الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، لَبَّى تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ
ــ
شاء. اخْتارَه أبو الخَطّابِ؛ لأنَّ الإِحْرامَ يَصِحُّ بالمَجْهولِ، فصَحَّ عن المَجْهولِ، كما لو أحْرَمَ مُطْلَقًا، فإن لم يَفْعَلْ حتى طاف شَوْطًا، وَقَع عن نَفْسِه، ولم يَكُنْ له صَرْفُه إلى أحَدِهما؛ لأنَّ الطَّوافَ لا يَقَعُ عن غيرِ مُعَيَّنٍ.
1173 - مسألة: (وإذا اسْتَوَى على راحِلَتِه، لَبَّى تَلْبِيَةَ رسولِ اللهِ
لَبَّيْكَ، [63 ظ] لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ.
ــ
صلى الله عليه وسلم: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ (1) لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ) تُسْتَحَبُّ التَّلْبِيَةُ إذا اسْتَوَى على راحِلَتِه؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَها، وأمَرَ بها. وأدْنَى أحْوالِ الأمْرِ الاسْتِحْبابُ. وروَى سَهْلُ بنُ سَعْدٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّى، إلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِه مِنْ حَجَرٍ أوْ شَجَرٍ أوْ مَدَرٍ (2)، حَتَّى تَنْقَطِعَ الأرْضُ مِنْ هَهُنا وَهَهُنا» (3). وتُسْتَحَبُّ البدايَة بها إذا اسْتَوَى على راحِلَتِة؛ لِما روَى أنَسٌ، وابنُ عُمَرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمّا رَكِب راحِلَتَه واسْتَوَتْ به، أهَلَّ. رَواهما البخارىُّ (4). وقال ابنُ عباس، رَضِىَ اللهُ عنهما: أوْجَبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الإِحْرامَ حينَ فَرَغ مِن صَلاِته، فلَمّا رَكِب راحِلَتَه واسْتَوَتْ به قائِمَةً أهَلَّ (5). يَعْنِى، لَبَّى. ومَعْنَى الإِهْلالِ، رَفْعُ الصَّوْتِ، مِن قَوْلِهم: اسْتَهَلَّ الصَّبِىُّ. إذا صاحَ. والأصْلُ فيه أنَّهم كانوا إذا رَأوُا الهِلالَ صاحُوا. فقيلَ لكلِّ صائِحٍ: مُسْتهِلٌّ، وإنَّما يَرْفَعُ بالتَّلْبِيَةِ.
(1) سقط من: م.
(2)
المدر: التراب المتلبد، أو قطع الطين.
(3)
أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في فضل التلبية والنحر، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 44. وابن ماجه، في: باب التلبية، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 9741/ 2، 975.
(4)
تقدم تخريجه عنهما في صفحة 144.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 144.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذه تَلْبِيَةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، روَى (1) ابنُ عُمَرَ في المُتَّفَقِ عليه (2)، أنَّ. تَلْبيَةَ رسولِ اللهَ صلى الله عليه وسلم:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» . رَواه مسلمٌ عن جابِرٍ (3). والتَّلْبِيَةُ مَأْخُوذَةً مِن لَبَّ بالمَكانِ إذا لَزِمَه، فكأنَّه قال: أنا مُقِيمٌ (4) على طاعَتِكَ وأمْرِك، غيرُ خارِجٍ عن ذلك، ولا شارِدٌ عليك. هذا ونحوُه. وثَنَّوْها وكَرَّرُوها؛ لأنَّهُم أرادُوا إقامَةً بعد إقامَةٍ، كما لو قالوا: حَنانَيْكَ. أى رَحْمَة بعدَ رَحْمَةٍ، أو رَحْمَة مع رَحْمَةٍ، أو ما أشْبَهَه. وقال جَماعَةٌ مِن العُلماءِ: مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إجابَةُ نِداءِ إبراهيمَ عليه السلام، حينَ نادَى بالحَجِّ. ورُوِىَ عن ابنِ عباس، رَضِىَ الله عنهما، قال: لَمّا فَرَغ إبراهيمُ عليه السلام مِن بناءِ البَيْتِ، قِيلَ له: أذِّنْ في النّاسِ بالحَجِّ. قال: رَبِّ وما يَبْلُغُ صَوْتِى. قال: أذِّنْ، وعَلَىَّ البَلَاغُ. فنادَى إبراهيمُ: أيُّها النّاسُ، كُتِبَ عليكم الحَجُّ. فسَمِعَه ما بينَ السماءِ والأرْضِ، أفلا
(1) في م: «وكما روى» .
(2)
أخرجه البخارى، في: كتاب التلبية، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 170. ومسلم، في: باب التلبية وصفتها وقتها، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 841، 842.
كما أخرجه أبو داود، في: باب كيف التلبية، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 421. والترمذى، في: باب ما جاء في التلبية، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 41 - 43. والإمام مالك، في: باب العمل في الإهلال، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 331، 332.
(3)
في: باب حجة النبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 887.
(4)
في م: «أقيم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَرَى النّاسَ يَجِيئُون مِن أقْطارِ الأرْضِ يُلَبُّون (1). ويَقُولُون: لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ -بكسرِ الهمزَةِ-. نَصَّ عليه أحمدُ. والفَتْحُ جائِزٌ، والكَسْرُ أجْوَدُ. قال ثَعْلَبٌ: مَن قال «أنَّ» بالفَتْحِ فقد خصَّ، ومَن قال بكَسْرِ الألِفِ، فقد عَمَّ. يعنى، أى أنَّ مَن كَسَر فقد جَعَل الْحَمْدَ للهِ على كلِّ حالٍ، ومَن فَتَح فمَعْناه لَبَّيْكَ؛ لأنَّ الْحَمْدَ لَكَ، أى لهذا السَّبَبِ.
فصل: ولا تُسْتَحَبُّ الزِّيادَةُ على تَلْبِيَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا تُكْرهُ. ونحوَه قال (2) الشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لقولِ جابِرٍ: فأهَلَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» . وأهَلَّ النّاسُ بهذا الذى يُهِلُّون، ولَزِم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبيَتَه. وكان ابنُ عُمَرَ يُلَبِّى بتَلْبِيَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويَزِيدُ مع هذا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ بيَدَيْكَ، والرَّغْباءُ (3) إليكَ والعَمَلُ. مُتَّفَقٌ عليه (4). وزادَ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عنه: لَبَّيْكَ ذا النَّعْماءِ والفَضْلِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، مَرْهُوبًا ومَرْغُوبًا إليك، لَبَّيْكَ. هذا مَعْناه. رَواه الأثْرَمُ (5). ويُرْوَى أنَّ أنَسًا كان يَزِيدُ: لَبَّيْكَ
(1) قال ابن حجر: أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم بأسانيدهم في تفاسيرهم عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة وغير واحد، والأسانيد إليهم قوية، وأقوى ما فيه عن ابن عباس ما أخرجه أحمد ابن منيع في مسنده وابن أبى حاتم من طريق قابوس بن أبى ظبيان عن أبيه عنه قال:. . . .، وذكر كلام ابن عباس. فتح البارى 3/ 409. وأورده في المطالب العالية في أول كتاب الحج 1/ 311.
(2)
في م: «وقال» .
(3)
معناه الطلب والمسألة إلى من بيده الخير.
(4)
انظر تخريج حديث ابن عمر في تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدم في صفحة 208.
(5)
أخرجه ابن أبى شيبة، وزاد: ذا النعماء والفضل الحسن. عزاه له ابن حجر في الفتح 3/ 410.