الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأفْضَلُهَا التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْإفْرَادُ. وَعَنْهُ، إنْ سَاقَ الْهَدْىَ، فَالْقِرَانُ أفْضَلُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ.
ــ
فمِنَّا مَن أهَلَّ بعُمْرَةٍ، ومِنّا مَن أهَل بحَجٍّ وعُمْرَةٍ، ومنّا مَن أهَلَّ بحَجٍّ. مُتفَقٌ عليه (1). فذَكَرَتِ التَّمَتُّعَ والقِرانَ والإِفْرادَ.
1161 - مسألة: (وأفْضَلُها التَّمَتُّعُ، ثم الإفْرادُ)
ثم القِرانُ (وعنه، إن ساق الهَدْىَ، فالقِرانُ أفْضَلُ، ثم التَّمَتُّعُ) أفْضَلُ الأنْساكِ التَّمَتُّعُ، ثم الإفْرادُ، ثم القِرانُ. ومِمَّن رُوِىَ عنه اخْتِيارُ التمَتُّعِ؛ ابنُ عُمَرَ، وابنُ عباسٍ، وابنُ الزُّبَيْرِ، وعائِشَةُ، والحسنُ، وعَطاءٌ، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، وجابِرُ بنُ زيدٍ، وسالِمٌ، والقاسِمُ، وعِكْرِمَةُ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ. وروَى المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ، إن ساقَ الهَدْىَ، فالقِرانُ أفْضَلُ، وإن لم يَسُقْه، فالتَّمَتُّعُ أفْضَلُ؛ لأن النبىَّ - صلي الله عليه وسلم - قَرَن حينَ ساقَ الهَدْىَ، ومَنَع كلَّ مَن ساق الهَدْىَ مِن الحِلِّ حتى يَنْحَرَ هَدْيَه. وذَهَب الثَّوْرِىُّ،
(1) أخرجه البخارى، في: باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة، من كتاب الحيض، وفى: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . . .، من كتاب الحج، وفى: باب حجة الوداع، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 1/ 87، 2/ 175، 5/ 225. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 870 - 873.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 412. والإمام مالكٌ، في: باب إفراد الحج، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 335. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 119. وتقدم بعضه في صفحة 111.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصْحابُ الرَّأْىِ إلى اخْتِيارِ القِرانِ؛ لِما روَى أنَسٌ، رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - أهَلَّ بهما جَمِيعًا: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» . مُتَّفَقٌ عليه (1) وحديثُ الصُّبَىِّ (2) بنِ مَعْبَدٍ، حينَ أحْرَمَ بهما، فأتَى عُمَرَ فسَأله، فقالَ: هُدِيتَ لسُنَّةِ نَبِيِّكَ - صلي الله عليه وسلم - (3). ورُوِىَ عن مَرْوانَ ابنِ الحَكَمِ، قال: كُنْتُ جالِسًا عندَ عثمانَ بنِ عَفّانَ، فسَمِعَ عليًّا يُلبِّى بعُمْرَةٍ وحَجٍّ، فأرْسَلَ إليه، فقالَ: ألم نَكُنْ نَهَيْنا عن هذا؟ قال: بلى، ولكنْ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - يُلبِّى بهما جَمِيعًا، فلم أكُنْ أدَعُ قولَ (4) رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لقَوْلِكَ. رَواه سعيدٌ (5). ولأن القِرانَ مُبادَرَةٌ إلى فِعْل
(1) أخرجه البخارى، في: باب بعث على بن أبى طالب. . . . إلى اليمن، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 208/ 5. ومسلم، في: باب في الإفراد والقران، وباب إهلال النبى صلى الله عليه وسلم وهديه، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 905، 915.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 417/ 1. والترمذى، في: باب ما جاء في الجمع بين الحج والعمرة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 38/ 4. والنسائى، في: باب القران، من كتاب المناسك. المجتبى 116/ 5، 117. وابن ماجه، في: باب الإحرام، وباب من قرن الحج والعمرة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 973، 989. والدارمى، في: باب في القران، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 70. والإمام أحمد، في: المسند 53/ 2، 99/ 3، 100، 187.
