الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْفِدْيَةِ
وَهِىَ عَلَى ثَلَاَثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُهَا، مَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ؛ أحَدُهُمَا، يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنِ صِيَام ثَلَاَثَةِ أيَّام، أوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ؛ لِكُلِّ مِسْكِين مُدُّ بُرٍّ، اوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ، أوْ ذَبْحِ شَاةٍ، وَهِىَ فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَتَقْلِيمِ الْأظْفَار، وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَاللُّبْسِ، وَالطِّيبِ. وَعَنْهُ، يَجِبُ الدَّمُ، إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِعُذْرٍ، فَيُخَيَّرَ.
ــ
بابُ الفِدْيَةِ
(وهى عَلَى ثَلَاثةِ أضْرُبٍ؛ أحَدُها، ما هو على التَّخْييرِ، وهو نَوْعان؛ أحَدُهما، يُخَيَّر فيه بينَ صِيام ثَلاثَةِ أيّامٍ، أوْ إطْعامِ سِتَّةِ مَساكِينَ، [لكلِّ مِسْكِينٍ] (1) مُدُّ بُرٍّ، أوْ نِصْفُ صاعِ تَمْرٍ أو شَعِيرٍ، أو ذَبْحِ شاةٍ، وهى فِدْيَةُ حَلْقِ الرَّأْسِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، وتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، واللُّبْسِ، والطِّيبِ. وعنه، يَجِبُ الدَّمُ، إلَّا أن يَفْعَلَه لعُذْرٍ، فيُخَيَّرَ) (2)
(1) سقط من: م.
(2)
في النسخ: «فيجب» . خطأ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكَلامُ في هذه المَسْألةِ في فُصُولٍ؛ أحَدُها، في أنَّ فِدْيَةَ هذه المَحْظُوراتِ على التَّخْيِيرِ، أيُّها شاء فَعَل. والأصْلُ في ذلك قَوْلُه تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (1). ذَكَرَه بلَفْظِ «أوْ» ، وهى للتَّخْيِيرِ. وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم لكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ:«لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَ امُّكَ؟» . قال: نعم يا رسولَ اللهِ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاَثَةَ أيَّامٍ، أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أوِ انْسُكْ شَاةً» . مُتَّفَقٌ عليه (2). وفى لَفْظٍ: «أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ» . فدَلَّتِ الآيَةُ والخَبَرُ على وُجُوبِ الفِدْيَةِ على صِفَةِ التَّخْيِيرِ بينَ الذَّبْحِ والإطْعامِ والصيامِ في حَلْقِ
(1) سورة البقرة 196.
(2)
تقدم تخريجه في 145/ 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّعَرِ، وقِسْنا عليه تَقْلِيمَ الأظْفارِ، واللُّبْسَ، والطِّيبَ؛ لأنَّه حُرِّمَ في الإحْرامِ لأجْلِ التَّرَفُّهِ، فأشْبَهَ حَلْقَ الشَّعَرِ. ولا فَرْق في الحَلْقِ بينَ المَعْذُورِ وغيرِه، في ظاهِرِ المَذْهَب، والعامِدِ والمُخْطِيءِ. وهو مَذْهَبُ مالكٍ، والشافعىِّ. وعن أحمدَ، أنَّه إذا حَلَق لغيرِ عُذرٍ، فعليه دَمٌ مِن غيرِ تَخْيِيرٍ. اختارَه ابنُ عقيلٍ. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى خَيَّرَ بشَرْطِ العُذْرِ، فإذا عُدِم العُذْرُ، زال التَّخْيِيرُ. ولَنا، أنَّ الحُكْمَ ثَبَت في غيرِ المَعْذُورِ بطرَيقِ التَّنْبِيهِ تَبَعًا له، والتبَّعَ لا يُخالِفُ أصْلَه. ولأنَّ كلَّ كَفّارَةٍ ثَبَت التَّخْييرُ فيها مع العُذْرِ، ثَبَت مع عَدَمِه، كجَزاءِ الصَّيْدِ، لا فَرْقَ بينَ قَتْلِه للضَّرُورَةِ إلى أكْلِه، أو لغيرِ ذلك، وإنَّما الشَّرْطُ لجوازِ الحَلْقِ، لا للتَّخْيِيرِ.
الفَصْلُ الثّانِى، أنَّه مُخَيَّرٌ بينَ الثَّلاثَةِ المَذْكُورَةِ في الحديثِ، وهى صِيامُ ثَلَاثةِ أيامٍ، أو إطْعامُ سِتَّةِ مساكِينَ، لكلِّ مِسْكِين مُدُّ بُرٍّ، أو نِصْفُ صاعِ تَمْرٍ أو شَعِيرٍ، أو ذَبْخُ شاةٍ، وقد دَلَّ الحديثُ المَذْكُورُ على ذلك. وفى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَفْظٍ: «أوْ أطْعِمْ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ» . وفى لَفْظٍ: «فَضُمْ ثَلَاَثةَ أيَّام، وَإنْ شِئْتَ، فَتَصَدَّقْ بِثَلَاَثةِ آصُعٍ مِن تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ» . رَواه أبو داودَ (1). وبهذا قال مُجاهِدٌ، والنَّخَعِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأىِ. وقال الحسنُ، وعِكْرِمَةُ، ونافِعٌ: الصِّيامُ عَشَرَةُ أيّامٍ، والصَّدَقَةُ على عَشَرَةِ مَساكِينَ. ويُرْوَى عن الثَّوْرِيِّ وأصحابِ الرَّأْىِ، قالوا: يُجْزِئُ مِن البُرِّ نِصْفُ صاعٍ ومِن التَّمْرِ والشَّعِيرِ صاعٌ.
فصل: والحديثُ إنَّما ذُكِرَ فيه التَّمْرُ، ويُقاسُ عليه البُرُّ والشَّعِيرُ والزَّبِيبُ؛ لأنَّ كلَّ مَوْضعٍ أجْزَأ فيه التَّمْرُ، أجْزَأ ذلك فيه، كالفِطْرَةِ، وكَفّارَةِ اليَمينِ. وقد روَى أبو داودَ في حديثِ كَعْبِ بنِ عُجْزَةَ، قال: فدَعانِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ لى:«احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاَثَةَ أيَّام، أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِن زَبِيبٍ، أوِ انْسُكْ شَاةً» . ولا يُجْزِئُ مِن هذه الأصْنافِ أقَلُّ مِن ثَلَاثَةِ آصُعٍ، إلَّا البُرَّ ففيه رِوايَتانِ؛
(1) انظر تخريج حديث كعب بن عجرة في 2/ 145.