الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى. وَعَنْهُ، لَا يَصُومُهَا، وَيَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةَ أَيَّام، وَعَلَيْهِ دَمٌ.
ــ
وأمّا الآيَةُ، فإنَّ اللهَ سُبْحانَه جَوَّزَ له تَأْخِيرَ الصِّيامِ الواجِبِ؛ تَخْفِيفًا عنه، فلا يَمْنَعُ ذلك الإِجْزاءَ قَبلَه، كتَأْخِيرِ صَوْمِ رمضانَ في السَّفَرِ والمَرَضِ، بقَوْلِه سُبْحانَه:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (1). لأَنَّ الصَّوْمَ وُجِدَ مِن أهْلِه بعدَ وُجُودِ سَبَبِه، فأجْزأ، كصَوْمِ المُسافِرِ والمَرِيضِ.
1216 - مسألة: (فإن لم يَصُمْ قبلَ يَوْمِ النَّحْرِ، صام أيَّامَ مِنًى. وعنه، لا يَصُومُها، ويَصُومُ بعدَ ذلك عَشَرَةَ أيَّامٍ، وعليه دَمٌ)
إذا لم يَصُم المُتَمَتِّعُ الثَّلاثَةَ الأيَّامِ في الحَجِّ؛ فإنَّه يَصُومُها بعدَ ذلك. وبهذا قال علىٌّ، وابنُ عُمَرَ، وعائشةُ، وعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وعُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ، والحسنُ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِيُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ. ويُرْوَى عن ابنِ عباسٍ، وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ: إذا فاته الصومُ في العَشْرِ،
(1) سورة البقرة 184.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَصُمْ بعدَه، واسْتَقَرَّ الهَدْىُ في ذِمَّتِه؛ لأنَّ اللهَ تعالى، قال:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} . ولأنَّه بَدَلٌ مُوَقَّتٌ، فيَسْقُطُ بخُرُوجِ وَقْتِه، كالجُمُعَةِ. ولَنا، أنَّه صومٌ واجِبٌ، فلم يَسْقُطْ بخُرُوجِ وَقْتِه، كصَوْمِ رمضانَ. والآيَةُ تَدُلُّ على وُجُوبِه في الحَجِّ، لا على سُقوطِه، والقياسُ مُنتقِضٌ بصَوْمِ الظِّهارِ، إذا قَدَّمَ المَسِيسَ عليه، والجُمُعَةُ ليست بَدَلًا، إنَّما هى الأصْلُ، وإنَّما سَقَطَتْ لأنَّ الوَقْتَ جُعِلَ شَرْطًا لها، كالجَماعَةِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَصُومُ أيَّامَ مِنًى. وهذا قولُ ابنِ عُمَرَ، وعائِشَةَ، وعُرْوَةَ، وعُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، والزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، والأوْزاعِىِّ، وإسْحاقَ، والشافعىِّ في القَدِيمِ؛ لِما روَى ابنُ عُمَرَ، وعائِشَة، رَضِىَ اللهُ عنهما، قالا: لم يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أن يُصَمْنَ إلَّا لمن لم يَجِدِ الهَدْىَ. رَواه البخارىُّ (1). وهذا يَنْصَرِفُ إلى تَرْخِيصِ
(1) في: باب من ساق البدن معه، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 205، 206.
وَعَنْهُ، إنْ تَرَكَ الصّوْمَ لِعُذْرٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاؤُهُ، وَإنْ تَرَكَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ.
ــ
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ الله تعالى أمَرَ بصِيامِ هذه الأيّامِ الثَّلاثَةِ في الحَجِّ، ولم يَبْقَ مِن الحَجِّ إلَّا هذه الإيَّامُ، فيَتَعَيَّينُ الصومُ فيها، فإذا صام هذه الأيّامَ، فحُكْمُه حُكْمُ مَن صام قبلَ يَوْمِ النَّحْرِ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه لا يَصُومُ أيَّامَ مِنًى. رُوِىَ ذلك عن عليٍّ، والحسنِ، وعَطاءٍ وهو قولُ ابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن صومِ سِتَّةِ أيَّامٍ، ذَكَر منها أيَّامَ التَّشْرِيقِ (1)، ولأنَّها لا يَجُوزُ فيها صَوْمُ النَّفْلِ، فلا يَصُومُها عن الفَرْضِ، كيَوْم النَّحْرِ. فعلى هذه الرِّوايَةِ يَصُومُ بعدَ ذلك عَشْرَةَ أيَّامٍ. وكذلك الحُكْمُ إذا قُلْنا بِصَوْمِ أيَّامِ مِنًى، فلم يَصُمْها. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في وُجُوبِ الدَّمِ عليه، فعنه، عليه دَمٌ، لأنَّه أخَّرَ الواجِبَ مِن مَناسِكِ الحَجِّ عن وَقْتِه، فلَزِمَه دَمٌ، كرَمْىِ الجِمارِ، ولا فَرْقَ بينَ المُؤَخِّرِ لعُذْرٍ أو لغَيْرِه؛ لِما ذَكَرْنا. وقال القاضى: إنَّما يَجبُ الدَّمُ إذا أخَّرَه لغيرِ عُذْرٍ، [فإن أخَّرَه لعُذْرٍ](2)، فليس عليه إلَّا قَضاؤُه؛ لأنَّ الدَّمَ الذى
(1) تقدم تخريجه في 7/ 543.
(2)
سقط من: م.