(2)
في م: «الضبى» .
(3)
تقدم تخريجه صفحة 8.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
وأخرجه البخارى، في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 175/ 2، 176. والنسائى، في: باب القران، من كتاب المناسك. المجتبى 115/ 5.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العِبادَةِ، وإحْرامٌ بالنُّسُكَيْن مِن المِيقاتِ، وفيه زِيادَةُ نُسُكٍ هو الدَّمُ، فكانَ أوْلَى. وذَهَب مالكٌ، وأبو ثَوْرٍ إلى اخْتِيارِ الإفْرادِ. وهو ظاهِر مَذْهَبِ الشافعىِّ. ورُوِىَ ذلك عن عُمَرَ، وعثمانَ، وابنِ عُمَرَ، وجابِرٍ، وعائشَةَ، رَضِىِ الله عنهم؛ لِما رَوَتْ عائِشَةُ، وجابِرٌ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أفْرَدَ الحَج. مُتَّفق عليهما (1). وعن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ مثلُ ذلك. مُتَّفَقٌ عليهما (2). ولأنَّه يَأْتِي بالحَجِّ تامًّا مِن غيرِ احْتِياجٍ إلى جَبْرٍ، فكانَ أوْلَى. قال عثمانُ: ألا إنَّ الحَجَّ التامَّ مِن أهْلِيكُم، والعُمْرَةَ التامَّةَ مِن أهْلِيكُم. وقال إبراهيمُ: إنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ وابنَ مسعودٍ وعائِشَةَ، كانُوا يُجَرِّدُون الحَجَّ. ولَنا، ما روَى ابن عباس، وجابِرٌ، وأبو موسى، وعائِشَة، رَضِىَ اللهُ عنهم، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصحابَه لَمّا طافُوا بالبَيْتِ، أنْ يَحِلوا، ويَجْعَلُوها عُمْرَةً (3). فنَقَلَهم مِن الإفْرادِ والقِرانِ إلى المُتْعَةِ.
(1) أخرجهما البخارى في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 175، 176. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 871، 873، 875، 881.
(2)
في النسخ: «عليه» والمثبت من المغنى. وأخرج حديث ابن عمر البخارى، في: باب في بعث على بن أبى طالب. . . . إلى اليمن. . . .، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 5/ 208. ومسلم، في: باب الإفراد والقران، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 904، 905.كما أخرج حديث ابن عباس البخارى، في:
باب التمتع والإقران والإفراد كالحج. . . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 175. ومسلم، في: باب جواز العمرة في أشهر الحج، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 909.
(3)
أخرجه البخارى، في: باب كم أقام النبى صلى الله عليه وسلم في حجته، من كتاب التقصير، وفى: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . . .، من كتاب الحج، وفى: باب أيام الجاهلية، من كتاب مناقب الأنصار. صحيح البخارى 2/ 54، 175، 5/ 51، 52. ومسلم، في: باب جواز العمرة في أشهر الحج، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 909 - 911. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُتَّفَقٌ عليها، ولا يَنْقُلُهم إلَّا إلى الأفْضَلِ، ولم يُخْتَلَفْ عن النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - أنَّه لَمّا قَدِم مَكَّةَ أمَرَ أصحابَه أنَّ يَحِلُّوا، إلَّا مَن ساق هَدْيًا، وثَبَت على إحْرامِه، وقال:«لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْىَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَة» . قال جابِرٌ: حَجَجْنا مع النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - يومَ ساقَ البُدْنَ معه، وقد أهَلُّوا بالحَجِّ مُفْرَدًا، فقالَ لهم:«حِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ، وَاجْعَلُوا الَّتِى قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» . فقالُوا: كيفَ نَجْعَلُها عُمْرَةً وقد سَمَّيْنا الحَجَّ؟ فقالَ: «افْعَلُوا مَا أمَرْتُكُم بِه، فَلَوْلَا أنِّى سُقْتُ الهَدْىَ، لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِى أمَرْتُكُمْ بِهِ» . وفى لَفْظٍ: فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقالَ:«قَدْ عَلِمتُمِ أنِّى أتْقَاكُمْ لِلهِ، وَأصْدَقُكُمْ، وأبرُّكُمْ، وَلَوْلَا هَدْيِى لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ، وَلَو اسْتَقبَلْتُ مِنْ أمْرِىْ مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أهْدَيْتُ» . فحَلَلْنا، وسَمِعْنا وأطعْنا. مُتَّفَقٌ عليهما (1). فنَقَلَهُم إلى التَّمَتُّعِ وتَأسَّفَ إذْ لم يُمْكِنْه ذلك، فدَلَّ على
= كما أخرجه أبو داود، في: باب في إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 415. والنسائى: في: باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسبق الهدى، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 141، 142.
