُوِل، وفي المَحْمِلِ، والفُسْطاطِ (3)، ولكن يَكُونُ بقُرْبِها.
وهل يَجبُ التَّفْرِيقُ، أو يُسْتَحَبُّ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَجِبُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه لا يَجِبُ التَّفْرِيقُ في قَضاءِ رمضانَ إذا أفْسَدَه، كذلك الحَجُّ. والثَّانى، يَجِبُ؛ لأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصَّحابَةِ. وقد
(1) في: كتاب هدى المحرم. . . .، من كتاب الحج. الوطأ. 1/ 381، 382.
(2)
في م: «إحرامها» .
(3)
في م: «البساط» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمَرُوا به، ولأنَّ الاجْتِماعَ في ذلك المَوْضع يُذَكِّر الجِماعَ، فيَكُون مِن دَواعِيهِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ حِكْمَةَ التفْرِيقِ؛ للصِّيانَةِ عمّا يُتَوَهَّمُ مِن مُعاوَدَةِ الوِقاعِ عندَ تَذَكُّرِه برُؤْيَةِ مَكانِه، وهذا وَهْمٌ بَعِيدٌ لا يَقْتَضِي الإيجابَ. والعُمْرَةُ فيما ذَكَرْناه كالحَجِّ؛ لأنَّها أحَد النُّسُكَيْن، فأشْبَهَ الآخَرَ. فإن كان المُعْتَمِرُ مَكِّيًّا قد أحْرَمَ بها مِن الحِلِّ، أحْرَمَ للقَضاءِ مِن الحِلِّ. وإن كان أحْرَمَ بها مِن الحَرَمِ، أحْرَمَ للقَضاءِ مِن الحِلِّ؛ لأنَّه مِيقاتُها. ولا فرقَ بينَ المَكِّيِّ ومَن حَصَل بها مِن المُجاوِرِين. وإن أفْسَدَ المُتَمَتِّع عُمْرَتَه، ومَضَى في فاسِدِها، فأتَمَّها، فقالَ أحمد: يَخْرج إلى المِيقاتِ، فيحْرِم منه للحَجِّ، فإن خَشِيَ الفَواتَ أحْرَمَ مِن مَكَّةَ، وعليه دَمٌ، فإذا فَرَغ مِن حَجِّهِ، خَرَج إلى المِيقاتِ، فأحْرَمَ منه بعُمْرَةٍ مَكانَ التي أفْسَدَها، وعليه هَدْىٌ يَذْبَحه إذا قَدِم مَكَّةَ لِما أفْسَدَ مِن عُمْرَتِه. ولو أفْسَدَ المفْرِدُ حَجَّتَه، وأتمَّ، فله الإحْرام بالعُمْرَةِ مِن أدْنَى الحِلِّ، كالمَكِّيِّين.
فصل: وإذا أفْسَدَ القارِنُ نسُكَه، فعليه فِداءٌ واحِدٌ. وبه قال عَطاءٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وابنُ جُرَيْجٍ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الحَكَمُ: عليه هَدْيان. ويَتَخَرَّجُ لَنا أن يَلْزَمه بَدَنَةٌ للحَجِّ، وشاةٌ للعمْرَةِ، إذا قُلْنا: يَلْزَمُه طَوافان وسَعْيان. وقال أصْحابُ الرَّأْيِ: إن وَطِئَ قبلَ الوقُوفِ، فَسَد نُسُكُه، وعليه شاتان للحَجِّ والعُمْرَةِ. ولَنا، أنَّ الصَّحابَةَ الذين سُئلُوا عمَّن أفْسَدَ نُسكَه، لم يَأْمُرُوه إلَّا بفِداءٍ واحِدٍ، ولم يفَرِّقوا، ولأنَّه أحَد الأنْساكِ الثَّلاثةِ، فلم يَجِبْ في إفْسادِه أكْثَرُ مِن فِدْيةٍ واحِدَةٍ، كالآخَرَيْن. وسائر مَحْظُوراتِ الإحْرامِ، واللُّبْسُ، والطِّيبُ، وغيرُهما، لا يَجِبُ في كلِّ واحِدٍ منهما أكْثَر مِن فِدْيةٍ واحِدَةٍ،؛ لو كان مُفْرِدًا.
فصل: وحكْم العُمْرَةِ حُكْم الحَجِّ في فَسادِها بالوَطْءِ قبلَ الفَراغِ مِن السَّعْيِ، ووُجُوبِ المُضِيِّ في فاسِدِها، ووجُوبِ القَضاءِ، قِياسًا على الحَج، إلَّا أنَّه لا يَجِب؛ بإفْسادِها إلَّا شاةٌ. وقال الشافعيُّ: عليه القَضاءُ وبَدَنَةٌ، كالحَجِّ. وقال أبو حنيفةَ: إن وَطِئ قبلَ أن يَطُوفَ أرْبَعَةَ أشْواطٍ، كقَوْلِنا، وإن وَطِئَ بعدَ ذلك لم تَفْسُدْ عُمْرَتُه، وعليه شاةٌ. ولَنا على الشافعيِّ، أنَّها عِبادَةٌ لا وقوفَ فيها، فلم تَجبْ فيها بَدَنَةٌ، كما لو قَرَنَها بالحَجِّ، ولأنَّ العُمْرَةَ دُونَ الحَجِّ، فيَجِبُ أن يكونَ حُكْمُها دُونَ حُكْمِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا على أبي حنيفةَ، أنَّ الجِماعَ مِن مَحْظُوراتِ الإحْرامِ، فاسْتَوَى فيه ما قبل الطَّوافِ وبعدَه، كسائِرِ المَحْظُوراتِ، ولأنَّه وَطْءٌ صادَفَ إحْرامًا تامًّا، فأفْسَدَه، كما قبلَ الطَّوافِ.
فصل: إذا أفْسَدَ القارِنُ والمُتَمَتِّعُ نُسُكَهما، لم يَسْقُطِ الدَّمُ عنهما. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَسْقُطُ. وعن أحمدَ، رحمه الله، مِثْلُه؛ لأنَّه لم يَحْصُلِ التَّرفُّهُ بسُقُوطِ أحَدِ السَّفَرَيْن. وقال القاضي في القارِنِ: إذا قُلْنا: إنَّ عليه للإفْسادِ دَمَيْن، سَقَط (1) دَمُ القِرانِ. ولَنا، أنَّ ما وَجَب في النُّسُكِ الصَّحِيحِ وَجَب في الفاسِدِ، كالأفْعالِ، ولأنَّهُ دَمٌ وَجَب عليه، فلم يَسْقُط بالإفْسادِ، كالدَّمِ الواجِبِ لتَرْكِ المِيقاتِ. فإن أفْسَدَ القارِنُ نُسُكَه، ثم قَضَى مُفْرِدًا، لم يَلْزَمْه في القَضاءِ دَمّ. وقال الشافعيُّ: يَلزَمُه؛ لأنَّه يَجِبُ في القَضاءِ ما يَجِبُ في الأداءِ. ولَنا، أنَّ الإفْرادَ أفْضَلُ مِن القِرانِ مع الدَّمِ، فإذا أتَى به فقد أتَى بما هو
(1) في م: «فسد» .