الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُلَبِّى إِذَا عَلَا نَشزًا، أَوْ هَبَطَ وَادِيًا، وَفِى دُبُرِ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ،
ــ
وأكْثَرُ. وقولُ ابنِ عُمَرَ يُخالِفُه قولُ أبِيه، فإنَّ النَّسائِىَّ روَى بإسْنادِه، عن الصُّبَىِّ (1) بنِ مَعْبَدٍ، أنَّه أوَّلَ ما حَجَّ لَبَّى بالحَجِّ والعُمْرَةِ جَمِيعًا، ثم ذَكَر ذلك لعُمَرَ، فقالَ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّك صلى الله عليه وسلم (2). وإن لم يذكُرْ ذلك في تَلْبيَتِه، فلا بَأْسَ، فإنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّها القَلْبُ، واللهُ سبحانه عالِمٌ بها.
فَصل: ولا يُلَبِّى بغيرِ العَرَبِيَّةِ، إلَّا أن يَعْجِزَ عنها؛ لأنَّه ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، فلا يُشْرَعُ بِغَيْرِ العَرَبِيَّةِ، كالأذانِ والأذْكارِ المَشْرُوعَةِ في الصلاةِ.
فصل: وإن حَجَّ عن غيرِه، كَفاه مُجَرَّدُ النِّيَّةِ عنه. قال أحمدُ: لا بَأْسَ بالحَجِّ عن الرجلِ، ولا يُسَمِّيه. وإن ذَكَره في التَّلْبِيَةِ فحسنٌ. قال أحمدُ: إذا حَجَّ عن رجلٍ يَقُولُ أوَّلَ ما يُفمى: عن فُلانٍ. ثم لا يُبالِى أن لايَقُولَ بعدَ ذلك؛ لِقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم للذى سَمِعَه يُلَبِّى عن شُبْرُمَةَ: «لَبِّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ لَبِّ عَنْ شُبْرُمَةَ» (3). ومتى لَبَّى بالحَجِّ والعُمْرَةِ بَدَأ بذِكْرِ العُمْرَةِ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ وذلك لقولِ أنَسٍ: إنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» (4).
1175 - مسألة: (ويُلَبِّى إذا عَلا نَشْزًا، أوْ هَبَطَ وادِيًا، وفى دُبُرِ
(1) في م: «الضبى» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 8.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 91.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 152.
وَإِقْبَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِذَا الْتَقَتِ الرِّفَاقُ.
ــ
الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ، وإقْبالِ اللَّيْلِ والنَّهارِ، وإذا الْتَقَتِ الرِّفاقُ) التَّلْبِيَةُ مُسْتَحَبَّةٌ في جَمِيعِ الأوْقاتِ، ويَتأكَّدُ اسْتِحْبابُها في ثَمانِيَةِ مَواضِعَ؛ منها السِّتَّةُ المَذْكُورَةُ، والسّابعُ إذا فعل مَحْظُورًا ناسِيًا، الثّامنُ إذا سَمِع مُلَبِّيًا؛ لِما روَى جابِرٌ، قال: كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّى في حَجَّتِه إذا لَقِىَ راكِبًا، أو عَلا أكَمَةً (1)، أو هَبَط وادِيًا، وفى دُبُرِ الصَّلَواتِ المَكْتُوبَةِ، ومِن آخِرِ اللَّيْلِ (2). وقال إبراهيمُ النَّخَعِىُّ: كانُوا يَسْتَحِبُّون التَّلْبِيَةَ دُبُرَ الصلاةِ المَكْتُوبَةِ، وإذا هَبَط وادِيًا، وإذا عَلا نَشْزًا (3)، وإذا لَقِى راكِبًا، وإذا اسْتَوتْ به راحِلَتُه. وبهذا قال الشافعىُّ، وقد كان قبلُ يَقُولُ مِثْلَ قولِ مالكٍ: لا يُلَبِّى عندَ اصْطِدامِ الرِّفاقِ. والحديثُ يَدُلُّ عليه، وكذلك قولُ
النَّخَعِىِّ.
فصل: ويُجْزِىُّ مِن التَّلْبِيَةِ في (4) دُبُرِ الصلاةِ مَرَّةٌ واحِدَةٌ. قال الأثْرَمُ: قُلْتُ لأبى عبدِ اللهِ: ما شئٌ يَفْعَلُه العامَّةُ، يُلَبُّون في دُبُرِ الصلاةِ
(1) الأكمة: التل.
(2)
قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث ذكره الشيخ في المهذب، وبيض له النووى والمنذرى، وقد رواه ابن عساكر في تخريجه لأحاديث المهذب. انظر: تلخيص الحبير 2/ 239. وانظر المجموع 7/ 240.
(3)
النشز: المرتفع من الأرض.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَلاثًا؟ فتَبَسَّمَ، وقال: ما أدْرِى مِن أين جاءُوا به؟ قُلْتُ: أليس يُجْزِئُه مَرَّةٌ واحِدَةٌ؟ قال: بلى. وذلك لأنَّ المَرْوِىَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا، مِن غيرِ تَقْيِيدٍ، وذلك يَحْصُلُ بمرَّةٍ واحِدَةٍ، وهكذا التَّكْبِيرُ في أدْبارِ الصَّلَواتِ، في أيّام الأضْحَى، وأيّام التَّشْرِيقِ. وإن زادَ فلا بَأْسَ؛ لأنَّ ذلك زِيادَةُ ذِكْرٍ وخَيْرٍ، وتَكْرارُه ثَلاًثا حسنٌ، فإنَّ اللهَ وِتْر يُحِبُّ الوِتْرَ.
فصل: ولا بَأْسَ بالتَّلْبِيَةِ في طَوافِ القُدُومِ. وبه قال ابنُ عباسٍ، وعَطاءُ بنُ السّائِبِ، ورَبِيعَةُ بنُ عبدِ الرحمن، وابنُ أبِى لَيْلَى، وداودُ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّه قال: لا يُلَبِّى حولَ البَيْتِ. وقال ابنُ عُيَيْنَةَ: ما رَأيْنا أحَدًا يُقْتَدَى به يُلَبِّى حولَ البَيْتِ، إلَّا عَطاءَ بنَ السّائِبِ. وقال أبو الخَطّابِ: لا يُلَبِّى. وهو قولٌ للشافعىِّ؛ لأنَّه مُشْتَغِلٌ بذِكْر يَخُصُّه، فكانَ أوْلَى. ولَنا، أنَّه زَمَنُ التَّلْبِيَةِ، فلم يُكْرَهْ له، كما لو لم يَكُنْ حولَ البَيْتِ، ويُمْكِنُ الجَمْعُ بينَ التَّلْبِيَةِ والذِّكْرِ المشْرُوعِ في الطَّوافِ. ويُكْرَهُ له رَفْعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبِيَةِ حولَ البَيْتِ؛ لئَلَّا يَشْغَلَ الطَّائِفِين عن طَوافِهم وأذْكارِهِم.
فصل: ولا بَأْسَ أن يُلَبِّىَ الحَلالُ. وبه قال الحسنُ، والنَّخَعِىُّ، وعَطاءُ ابنُ السّائِبِ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وكَرِه هذا مالكٌ. ولَنا، أنَّه ذِكْرٌ مُسْتَحَبُّ للمُحْرِمِ، فَلم يُكْرَهْ لغيرِه، كسائِرِ الأذْكارِ.