(1)
أخرج الأول البخارى، في: باب تقضى الحائض المناسك كلها. . . .، من كتاب الحج، وفى: باب عمرة التنعيم، من كتاب العمرة، وفى: باب الاشتراك في الهدى. . . .، من كتاب الشركة، وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، من كتاب التمنى، وفى: باب نهى النبى - صلي الله عليه وسلم - عن التحريم إلا ما تعرف إباحته، من كتاب الاعتصام. صحيح البخارى 2/ 195، 196، 3/ 4، 5، 185، 9/ 103، 137، 138. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 879. كما أخرجه أبو داود، في: باب في إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 415. وابن ماجه، في: باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1023، 1024. والدارمى، في: باب في سنة الحاج، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 46. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 253، 259، 3/ 148، 266، 305، 317، 320، 364، 366. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَضْلِه. ولأنَّ التَّمَتُّعَ مَنْصُوصٌ عليه في كتاب اللهِ تعالى، بقوْلِه:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (1). دُونَ سائِرِ الأَنْساكِ. ولأنَّ التَّمَتُّعَ يَجْتَمِعُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ في أشْهُرِ الحَجِّ، مع كَمالِهما وكَمالِ أفْعالِهما على وَجْهِ اليُسْرِ والسُّهُولَةِ، مع زِيادَةِ نُسُكٍ، فكانَ أوْلَى، فأمّا القِرانُ فإنَّما يُؤْتَى فيه بأفْعالِ الحَجِّ، وتَدْخُلُ أفْعالُ العُمْرَةِ فيه، والمُفْرِدُ إنَّما يَأْتِى بالحَجِّ وَحْدَه، وإنِ اعْتَمَرَ بعدَه مِن أدْنَى الحِلِّ، فقد اخْتُلِفَ في إجْزائِها عن عُمْرَةِ الإسْلامِ، وكذلك اخْتُلِفَ في إجْزاءِ عُمْرَةِ القارِنِ، ولا خِلافَ في إجْزاءِ عُمْرَةِ المُتَمَتعِ، فكان أوْلَى. فأمّا حُجَّتُهم بفِعْلِ النبىِّ - صلي الله عليه وسلم -، ففيها أجْوِبَة: أحَدُها، مَنْعُ أنَّ يَكُونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمًا بغيرِ التَّمَتُّعِ؛ لأمُورٍ؛ أوَّلُها، أنَّ رُواةَ أحاديثِهم قد رَوَوْا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعَ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، رَواه ابنُ عُمَرَ، وعائِشَةُ، وجابِرٌ، رَضِىَ الله عنهم، مِن طُرُق صِحاحٍ، فسَقَطَ الاحْتِجاجُ بها. وثانِيها، أنَّ رِوايَتَهم اخْتَلَفَتْ، فرَوَوْا مَرَّةً أنَّه أفْرَدَ، ومَرَّةً أنَّه تمَتَّعَ، ومَرةً أنَّه قَرَن، والقَضِيَّةُ واحِدَةٌ،
= والحديث الثانى أخرجه البخارى، ق: باب التمتع والإقران والإفراد. . . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 176. ومسلم، في: باب بيان وجوه الإحرام. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 884، 885.
(1)
سورة البقرة 196.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَها، فوجَبَ اطِّراحُ الكلِّ، وأحادِيثُهم في القِرانِ أصَحُّها حديثُ أنَسٍ، وقد أنكَرَه ابنُ عُمَرَ، فقالَ: رَحِمَ الله أنَسًا، ذَهَل أنَسٌ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وفى رِوايَة: كان أنَسٌ يَتَوَلَّجُ على النِّساءِ. أى كان صَغِيرًا. وحديثُ علىٍّ (2) رواه حَفْصُ بنُ أبى داودَ، وهو ضَعِيفٌ، عن ابنِ أبِى لَيْلَى، وهو كَثِيرُ الوَهْمِ. قاله الدَّارَقُطنيُّ. وثالِثُها، أنَّ أكْثَرَ الرِّواياتِ، أنَّ النبىَّ - صلي الله عليه وسلم -، كان مُتَمَتِّعًا. روَى ذلك عُمَرُ، وعَلىٌّ، وعثمانُ، وسَعْدُ بنُ أبِى وَقَّاصٍ، وابنُ عباس، وابنُ عُمَرَ، ومُعاويَةُ، وأبو موسى، وجابِرٌ، وعائِشَةُ، وحَفْصَةُ، بأحادِيثَ صِحاحٍ. وإنَّما مَنَعَه مِن الحِلِّ الهَدْىُ الذى كان معه، ففى حديثِ عُمَرَ (3)، أنَّه قال: إنِّى لأنْهاكُمْ (4) عن المُتْعَةِ، وإنَّها لفى كتابِ اللهِ، ولقد صَنَعَها رسولُ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - (5). يَعْنى العُمرَةَ في الحَجِّ. وفى حديثِ عليٍّ، أنَّه اخْتَلَفَ هو وعثمانُ في المُتْعَةِ بعُسْفانَ (6)، فقالَ علىٌّ: ما تُرِيدُ الى أمْرٍ فَعَلَه رسولُ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - تَنْهَى عنه.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 152. وقوله: يرحم الله أنسًا، ذهل أنس. لم نجده، وعند مسلم والنسائى والدارمي: قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر، أى بحديث أنس، فقال: لبى بالحج وحده. فلقيت أنسًا فحدثته بقول ابن عمر، فقال أنس: ما تعدوننا إلا صبيانا!!.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 152.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: «لا أنهاكم» .
(5)
أخرجه النسائي، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 119.
(6)
عسفان: منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. معجم البلدان 3/ 673.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُتَّفَقٌ عليه (1). وللنَّسائِيِّ (2)، قال عليٌّ لعثمانَ: ألم تَسْمَعْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعَ؟ قال: بلى. وعن ابنَ عُمَرَ، قال: تَمَتَّعَ رسولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ. وعنه أنَّ حَفْصَةَ قالت للنبىِّ صلى الله عليه وسلم: ما شَأْنُ النّاسِ حَلُّوا مِن عُمْرَتِهم، ولم تَحْلِلْ أنت مِن عُمْرَتِك؛ قال:«إنِّى لَبَّدْتُ رَاسِى، وَقَلدْتُ هَدْيىِ، فَلَا أَحلْ حَتّى أنْحَرَ» مُتَّفَقٌ عليهما (3). وقال سعدٌ: صَنَعَها رسولُ اللهِ - صلي الله عليه وسلم -، وصَنَعْناها معه (4). وهذه الأحاديثُ
(1) تقدم تخريجه عند البخارى والنسائى في صفحة 152. وأخرجه مسلم، في: باب جواز التمتع، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 897. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 57، 60. وعند مسلم 2/ 896، والإِمام أحمد 4/ 61 عن عبد الله بن شقيق بنحوه.
(2)
في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 118.
(3)
أخرج الأول البخارى، في: باب من ساق البدن معه، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 205. ومسلم، في: باب وجوب الدم على المتمتع. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 901.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 419. والنسائى، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 117، 118. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 139، 140. وأخرج الثانى البخارى، في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . . .، وباب فتل القلائد للبدن والبقر، وباب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق، من كتاب الحج، وفى: باب حجة الرداع، من كتاب المغازى، وفى: باب التلبيد، من كتاب اللباس. صحيح البخارى 2/ 175، 207، 213، 5/ 222، 7/ 209. ومسلم، في: باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا. . . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 902، 903.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 420. والنسائي، في: باب التلبيد عند الإحرام، وباب تقليد الهدى، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 104، 134. وابن ماجه، في: باب من لبد رأسه، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1012، 1013. والإمام مالك، في: باب ما جاء في النحر في الحج، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 393، 394. والإمام أحمد،
في: المسند 2/ 124، 6/ 283، 284، 285.
(4)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في التمتع، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 39. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
راجِحَةٌ؛ لأنَّ رُواتَها اكْثرُ وأعلَمُ، وِلأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَ بالمُتْعَةِ عن نَفْسِه في حديثِ حَفْصَةَ، فلا يُعارِضُ خبَرَه غيرُه. ولأنَّه يُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ الأحاديثِ، بأن يَكُونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحْرَمَ بالمُتْعَةِ، ثم لم يَحِلَّ منها لأجْل هَدْيِه حتى أحْرَمَ بالحَجِّ، فصار قارِنًا، وسَمّاه مَن سَمّاه مُفْرِدًا؛ لأنَّه اشْتَغلَ بأفْعالِ الحَجِّ وَحْدَها بعدَ فَراغِه مِن أفْعالِ العُمْرَةِ، فإنَّ الجَمْعَ بينَ الأحادِيثِ مهما أمْكَنَ أوْلَى مِن حَمْلِها على التَّعارُضِ. الوَجْهُ الثّانِى مِن الجوابِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أمَرَ أصحابَه بالانْتِقالِ الى المُتْعَةِ عن الإِفْرادِ والقِرانِ، ولا يَأْمُرُهم إلَّا بالانْتقالِ الى الأفْضَلِ، فإنَّه مِن المُحالِ أنَّ يَنْقُلَهم مِن الأفْضَلِ الى الأدْنَى، وهو الدّاعِى الى الخَيْرِ، الهادِى (1) إلى الفَضْلِ، ثم أكَّدَ ذلك بتَأسُّفِه على فَواتِ ذلك في حَقِّه، ولأنَّه لم يَقْدِرْ على انْتِقالِه وحِلِّه؛ لسَوقِه الهَدْىَ، وهذا ظاهِرُ الدَّلالَةِ. الثّالِثُ، أنَّ ما ذَكَزناه قولُ النبىِّ - صلي الله عليه وسلم -، وهم يَحْتَجُّون بفِعْلِه، وعندَ التَّعارُضِ يَجِبُ تَقْدِيمُ القولِ؛ لاحْتِمالِ اختِصاصِه بفِعْلِه دُونَ غيرِه، كنَهْيِه عن الوصالِ مع فِعْلِه له، ونكاحِه بغيرِ وَليٍّ مع قَوْله:«لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلىٍّ» (2). فإن قِيلَ: فقد قال أبو ذَرٍّ: كانت مُتْعَةُ الحَجِّ لأصحابِ
= والنسائي، في: باب التمتع، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 118. والإمام مالك، في: باب ما جاء في االتمتع، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 344. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 174.
(1)
في الأصل: «الداعى» .
(2)
ذكره البخارى في الترجمة، في: باب من قال لا نكاح الا بولى، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 7/ 19. وأخرجه أبو داود، في: باب الولى، من كتاب النكاح. سنن أبى داود 1/ 481. والترمذى، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً. رَواه مسلم (1). قُلْنا: هذا قولُ صحابيِّ، يُخالِفُ الكِتابَ والسُّنَّةَ والإجْماعَ وقولَ مَن هو خَيْرٌ منه (2) وأعْلَمُ. أمّا الكِتابُ فَقَوْلُه سبحانه:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} (3). وهذا عامٌّ. وأجْمَعَ المسلمون على إباحَةِ التَّمَتُّعِ. وأمّا السُّنَّةُ، فرَوَى سعيدٌ، بإسْنادِه، أنَّ سُراقَةَ بنَ مالك سَأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: المُتْعَةُ لنا خاصَّةً، أم هى للأبَدِ؟ قال:«بَلْ هِىَ لِلأبَدِ» . وفى لَفظٍ، قال: هى لعامِنا، أو للأبَدِ؟ قال:«بَلْ لأبَدِ الأبدِ، دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ في الْحَجِّ إلَى يَوْم الْقِيَامَةِ» (4). وفى حديثِ جابِر الذى رَواه مسلمٌ (5) في صِفَةِ حَجِّ النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - نَحْوُ هذا.
= في: كتاب ما جاء لا نكاح إلا بولى، وباب ما جاء في استثمار البكر والثيب، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى 5/ 26. وابن ماجه، في: باب لا نكاح إلا بولى، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 605. والدارمى، في: باب النهى عن النكاح بغير ولى، من كتاب النكاح. سنن الدارمى 2/ 137. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 250، 4/ 394، 413، 418، 6/ 260
(1)
في: كتاب جواز التمتع، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 897.
كما أخرجه النسائى، في: باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدى، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 140، 141. واين ماجه، في: باب من قال كان فسخ الحج لهم خاصة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 994. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 469.
(2)
سقط من: م.
(3)
سورة البقرة 196.
(4)
أخرجه البخارى، في: باب عمرة التنعيم، من كتاب العمرة، وفى: باب الاشترك في الهدى والبدن. . . .، من كتاب الشركة، وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، من كتاب التمنى. صحيح البخارى 5/ 3، 185، 6/ 103. ومسلم، في: باب حجة النبى - صلي الله عليه وسلم -، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 888. وابن ماجه، في: باب فسخ الحج، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 992، 993.
(5)
يأتي تخريجه في باب صفة الحج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومَعْناه، واللهُ أعْلَمُ، أنَّ الجاهِلِيَّةَ كانُوا لا يُجِيزُون التَّمتُّعَ، ويَرُوْن العُمْرَةَ في أشْهُرِ الحَجِّ مِن أفْجَرِ الفُجُورِ، فبَيَّنَ النبىُّ - صلي الله عليه وسلم - أنَّ اللهَ تعالى قد شَرَع العُمْرَةَ في أشْهُرِ الحَجِّ، وجَوَّز المُتْعَةَ إلى يومِ القِيامَةِ. وقد خالَفَ أبا ذَرٍّ عليٌّ، وسعدٌ، وابنُ عباس، وابنُ عُمَرَ، وعِمرانُ بنُ حُصَيْن، وسائِرُ المسلمين. قال عِمْرانُ: تَمَتَّعْنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ونَزَل فيه القُرْآنُ، ولم يَنْهَنا عنه رسولُ اللهِ - صلي الله عليه وسلم -، ولم يَنْسَخْها شئٌ، فقالَ فيها رجلٌ برَأْيِه ما شاءَ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال سعدُ بنُ أبِي وَقَّاص: فَعَلْناها مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِى المُتْعَةَ - وهذا يَوْمَئِذٍ كافِرٌ بالعُرُشِ (2). يَعْنِى النّاهِىَ عَنْها. والعُرُشُ: بُيُوتُ مَكَّةَ. قال أحمدُ، حينَ ذُكِرَ له حديثُ أبى ذَرٍّ: أفيقُولُ بهذا أحَدٌ؟ المُتْعَةُ في كِتابِ اللهِ تعالى، وقد أجْمَعَ المُسْلِمُون على جَوازها. فإن قِيلَ: فقد روَى أبو داودَ (3)، بإسْنادِه، أنَّ رجلًا مِن أصْحابِ النبى - صلي الله عليه وسلم - أتَى عُمَرَ، فشَهِدَ عندَه أنَّه سَمِع رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عن العُمْرَةِ قبلَ الحَجِّ. قُلْنا: هذا حالُه في مُخالَفَةِ الكِتابِ والسُّنةِ والإجْماعِ كحالِ حديثِ أبى ذَرٍّ، بل هو أدْنَى حالًا، فإنَّ في
(1) أخرجه البخارى، في: باب التمتع، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 176. ومسلم، في: باب جواز التمتع، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 899، 900.
كما أخرجه النسائي، في: باب القران، وباب التمتع، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 116، 120. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 429، 438، 439.
(2)
أخرجه مسلم، في: باب جواز التمتع، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 898. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 181.
(3)
في: باب في إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 416.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إسْنادِه مقالًا. فإن قِيلَ: فقد نَهَىِ عنها عُمَرُ، وعثمانُ، ومُعاويَةُ. قُلْنا: فقد أنْكَرَ عليهم عُلَماءُ الصحابةِ نهْيَهم عنها، وخالَفُوهم في فِعْلِها، وقد ذَكَرْنا إنْكارَ عليٍّ على عثمانَ، واعْتِرافَ عثمانَ له، وقولَ عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ مُنْكِرًا لنَهْىِ مَن نَهَى، وقولَ سَعْدٍ عاتِبًّا على مُعاوِيَةَ نَهْيَه عنها، وَرَدَّهم عليهم بحُجَجٍ لم يَكُنْ لهم عنها جَوابٌ، بل ذَكَر بعضُ مَن نَهَى في كَلامِه الحُجَّةَ عليه، فقالَ عُمَرُ، رَضِىَ الله عنه: والله إنِّى لأنهاكُم عن المُتْعَةِ، وإنَّها لفى كِتابِ الله، وقد صَنَعَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1). ولا خِلافَ في أنَّ مَن خالَفَ كتابَ الله وسُنَّةَ رسولِه حَقِيقٌ بأن لا يُقبَلَ نَهْيُه، ولا يُحْتَجَّ به، مع أنَّه قد سئِلِ سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أنهَى عُمَرُ عن المُتْعَةِ؟ قال: لا، والله ما نهَي عنها عُمَرُ، ولكن قد نهَى عنها عثمانُ. ولَمّا نَهَى مُعاوِيَةُ عن المُتْعةِ أمَرَت عائِشَةُ حَشَمَها ومَواليَها أنَّ يُهِلُّوا بها، فقالَ مُعاويَةُ: مَن هؤلاء؟ فقِيل: حَشَمُ أو مَوالِى عائِشَةَ. فأرْسَلَ إليها: ما حَمَلَكِ على ذلك؟ فقالَت: أحْبَبْتُ أنَّ يُعْلَمَ أنَّ الذى قُلْتَ ليس كما قُلْتَ. وقِيلَ لابنِ عباسٍ: إنَّ فُلانًا نَهَى عن المُتْعَةِ. قال: انْظُرُوا في كتابِ الله، فإن وَجَدْتُمُوها فيه، فقد كَذَب على اللهِ، وعلى رسول، وإن لم تَجِدُوها فقد صَدَق. فأيُّ الفَرِيقَيْن أحَقُّ بالاتِّباعِ وأوْلَى بالصَّوابِ؟ الذين معهم كتابُ الله وسُنَّةُ رسول، أم الذين يُخالِفُونهما؟ ثم قد ثَبَتَ عن النبىِّ - صلي الله عليه وسلم - الذى قَوْلُه حُجَّةٌ على الخَلْقِ أجْمَعِين، فكيفَ يُعارَضُ بقَوْلِ غيرِه؟ قال سعيدُ
(1) حديث عمر تقدم في صفحة 156.